السعودية لا تمانع علاقات مميزة مع إيران وتدعو الحوثيين للحوار

ولي العهد السعودي يوضح في مقابلة تلفزيونية مطولة أن بلاده لا تريد أن تكون إيران في وضع صعب فهي في النهاية دولة جارة، لكنه شدد على أن المشكلة هي في سلوك طهران العدواني وممارساتها المزعزعة للاستقرار.
الأمير محمد: الحوثيون في النهاية يمنيون وعليهم الجلوس إلى طاولة المفاوضات
واشنطن شريك استراتيجي وليس لدى الرياض سوى خلافات قليلة مع إدارة بايدن
السعودية تعمل على حل الخلافات مع إدارة بايدن ولا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية
يمكن أن يكون لإيران مصالح في الرياض وللسعودية مصالح في طهران

الرياض - تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساء الثلاثاء في مقابلة مطولة مع قناة 'السعودية' الحكومية عن عدة ملفات سياسية واقتصادية تتصدرها رؤية المملكة 2030 الطموحة والمحادثات مع إيران والوضع في اليمن واعتداءات الحوثيين إضافة إلى العلاقات مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس جو بايدن التي يبدي موقفا مغايرا لسلفه دونالد ترامب في عدة قضايا المنطقة.

وأكّد الأمير محمد أنّ المملكة تطمح لأن تقيم علاقات "مميزة" مع إيران، في تصريحات تأتي بعدما أعلنت مصادر عن لقاء في بغداد بين وفدين من الخصمين اللدودين.

والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين الجمهورية الإسلامية والمملكة منذ 2016 وتتبادلان باستمرار التهم بزعزعة استقرار الشرق الأوسط.

وقال ولي العهد في مقابلة مع قناة "السعودية" بثتها أيضا قناة الإخبارية "في الأخير إيران دولة جارة وكل ما نطمح أن يكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران"، مضيفا "لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".

وتابع "إشكاليتنا هي في التصرفات السلبية التي تقوم بها إيران سواء من برنامجها النووي أو دعمها لميليشيات خارجة عن القانون في بعض دول المنطقة أو برنامج صواريخها البالستية".

ولم يتطرق الأمير محمد إلى اللقاء مع طهران في بغداد، لكنّه قال "نعمل مع شركائنا في المنطقة والعالم لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقة طيبة وايجابية للجميع".

وكان ولي العهد السعودي قد هاجم في تصريحات سابقة إيران، متسائلا في احدى المقابلات التلفزيونية "كيف يمكن أن أتفاهم مع شخص أو نظام قائم على إيديولوجية متطرفة"، مضيفا "سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران".

لكن في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة وعلى ضوء عمل واشنطن على إحياء الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015 وطرح مبادرات لضمان توقف إيران عن سلوكها العدواني المزعزع للاستقرار في المنطقة، عدلت السعودية مواقفها نسبيا باتجاه تهدئة التوترات والالتفات بشكل أوسع إلى حلول دبلوماسية تنهي الوضع الراهن والانتقال من الصدام إلى الحوار وهو أمر مفهوم ومنطقي في ظل الظروف الراهنة.  

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال مصدر حكومي عراقي وآخر دبلوماسي غربي إن لقاء جمع مطلع أبريل/نيسان ببغداد وفدين رفيعي المستوى من السعودية وإيران. وبقيت هذه المناقشات سرية إلى أن كشفت عنها صحيفة 'فاينانشال تايمز' البريطانية.

وفيما نفت الرياض ذلك عبر صحافتها الرسمية، لم تعلق طهران على الأمر واكتفت بالتأكيد على أن الحوار مع السعودية كان "دائما موضع ترحيب".

وتدعم كل من المملكة العربية السعودية وهي حليفة لواشنطن، وطهران التي تعادي الولايات المتحدة، أطرافا متعارضة في النزاعات الرئيسية في الشرق الأوسط، خصوصا في اليمن وسوريا والعراق.

وتتهم الرياض طهران بشكل خاص بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن الذين يهاجمون المملكة بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية إيرانية الصنع في خضم الحرب القائمة بعد انقلاب المتمردين المدعومين من إيران على السلطة اليمنية الشرعية والتي تقود فيها المملكة تحالفا عربيا ضد ميليشيا الحوثي.

