السعودية تتعهد بالتدخل لحل الخلاف بين باكستان والهند سلميا

الدبلوماسية السعودية تدخل على الخط لرأب الصدع بين الهند وباكستان، تزامنا مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الآسيوية.
إسلام أباد ترتبط بتحالف تاريخي مع الرياض
تطويق مساعي طهران لاستغلال التوتر بين البلدين

إسلام أباد - تعهدت المملكة العربية السعودية المساعدة على "خفض التصعيد" على خلفية التوترات المتنامية بين إسلام أباد ونيودلهي خلال قمة عقدت في باكستان، اليوم الاثنين، في وقت يستعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتوجه إلى الهند، المحطة الثانية في جولته الآسيوية.

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، خلال مؤتمر صحافي في إسلام أباد، إن "هدفنا يتمثل بمحاولة خفض تصعيد التوترات بين البلدين الجارين والبحث عن مسار لحل هذه الخلافات سلميا".

و في آخر تطور للأزمة الدبلوماسية بين الجارتين استدعت باكستان سفيرها لدى الهند للتشاور وفقا لما نشره المتحدث باسم الخارجية الباكستانية على تويتر اليوم الاثنين.

وتعهدت نيودلهي بالرد عقب التفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل 41 جنديا من القوات الخاصة المساندة للجيش الهندي في كشمير الأحد، في هجوم هو الأكثر دموية تشهده المنطقة المتنازع عليها منذ عقود.

وأثار الهجوم دعوات واسعة في الهند للتحرك ضد باكستان.

ويستعد ولي العهد السعودي للتوجه إلى الهند في وقت لاحق الاثنين بعد زيارة ليومين في باكستان.

وكشمير مقسمة بين الهند وباكستان منذ حصل البلدان على استقلالهما عن بريطانيا في 1974. ويطالب الطرفان بالمنطقة كاملة وخاضا ثلاث حروب من أجلها.

وتبنت جماعة "جيش محمد" المتمركزة في باكستان هجوم الخميس.

وتحشد الهند الدعم الدبلوماسي لها بعد الهجوم وتعهدت بـ"عزل" باكستان دبلوماسيا على الصعيد الدولي قائلة إنها تملك "أدلة دامغة" على دور إسلام أباد في الهجوم. ورفضت باكستان بدورها الاتهامات.

وبعد وصوله في وقت متأخر الأحد، وقع الأمير محمد بن سلمان اتفاقات استثمارية مع إسلام أباد بقيمة 20 مليار دولار وتعهد بالإفراج عن آلاف السجناء الباكستانيين الموقوفين في السعودية.

وتواجه إسلام أباد أزمة جدية تتعلق بميزان مدفوعاتها وتأمل بأن تعزز الاتفاقيات الضخمة التي تم توقيعها خلال الزيارة وشملت سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم، اقتصادها المتعثر.

وحظي ولي العهد السعودي باستقبال حافل شارك فيه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وشمل 21 طلقة تحية ومرافقة من طائرات عسكرية وحرس الشرف. وتم منحه أرفع وسام مدني يطلق عليه "نيشان باكستان" الاثنين قبل توجهه إلى الهند للقاء رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعد جولة الأمير محمد بن سلمان الآسيوية والتي تشمل ثلاث دول أهم ظهور له على الساحة الدبلوماسية منذ مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين في ديسمبر الماضي.

وبعد الهند، يتوقع أن يختتم ولي العهد جولته الآسيوية بزيارة إلى الصين الخميس والجمعة.

ويرى محللون أن الجولة جزء من ميل دول الخليج نحو آسيا التي باتت تعد سوقا نفطيا متناميا. لكن الرياض تهدف من خلالها كذلك إلى بناء تحالف استراتيجي مع القوة النووية الإسلامية الوحيدة ليكون بمثابة جدار صد في وجه المطامع الإيرانية المتنامية في المنطقة.

وباكستان متهمة كذلك من قبل جارتها إيران (غرب) بحماية المسلحين الذين نفذوا هجوما أسفر عن مقتل 27 من عناصر الحرس الثوري الإيراني الأسبوع الماضي. وتعهد قائد قوات الحرس الثوري كذلك بجعل باكستان تدفع الثمن.

لكن إسلام أباد حظيت بدعم من الجبير في هذا السياق، الذي وصف طهران بأنها "الراعي الأول للإرهاب" خلال مؤتمر الاثنين الصحافي.

وترتبط إسلام أباد بتحالف تاريخي مع الرياض. لكنها لا تزال تلتزم الحذر عبر المحافظة على علاقات جيدة مع إيران.

وأشار الجبير كذلك إلى أن الرياض تواصل المشاركة في جهود واشنطن المستمرة منذ شهور والهادفة لإنهاء الحرب في أفغانستان التي أكد أن استقرارها "سيفيد (....) المنطقة برمتها".

وتدعم الأوساط السياسية السعودية التوجه الأميركي المتشدد من إيران المتهمة بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

وحض نائب الرئيس الأميركي مايك بنس خلال مؤتمر وارسو الأسبوع الماضي الدول الأوروبية على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران متوعدا طهران بمزيد من العقوبات.

ووصف بنس إيران بأنها "الخطر الأكبر" في المنطقة معتبرا أنها تعد "لمحرقة جديدة" بسبب طموحاتها الإقليمية.

وقال مراقبون إن الرياض بدأت بالفعل جهود ملء الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة في المنطقة برحيلها عن أفغانستان، وخلق جبهة مضادة لطهران، وذلك استكمالا لعمل متواصل منذ عقود تمثّل بتقوية باكستان لتكون حليفا مهمّا للرياض في منطقتها.

وأعلنت حركة طالبان الأسبوع الماضي أنها ستحضر محادثات مع الولايات المتحدة وباكستان في إسلام أباد الاثنين التي كان من المفترض أن تتزامن مع زيارة الأمير محمد.

لكن أيا من واشنطن أو باكستان لم تؤكد المحادثات فيما أعلنت طالبان الأحد أنها تأجلت كون عناصرها "لم يتمكنوا من السفر باعتبارهم على لوائح الولايات المتحدة والأمم المتحدة السوداء".

وقال الجبير خلال المؤتمر أن السعودية تعمل مع باكستان بهدف التوصل إلى تسوية بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، وترغب في حل سلمي بشأن الأزمة الأفغانية.

ويتوقع أن تجري جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وممثلي الحركة في الدوحة بتاريخ 25 فبراير.