السعودية تدعو لمعاقبة حزب الله في قضية اغتيال الحريري

محكمة لاهاي بعد 13 سنة على تأسيسها تعتبر سليم عياش، العضو في حزب الله "مذنبا بصفته شريكا في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجرة، وقتل رفيق الحريري عمدا".

بيروت - دعت السعودية الثلاثاء إلى "معاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية" بعدما دانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان العضو في الجماعة الشيعية سليم عياش في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري العام 2005 بعد محاكمة استمرت ستة أعوام.

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن المملكة ترى في الحكم القضائي "ظهوراً للحقيقة وبدايةً لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم"، داعية "لتحقيق العدالة ومعاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية".

وأضاف البيان أن حزب الله الذي يعتبر أداة للنظام الإيراني وثبت ضلوعه في أعمال تخريبية وإرهابية في بلدان عديدة، كانت جريمة اغتيال رفيق الحريري أحداها وأكثرها تأثيراً على أمن واستقرار لبنان".

وأوضحت الخارجية السعودية أن "المملكة تتطلع إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين دون استثناء، فالشعب اللبناني الشقيق يستحق استقراراً في وطنه ونماءً في اقتصاده وأمناً يبدد الإرهاب".

ورغم إدانة سليم عياش القيادي في حزب الله فقد اعتبر مناصرون لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن حكم المحكمة الخاصة بلبنان غير كاف وهزيل.

ووسط بيروت عبر مناصرو الحريري اليوم الثلاثاء عن خيبة أملهم إزاء قرار المحكمة الذي دان واحدا من أربعة متهمين من حزب الله بجريمة الاغتيال لكن لم يجد ما يكفي من الأدلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى قيادة الحزب ودمشق.

وعلى الرغم من إعلان زعيم تيار المستقبل سعد الحريري من لايدشندام قرب لاهاي حيث مقر المحكمة، باسم عائلته وعائلات الضحايا الذين قضوا في جريمة 14 شباط/فبراير 2005، "القبول" بالحكم الذي كشف بالنسبة إليه "الحقيقة" عن "الجريمة السياسية"، كان كثيرون ينتقدون المحكمة التي خرجت بالنسبة إليهم بحكم هزيل بعد 13 سنة على تأسيسها وست سنوات على المحاكمة.

وقال الطالب الجامعي أمين بارودي بعد متابعته جلسة النطق بالحكم في وسط بيروت "في النهاية، المتهمون قادة في حزب الله والمحكمة أدانت" أحدهم.

وأضاف "أنا اليوم من بيروت من قرب ضريح الرئيس الحريري.. سأبقى وأولادي مقتنعين أن من نفذوا الجريمة هم تابعون لحزب الله ولم يأخذوا القرار من تلقاء أنفسهم".

وقتل رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005 مع 21 شخصاً وأصيب 226 آخرون بجروح في انفجار استهدف موكبه في وسط بيروت. ووُجهت في ذلك الوقت اتهامات الى النظام السوري الذي كان يتحكم بكل مفاصل الحياة السياسية في لبنان، بالوقوف وراء الاغتيال.

وفي سردها للوقائع وتفاصيل الحكم، قالت المحكمة اليوم "لا شك أن الذين تآمروا لاغتيال الحريري قرروا قتله في حال واصل مساره بالابتعاد عن سوريا"، مشيرة إلى أن قرار الاغتيال "اتخذ على الأرجح في مطلع شباط /فبراير" بعد اجتماع للمعارضة المناهضة لسوريا كان يدعمه الحريري.

وذكرت أن لسوريا وحزب الله "دوافع ربما لاغتيال" الحريري "لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في الاغتيال"، و"ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر".

ووسط إجراءات أمنية مشدّدة، تجمع العشرات من مناصري تيار المستقبل قرب ضريح الحريري في وسط بيروت حيث وضعت مكبرات صوت نقلت مجريات الجلسة. وتوافد عدد من النواب لتلاوة الفاتحة على الضريح بينهم بهية الحريري، شقيقة رفيق الحريري التي بدا التأثر واضحاً على وجهها.

وقال وليد الحايك، وهو مناصر تيار المستقبل قدم من منطقة البقاع (شرق) "تأكدنا أن المحكمة مهزلة إذا كان سليم عياش هو من قتل رفيق الحريري".

وأضاف "لم نعد نراهن على شيء".

واعتبرت المحكمة سليم عياش، العضو في حزب الله، "مذنبا بصفته شريكا في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجرة، وقتل رفيق الحريري عمدا"، بينما قالت إن المتهمين الثلاثة الآخرين "غير مذنبين" بسبب عدم كفاية الأدلة.

ووصف الشيخ أحمد اللقيس قرار المحكمة بأنّه "مجحف بالنسبة إلى شريحة كبيرة من اللبنانيين"، لكنّه أكّد في الوقت ذاته أنه "قرار صادر عن محكمة دولية ويجب احترامه".

على موقع تويتر وتحت هاشتاغ "#حزب_الله_ارهابي"، كتبت مستخدمة "ارتاح الذين فجروا المرفأ اليوم، والجريمة والاغتيالات ستصبح سهلة للمجرمين. لا عدل ولا إنصاف في هذ الدنيا"، وذلك في إشارة إلى الانفجار الذي وقع في الرابع من آب/أغسطس في بيروت وخلّف 177 قتيلا وآلاف الجرحى.

وقال الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار على تويتر إن بعض مؤيدي حزب الله وحلفائه "الذين كانوا يشككون في شرعية المحكمة خلال السنوات الـ15 الماضية، يبدون مرتاحين للحكم"، فيما مؤيدو الحريري وحلفاؤه "الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر 'الحقيقة والعدالة' يبدون الآن مكتئبين لأنهم لا يستطيعون استغلالها".

وشكل اغتيال الحريري في فترة بالغة الحساسية صدمة في البلاد وأثار نقمة شعبية واحتجاجات ساهمت في انسحاب الجيش السوري من لبنان بعد 30 عاماً من التواجد.

واعتبر بهاء الحريري، الابن الأكبر لرئيس الحكومة الأسبق، في بيان أن "المحكمة أكدت أن الاغتيال كان فعلاً سياسياً نفذه هؤلاء الذين كان والدي يهدد أنشطتهم وبعدما قرر أن على سوريا مغادرة بلدنا".