الرقص يجمع بين الفرقاء في جنوب السودان

عروض 'ميغا إندبندنت' تخصص عائداتها لتوفير رسوم دراسية وعلاج وحوافز للأيتام في ظل غياب المؤسسات.
فرقة موسيقية تسعى لنشر ثقافة السلام بجوبا
مبادرة ديفيد أوكوى تنقض أطفالا من التشرد

جوبا - تحظى عروض 'ميغا إندبندنت' برواج واسع في عاصمة جنوب السودان جوبا، حيث أصبحت أكثر شهرة وطلبا في البرامج والمناسبات الرسمية والشعبية، متميزة بتنوع انتماءات أعضائها القبلية بين 'الدينكا' و'الشكلك' و'النوير' و'الاستوائيين'.

ويقدم أعضاء فرقة 'ميغا إندبندنت' للرقص، عروضا متألقة في تجربة قلما تتوافر في واقع يومي أفسدته حرب قبلية أحدثت شروخًا هائلة في نسيج المجتمع.

وقبيل إعلان استقلال دولة جنوب السودان في يوليو/ تموز 2011 كان الشاب اوتيم ديفيد اوكوي مشغولًا بكيفية تحقيق أحد أحلامه، وهو مساعدة الأيتام والمشردين عبر مشروع يعزز في الوقت نفسه الوحدة القومية بين مكونات الدولة الوليدة.
وبدأ اوكوي مشروعه عبر تجميع أطفال وشباب أيتام ومشردين في العاصمة جوبا، وشرع بتدريبهم في منزله بحي 'مونكي' شمال المدينة على كيفية أداء الرقصات الشعبية الخاصة بقبيلة 'الأشولي' التي تقطن النواحي الجنوبية من البلد.
وفي يوم إعلان الاستقلال عن السودان دشنت الفرقة عملها وأُطلق عليها اسم 'ميغا إندبندنت' أي 'الاستقلال ملك لنا'.
وقال اوكوى رئيس الفرقة المعروفة شعبيًا أيضًا باسم 'فرقة الأشولي' إن "الفرقة تضم 25 راقصًا و15 راقصة معظمهم أيتام ومشردين ينحدرون من مختلف قبائل البلد ويوحد الرقص بينهم".
وتهدف الفرقة إلى العمل على تأكيد دور الرقص التقليدي في توحيد مكونات البلد ونشر ثقافة السلام والمصالحة.
وكانت قد نشبت في جنوب السودان بعد عامين من الاستقلال عام 2013، حرب أهلية اتخذت بعدًا قبليًا وخلفت قتلى ومشردين، قبل أن يتوصل الفرقاء العام الماضي إلى اتفاقية سلام يواجه تطبيقها عقبات عديدة.
وشدد اوكوى على أن نموذج التعايش والتآخي بين أعضاء الفرقة الذين يعيشون تحت سقف واحد كأخوة، هو خير تجسيد واقعي لأهداف الفرقة.
وتعتمد 'ميغا إندبندنت' في عروضها على ترديد أغاني الـ'لاراكارا' وهي أغانٍ تُؤدى في الأفراح وغيرها من المناسبات السعيدة.
وتصاحبها رقصات صاخبة تُؤدى عبر التمايل بين الشباب والشابات على إيقاع الطبول الإفريقية والقرع على أوانٍ بواسطة مطارق سلكية تصدر أصواتًا رنانة.
وقال منسق عام الفرقة، مارتن اتيك (39 عامًا) "نقدم ما لا يقل عن عشرة عروض في الشهر وتخصص عائداتها لتوفير احتياجات أعضاء الفرقة من رسوم دراسية وعلاج وحوافز".
وتابع "هو مشروع تكافلي يساعد هؤلاء الشباب عن طريق الرقص والغناء في ظل غياب المؤسسات التي تهتم بالأيتام والمشردين في جنوب السودان".
وحققت 'ميغا إندبندنت' تحولًا كبيرًا في حياة عشرة من أعضائها كانوا مجرد أيتام ومشردين.
من بين أعضاء الفرقة سيسليا أوكين (18 عامًا) التي تعود أصولها لقبيلة 'الشلك' الموجودة في إقليم أعالى النيل (شمال شرق).
وقالت أوكين "التحقت بالمجموعة منذ بدايتها في 2011، حينها كنت أقيم مع عمي، فلقد قُتل والدى في الحرب وماتت أمي أثناء الولادة".
وأضافت "التحقت بالفرقة بعد أن تحدث رئيسها مع عمي وبدأت أحضر بروفات لتعلم الأغاني، فلغة الأشولي تشبه كثيرًا لغة الشلك وبفضل التحاقي بالفرقة استطعت مواصلة الدراسة وأصبحت على أعتاب دخول الجامعة".
وقال جيمس يل  (22 عامًا) وهو عضو بالفرقة من 'الدينكا' "فقدت والدى في نزاع عشائري بمدينة اويل (شمال غرب) وتزوجت أمي من رجل آخر أساء معاملتي فتركت المدينة وحضرت إلى جوبا وأصبحت مشرادًا".
وتابع "لكن الحظ خدمني بعد أن التقيت بقائد الفرقة عام 2012 عندما اقتحمت أحد عروضها وشاركت معهم بالرقص، فأُعجب بأسلوبي وضمني للفرقة".
وأردف "لقد أنقذ حياتي، فأنا الآن طالب في السنة النهائية بجامعة جوبا بفضل انضمامي لأسرة 'ميغا إندبندنت'، فهي تمثل نموذجًا فريدًا للتعايش السلمي بين شباب وشابات جنوب السودان".