الرياض تتعهد بضمان استقرار سوق النفط

السعودية أكبر منتج للنفط، تجدد الالتزام بمواصلة سياسة الحفاظ على الاستقرار بالأسواق في جميع الأوقات وعدم خروجها عن نطاق التوازن، في تأكيد يأتي بعد قرار واشنطن إنهاء إعفاءات 8 دول تشتري النفط الإيراني، من العقوبات.

متابعة سعودية مستمرة لتطورات الوضع في أسواق النفط
الرياض ستتشاور مع منتجين آخرين لضمان عدم حدوث اضطراب في الإمدادات
أوبك تتحرك على أساس تقييم دوري للوضع في سوق النفط العالمية

الرياض - تعهدت السعودية أكبر منتج للنفط في العالم، اليوم الاثنين بضمان توازن السوق على اثر القرار الأميركي القاضي بإنهاء الإعفاءات عن ثماني دول التي سمح بموجبها لثماني دول بشراء النفط الإيراني.

ويأتي الإعلان السعودي ضمن جهود مواجه أي اضطراب في إمدادات الخام والتي من شأنها أن تحدث خلالا في تزويد سوق النفط العالمية مع بداية سريان القرار الأميركي.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح اليوم الاثنين إن الرياض ملتزمة بضمان "توازن" سوق النقط العالمية بعد القرار الأميركي.

ونقل بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (واس) عن الفالح قوله "تؤكد المملكة مجددا على مواصلة سياستها الراسخة والتي تسعى من خلالها إلى تحقيق الاستقرار بالأسواق في جميع الأوقات وعدم خروجها من نطاق التوازن".

وأكدت السعودية أنها تتابع باهتمام التطورات في أسواق النفط عقب بيان الحكومة الأميركية بشأن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيراني.

وأعلن الفالح أن المملكة ستقوم بالتنسيق مع منتجي النفط الآخرين من أجل التأكد من توفر إمدادات كافية من النفط للمستهلكين لضمان عدم خروج أسواق النفط العالمية عن حالة التوازن.

وقال "خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ستقوم المملكة بالتشاور الوثيق مع الدول الأخرى المنتجة للنفط والدول الرئيسة المستهلكة للنفط بهدف استمرار توازن الأسواق واستقرارها".

وتجري منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤها في اتفاق خفض الإنتاج بقيادة روسيا (أو ما بات يعرف بتحالف أوبك +) تقييمات دورية لتطورات الوضع في سوق النفط وعلى أساسها تتخذ ما تراه مناسبا لضمان عدم حدوث اضطراب في الإمدادات أو الأسعار.

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، دخلت حزمة عقوبات أميركية طالت صناعة النفط في إيران العضو في أوبك كما طالت المدفوعات الخارجية وأثرت على إنتاج الخام والصادرات.

ومنحت الولايات المتحدة 8 دول تشتري النفط الإيراني، إعفاءات مؤقتة من عقوباتها على إيران. والبلدان الثمانية هي تركيا والصين والهند وإيطاليا واليونان واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.

وإيران، كانت ثالث أكبر منتج للنفط الخام في أوبك قبل العقوبات الأميركية، فيما تراجعت حاليا إلى المرتبة الرابعة بعد السعودية والعراق والإمارات، بمتوسط إنتاج يومي يقدر بـ2.7 مليون برميل يوميا فيما كانت تخطط قبل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع في العام 2015 وإعادة العمل بنظام العقوبات السابق، لرفع إنتاجها لنحو 4 ملايين برميل يوميا.

وقال البيت الأبيض اليوم الاثنين إن ترامب قرر إلغاء جميع الإعفاءات الممنوحة لثمانية اقتصادات تتيح لهم شراء النفط الإيراني دون مواجهة عقوبات أميركية، فيما تعهد بضمان تلقي سوق النفط العالمية إمدادات جيدة.

وأضاف البيت الأبيض "الولايات المتحدة والسعودية والإمارات إلى جانب أصدقائنا وحلفائنا، ملتزمون بضمان أن تظل أسواق النفط العالمية تتلقى إمدادات كافية".

