السلطات الجزائرية تستعيد عصا القمع في مواجهة الاحتجاجات

الشرطة تمنع بالقوة مظاهرة رافضة لاستمرار رموز نظام بوتفليقة في الحكم من الوصول لساحة البريد المركزي بالعاصمة.

عدد من المتظاهرين يتفاوضون مع الشرطة لفتح المجال امامهم
المتظاهرون يعدون بمواصلة مسيراتهم السلمية طيلة شهر رمضان
رئيس الوزراء السابق آيرولت وزعيم حزب فرنسا المتمردة ميلانشون من بين المطالبين باطلاق سراح حنون

الجزائر - شرع المئات في التظاهر مبكرا بالعاصمة الجزائرية في التجمع في الجمعة الثالثة عشر منذ بداية الحراك الشعبي، رفضا لاستمرار وجوه بوتفليقة في الحكم، وسط منع الشرطة لهم من الوصول لساحة البريد المركزي.
وبدا نحو ألفي متظاهر التجمع قرب ساحة البريد المركزي وسط العاصمة في حدود العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي (9 ت.غ)، رافعين أعلاما وطنية وشعارات مناهضة لرموز نظام بوتفليقة.
وعكس المرات السابقة، قام عناصر الشرطة بتطويق ساحة مبنى البريد المركزي، وركن مركبات للشرطة أمامه ومنع المتظاهرين من التجمع.
ولوحظ قيام عدد من المتظاهرين بالحديث والتفاوض مع عناصر الشرطة بهدف فسح المجال أمامهم للتجمع ببهو مبنى البريد المركزي لكن دون جدوى.

وتحول البريد المركزي بوسط الجزائر العاصمة، إلى معلم رمزي للحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير/ شباط الماضي، ودفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لتقديم استقالته مطلع أبريل/ نيسان الماضي.
ورفع المحتجون لافتات تضمنت رفضا لانتخابات 4 يوليو تموز الرئاسية، مثل "لا انتخابات حتى ترحل العصابة".
كما ردد المتظاهرون شعارات تطالب بتطبيق المادة 7 من الدستور الجزائري التي تنص على أن الشعب مصدر كل السلطات.

لا انتخابات حتى ترحل العصابة

وكان الرئيس الجزائري بن صالح قد حدد 4 يوليو/ تموز المقبل لإجراء انتخابات الرئاسة، رغم رفضها شعبيا ومن طرف جل أطياف المعارضة في البلاد.
وهتف المشاركون في المسيرة المبكرة ضد رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح وطالبوه بالتنحى هو ورئيس الوزراء نور الدين بدوي وأعضاء حكومته لتصريف الأعمال.
وتوعد المتظاهرون بمواصلة مسيراتهم السلمية طيلة شهر رمضان رغم الصيام، ورددوا "ماناش حابسين" ومعناها لن نتوقف عن التظاهر.
وتخللت المظاهرة المبكرة شعارات مطالبة بمحاسبة جميع الفاسدين خلال حقبة بوتفليقة ورددوا "يتحاسبوا قع" بمعنى "يجب محاسبتهم جميعا".
كما طالب المتظاهرون بعدالة حرة ونزيهة في معالجة قضايا الفساد، بعيدا عن عدالة انتقامية او انتقائية.
ومنذ اسابيع باشرت السلطات القضائية المدنية والعسكرية تحقيقات في قضايا فساد وأخرى للتآمر على الجيش، وتم ايداع بعضهم الحبس المؤقت على ذمة التحقيق.
ومست التحقيقات شخصيات ووجوها بارزة من حقبة بوتفليقة، منها شقيقه السعيد وقائدي المخابرات السابقين الجنرال توفيق واللواء بشير طرطاق، ورئيسي الوزراء السابق احمد اويحي وعبد المالك سلال اضافة لوزراء ورجال أعمال.

كما مست التحقيقات شخصيات سياسية معروفة على غرار الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون.

الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون
ألف شخصية فرنسية تدعو للافراج عن حنون

ووقعت حوالى ألف شخصية فرنسية من ناشطين سياسيين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان الجمعة نداء يطالب "بالإفراج الفوري" عن حنون المتهمة"بالتآمر" في بلادها.

ويفترض أن تنظر المحكمة العسكرية في الجزائر في 20 أيار/مايو في طلب الإفراج عن حنون الموقوفة بتهمتي"المساس بسلطة الجيش" و"المؤامرة ضد سلطة الدولة" في قضية سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، بحسب محاميها.

وقال المحامي بوجمعة غشير إن حنون "متهمة بنفس التهم" الموجهة إلى سعيد بوتفليقة الذي كان مستشارا لشقيقه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة والفريق محمد مدين المعروف باسم "توفيق" وشغل منصب مدير جهاز الاستخبارات في الجزائر على مدى 25 عاماً، والمنسّق السابق للمصالح الأمنية عثمان طرطاق المعروف باسم "بشير".

وبين الشخصيات الموقعة للنداء رئيس الوزراء السابق جان مارك آيرولت وزعيم حزب فرنسا المتمردة اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون والأمين العام للكونفدرالية العامة للشغل فيليب مارتينيز والرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان المحامي هنري لوكلير.

ويدين الموقعون هذا "التوقيف التعسفي الذي يثير تعاطفا مشروعا".

وأكد الموقعون في بيان أن "لويزة حنون معروفة في كل مكان منذ سنوات بسبب مواقفها ومعاركها من أجل الدفاع عن الديموقراطية والحريات وحقوق النساء إلى جانب الشعوب والمقموعين"، مشيرين إلى أنه "سواء كنا نتفق مع مواقفها السياسية او لا نتفق، لا شيء يبرر توقيفها. نطلب الإفراج عنها فورا".

سواء كنا نتفق مع مواقفها السياسية او لا نتفق، لا شيء يبرر توقيفها. نطلب الإفراج عنها فورا

وأكد معدو العريضة أن "أكثر من ألف شخص" قاموا بتوقيعها حتى الآن.

وكان غشير أكد أن لويزة حنون "التقت فعلا سعيد بوتفليقة وهو لا يزال في منصبه مستشارا للرئيس، لوحده وبطلب منه وهذا كل ما يوجد ضدها في الملف".

وتحدث حزب العمال الذي تقوده حنون منذ تأسيسه في 1990 عن "حملة قذرة يواجهها حزب العمال وأمينته العامة" وطالب بالافراج عنها.

وحنون النائبة منذ 1997 ترشحت للانتخابات الرئاسية الثلاث الأخيرة التي فاز في الدورة الأولى من كل منها عبد العزيز بوتفليقة بأكثر من ثمانين بالمئة من الأصوات. في الثاني من نيسان/أبريل، استقال بوتفليقة المُقعد بسبب جلطة دماغية، إثر حركة احتجاج غير مسبوقة.