السعودية تعتزم سداد ديون سوريا للبنك الدولي تمهيدا لإعادة الإعمار
الرياض – أفادت ثلاثة مصادر مطلعة بأن السعودية تعتزم سداد ديون على سوريا للبنك الدولي، مما يمهد الطريق للموافقة على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار ودعم القطاع العام المتعثر في البلاد.
وتُعد هذه الخطط، التي لم يُكشف عنها سابقاً، أول حالة معروفة لتقديم السعودية تمويلاً لسوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، وقد تشكل بداية دعم جوهري من دول الخليج العربي، بعد تعثر محاولات سابقة أبرزها مبادرة قطرية لتمويل رواتب موظفي الدولة، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وتبلغ المتأخرات المستحقة على سوريا للبنك الدولي نحو 15 مليون دولار، وهي عقبة أساسية أمام إمكانية حصولها على أي منح أو مساعدات مستقبلية من المؤسسة المالية الدولية.
وقال مصدران مطلعان إن البنك الدولي ناقش إمكانية تمويل مشاريع لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء المتضررة في البلاد، بالإضافة إلى دعم رواتب موظفي القطاع العام.
لكن جهوداً سابقة لسداد هذه الديون، تضمنت مقترحاً باستخدام أصول سورية مجمّدة في الخارج، لم تنجح.
وأفادت رويترز في تقرير السبت، أن سوريا سترسل وفداً رفيع المستوى إلى واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية الربيعية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في وقت لاحق من هذا الشهر، في أول زيارة لمسؤولين سوريين إلى الولايات المتحدة منذ الإطاحة بنظام الأسد.
لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كان هذا الوفد سيجري أي لقاءات رسمية مع مسؤولين أميركيين، في ظل استمرار العقوبات الأميركية الصارمة.
ورغم إصدار الولايات المتحدة في يناير/ كانون الثاني الماضي إعفاءً من بعض العقوبات لمدة ستة أشهر لتشجيع المساعدات الإنسانية، إلا أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن تأثير هذا الإجراء كان محدوداً.
واجتمع وزير الاقتصاد السوري السابق باسل عبدالحنان، في فبراير/شباط الماضي مع المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جون كريستوف، لمناقشة استئناف العلاقات بين البنك الدولي وسوريا وآفاق تطويرها.
وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن الوزير عبدالحنان اقترح تشكيل لجنة مشتركة من الوزارة والبنك الدولي، "لإجراء تقييم لبداية جديدة لعمل البنك في سوريا".
وقال عبدالحنان إن "نوعية التمويل الذي سيقدمه البنك هو الذي سيحدد نوع المشاريع التي سيتم تمويلها، في ظل وجود عقبات أساسية للتعاون، تتمثل في قطاعات الطاقة والزراعة والصناعة والإنشاءات والبنى التحتية".
وأشار الوزير السوري إلى "أهمية منح القروض للصناعيين الذين دمرت منشآتهم، لكي تعود مجدداً للعمل مع إمكانية إنشاء صندوق استثماري لدعم الصناعة، في حال قدم البنك الدولي منحاً في هذا المجال".
من جانبه، أكد المدير الإقليمي في البنك الدولي أن البنك "يريد أن يتعرف إلى احتياج سوريا ليتمكن من تحديد نشاطه فيها، من خلال إجراء دراسات جديدة وتحديث الدراسات السابقة، إضافة إلى تقديم الدعم الفني، وتمويل المشاريع في العديد من القطاعات".
ويمكن أن يشكّل استئناف التعاون بين سوريا والبنك الدولي خطوة مهمة نحو التعافي الاقتصادي، حيث يسهم في تمويل إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات وتحسين الاستقرار المالي ودعم التنمية المستدامة.
ووفق نظامه الداخلي، يهدف البنك الدولي إلى دعم التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر في الدول النامية، من خلال تقديم قروض طويلة الأجل ومساعدات مالية لمشاريع البنية التحتية والتنمية، بما في ذلك بناء المدارس والمستشفيات وشبكات الطرق والكهرباء.
كما يدعم البنك الدولي الإصلاحات الاقتصادية وتحفيز الاستثمار، ويركز على استقرار الاقتصاد الكلي للدول الفقيرة ومساعدتها في الأزمات المالية لتحقيق النمو الاقتصادي.
ويمكن للبنك الدولي أن يقدم قروضاً ميسّرة أو منحاً مالية لتمويل مشاريع الحكومة السورية في إعادة بناء البنية التحتية، مثل الكهرباء، المياه، الطرق، والمستشفيات، مما يسهم في إنعاش الاقتصاد وخلق فرص عمل، ويعمل على تمويل إعادة تأهيل القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة، مما يعزز الاكتفاء الذاتي ويقلل الحاجة إلى الاستيراد.
وفي حال استئناف العلاقات، يمكن للبنك الدولي تقديم استشارات اقتصادية للحكومة السورية حول الإصلاحات المالية والنقدية، مما يساعد على استقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة بالاقتصاد. فضلاً عن ذلك، قد يوفّر البنك الدولي برامج دعم لليرة السورية عبر خطط تمويلية أو مساعدات مالية، تسهم في تقليل التضخم وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.