وقفزت أسعار النفط بعد تقارير صادرة يوم الأحد ذكرت أن الإعفاءات ستنتهي وتظل الأسعار مرتفعة اليوم الاثنين. وزاد سعر خام القياس العالمي برنت 2.6 بالمئة إلى 73.87 دولار للبرميل بعد أن لامس 74.31 دولار في وقت سابق وهو أعلى مستوى له منذ أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وربحت العقود الآجلة للخام الأميركي 2.4 بالمئة أو 1.52 دولار للبرميل مرتفعة إلى 65.52 دولار. ولامست العقود في وقت سابق المستوى المرتفع البالغ 65.87 دولار وهو أعلى مستوى لها منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2018.

لم يعد مسموحا لهذه الدول بمواصلة شراء النفط من إيران
لم يعد مسموحا لهذه الدول بمواصلة شراء النفط من إيران

وتضغط واشنطن على إيران لكبح برنامجها النووي وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة وأيضا قطع الشريان المالي الحيوي لميليشياتها في العراق ولبنان وسوريا واليمن.

وتخطط إدارة ترامب لخفض إيرادات إيران النفطية للصفر وفرضت في نوفمبر/تشرين الثاني حزمة عقوبات صارمة على قطاع النفط الإيراني لبلوغ هذا الهدف ولوحت بأن عقوباتها لن تستثني أي متعاملا مع إيران حتى لو كان من شركاء الولايات المتحدة، إلا أنها منحت بعض الاستثناءات لدول ترتبط باتفاقيات مع طهران مثل العراق ودول أخرى.

وحثّت في الوقت ذاته هذه الدول على التخلص من التبعية للنفط الإيراني وإيجاد بدائل أخرى. وبالفعل بدأ بعض كبار مشتري النفط الإيراني في تقليص مشترياتهم خشية أن تطالهم العقوبات الأميركية أو أن تتأثر إمداداتهم من النفط بتلك العقوبات.

العقوبات الأميركية على إيران دفعت طهران إلى أزمة سيولة وشح في النقد الأجنبي ما أرغمها على تقليص دعمها المالي لأذرعها في لبنان وسوريا والعراق واليمن

وكانت مصافي التكرير في الهند أكبر مشتر للنفط الإيراني قد عدّلت خططها مؤخرا باتجاه تقليص قياسي لمشترياتها في خطوة شكّلت ضربة موجعة لإيران التي تتمسك بالعناد وتصرّ مكابرة على أنها قادرة على مواجهة الضغوط الأميركية.

وإلى حدّ الآن تحاول طهران إظهار صمودها ضمن دعاية للاستهلاك المحلي فيما تجمع مؤشرات كثيرة على أن العقوبات الأميركية بدأت تحدث اختلال ماليا واقتصاديا في إيران.

وتأثر الكثير من القطاعات في إيران التي تواجه أزمة سيولة وشحا في النقد الأجنبي ما دفع مئات الإيرانيين للخروج في مظاهرات في الأشهر القليلة الماضية. وانطلقت شرارة الانتفاضة التي أخمدتها ميليشيات الحرس الثوري من بازار طهران حيث خرج مئات التجار في احتجاجات على شحّ النقد الأجنبي. وتوسعت الاحتجاجات لاحقا لعدد من المدن ومنها العاصمة طهران.

وفي دلالة أخرى على الأزمة التي تعيشها طهران، ألغت الأخيرة خطا ائتمانيا لحليفها الرئيس السوري بشار الأسد كما لم تدخل أي ناقلة نفط إيرانية للموانئ السورية منذ نحو ستة أشهر ما ارتد أزمة خانقة في دمشق التي تواجه منذ فترة شحا كبيرا في الوقود.   

وقلّصت إيران أيضا دعمها المالي لحزب الله اللبناني الذي فرضت عليه واشنطن عقوبات وقد أقر بالفعل بأنه يواجه أزمة مالية، حيث حثّ أمينه العام حسن نصر الله قبل فترة على جمع التبرعات معتبرا أن هذا نوعا من المقاومة للضغوط الأميركية.

وحزب الله الذي تقاتل قواته في سوريا حليف وثيق لإيران ويتلقى دعما ماليا وتسليحيا سخيا من طهران، سيكون على رأس الأذرع المسلحة الأكثر تضررا من العقوبات الأميركية على الجمهورية الإسلامية شأنه في ذلك شأن ميليشيات الحوثي في اليمن والفصائل الشيعية المسلحة في العراق.