ودعا الأمير محمد المتمردين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات "للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضا مصالح دول المنطقة".

وأضاف "العرض المقدم من السعودية هو وقف إطلاق النار والدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات".

وتابع "لا شك أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني لكن أيضا الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة العروبية واليمنية الذي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر".

وعن العلاقات مع الولايات المتحدة قال ولي عهد السعودي، إن واشنطن شريك استراتيجي وأنه ليس لدى الرياض سوى خلافات قليلة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وتعمل على حلها، موضحا أيضا أن المملكة لن تقبل أي تدخل في شؤونها الداخلية.

وجاءت تصريحات الأمير محمد بينما جدد مجلس الوزراء السعودي الذي عقد جلسته مساء الثلاثاء عبر الاتصال المرئي برئاسة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز التذكير بـ"الدور الهدام" لإيران وخطورتها النووية.

وقال وزير الإعلام المكلف ماجد بن عبدالله القصبي، إن مجلس الوزراء تناول خلال جلسته "مستجدات الأحداث في المنطقة والعالم".

وشدد المجلس على مضامين كلمة المملكة أمام مجلس الأمن الدولي في الجلسة المنعقدة بشأن الوضع في الشرق الأوسط وما عبرت عنه من القلق العميق لدول المنطقة من الخطوات "التصعيدية" التي تتخذها إيران "لزعزعة الأمن والاستقرار ليمي، ومن ضمنها برنامجها ‏النووي.

وكانت الرياض قد تحدثت في كلمتها أمام مجلس الأمن الدولي عن "دور إيران الهدام من خلال دعمها الميليشيات الحوثية الإرهابية وهجماتها على المنشآت النفطية والمدنيين والبنية التحتية".

ودعت كذلك المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم تجاه السياسات الإسرائيلية والدفع بعملية السلام قدما للوصول إلى اتفاق يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.

وفي تطور آخر على علاقة بالتوتر القائم في المنطقة، أطلقت البحرية الأميركية طلقات تحذيرية باتجاه ثلاثة زوارق تابعة لخفر السواحل الإيرانية كانت قد اقتربت كثيرا من سفينتين حربيتين تابعتين لها في الخليج، حسب ما أعلن الثلاثاء الأسطول الخامس الأميركي.

ووقع الحادث أمس الاثنين حوالى الساعة 20:00 بالتوقيت المحلي عندما اقتربت ثلاثة زوارق سريعة تعود لوحدة خفر السواحل التابعة للحرس الثوري لمسافة أقل من 70 مترا من السفينة الدورية يو إس إس فايربولت التابعة للبحرية الأميركية ومن السفينة بارانوف التابعة لخفر السواحل الأميركية، وفق ما قالت في بيان ريبيكا ريباريتش المتحدثة باسم الأسطول الخامس الذي يتخذ البحرين مقرا.

وأشارت إلى أن الطواقم الأميركية وجهت إنذارات شفهية عدة للطواقم الإيرانية عبر أجهزة اللاسلكي ومكبرات الصوت "لكنّ الزوارق الإيرانية واصلت مناوراتها".

وتابعت "من ثم أطلق طاقم فايربولت طلقات تحذيرية عدة وابتعدت زوارق الحرس الثوري".

وبحسب البحرية الأميركية فإن السفينتين الأميركيتين كانتا تسيّران "دوريات روتينية في المياه الدولية".

وهذا ثاني حادث بين البحرية الأميركية وسفن إيرانية منذ بداية العام. وهي المرة الأولى منذ عام 2017 التي تطلق فيها البحرية الأميركية طلقات تحذيرية.

والثلاثاء أعلن الأسطول الخامس الأميركي أن قطعا بحرية تابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني اقتربت في شكل "عدواني" من سفينتين أميركيتين في مياه الخليج هذا الشهر.

وأوضح الأسطول الخامس في بيان أن سفينة وثلاثة زوارق هجومية سريعة إيرانية اقتربت من السفينتين الأميركيتين اللتين كانتا تسيّران دوريات أمنية روتينية في الثاني من أبريل/نيسان.

ووقعت عدة أحداث مماثلة في مياه الخليج قرب مضيق هرمز الاستراتيجي في الأعوام الماضية كادت تؤدي إلى مواجهات بين الطرفين.