السوداني يستعين بمرجعية النجف لحشد الدعم لنزع سلاح الفصائل
بغداد – يواصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الحديث عن "حصر السلاح بيد الدولة" و"الدولة وحدها من تقرّر الحرب والسلم"، باعتبارها من ركائز برنامجه الحكومي. وجاءت زيارته إلى النجف مناسبة لبعث رسائل الى الفصائل بأن برنامجه يتطابق مع رؤى المرجعية.
وقال السوداني، خلال زيارة إلى النجف الأربعاء، لإطلاق "مشاريع خدمية"، إن "المرجعية العليا وجَّهت بمبادئ عامة حرصنا عليها في برنامجنا الحكومي، وأهمها ضرورة الحفاظ على الدولة، ومحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة"، مؤكداً أن "الإرادة والحزم يتوافران في اتخاذ أي قرار للمحافظة على استقرار العراق، وآن الأوان للانشغال بخدمة شعبنا".
وكانت مرجعية علي السيستاني في النجف قد جدَّدت دعوتها إلى "حصر السلاح بيد الدولة"، بعد أيام من إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، نهاية يونيو/حزيران الماضي، الذي كاد يجرّ فصائل عراقية إلى الانخراط في التصعيد.
وخلال زيارته لإحدى عشائر مدينة النجف، الأربعاء، قال السوداني إن "دور العشائر مهم، ويمكنها المساعدة في مكافحة المخدرات وحصر السلاح"، معرباً عن ثقته بهم في "الحفاظ على المكتسبات مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، وحثهم على المشاركة في الانتخابات".
وذكر المكتب الإعلامي للسوداني في بيان الأربعاء أنه أشار إلى أن "بغداد لا تسمح لأي طرف أو جهة بالمزايدة على ثوابتها ومبادئها، وخاصة حين التحدث عن سيادة القانون الذي يحمي الجميع، مؤكدا أن الدولة بمؤسساتها الرسمية هي المعنية بقرار السلم أو الحرب أو العلاقات الخارجية".
ويأتي الجدل حول ملف سلاح الفصائل بالتزامن مع استعداد القوى السياسية في البلاد إلى إطلاق دعاية انتخابية وتشهد مشاركة السوداني الذي يقود واحداً من أبرز التكتلات البرلمانية، زخما كبيرا بهدف الفوز بولاية ثانية.
ويسعى رئيس الحكومة في سبيل تعزيز حظوظه الانتخابية، إلى معالجة ملفات عالقة في الداخل والخارج لكي يتفرغ لمعركته الانتخابية، في وقت يسعى فيه خصومه من قوى "الإطار التنسيقي" إلى وضع عراقيل أمام خطواته، وفقاً لمقربين من الحكومة.
وعاد إلى الواجهة ملف سلاح الفصائل المسلحة في العراق بعد دعوة زعيم "التيار الوطني الشيعي"، مقتدى الصدر، إلى "تسليم السلاح للدولة" و"حلّ الميليشيات"، ودعوة موازية من ممثّل المرجعية العليا عبد المهدي الكربلائي، إلى حصر السلاح ومكافحة الفساد.
وطالب الصدر الذي اعتزل السياسة أكثر من مرة، عبر تغريدة في الرابع من يوليو/تموز الجاري، بـ"تقوية الجيش والشرطة، واستقلال القرار العراقي"، لكن ردّ الفعل لم يتأخّر، إذ سارع المسؤول الأمني في "كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، إلى التأكيد أن "السلاح لن يُسلّم"، معتبراً أن هذه الدعوات لا تعبّر عن إرادة الشعب العراقي، بل تأتي "في سياق الضغوط الأميركية المتصاعدة"، في إشارة إلى دور السفارة الأميركية في بغداد.
بدوره، اتهم أبو آلاء الولائي الأمين العام لكتائب "سيد الشهداء"، القائم بأعمال السفارة الأميركية بالضغط لمنع تمرير قانون "الحشد الشعبي"، واصفاً هذا الضغط بأنه محاولة لـ"تهميش صنّاع الأمان". واعتبر أن تمرير القانون سيكون "رداً مباشراً على الضغوط الخارجية"، محذّراً من عواقب تجاهل دور "الحشد" في المعادلة الأمنية والسياسية.
ويدور الحديث في العراق أن بقاء السلاح خارج سلطة الدولة يمثّل تهديداً مستمراً لأي تسوية أو استقرار في البلاد، وباتت الحكومة، والمرجعية، والتيار الصدري، متفقين على حصر السلاح.
على أن ملف السلاح خارج إطار الدولة لا يتعلّق فقط بأمن الداخل العراقي، بل يمثّل أيضاً جزءاً من الاصطفاف الإقليمي الذي يتأثّر بالحرب في قطاع غزة، والتصعيد الأميركي - الإيراني، ومحاولات واشنطن إعادة ترتيب التحالفات في المنطقة. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الضغط الأميركي على الحكومة يترافق مع تحركات إيرانية تهدف إلى تهدئة الأوضاع، خشية أن يتحوّل وجود الفصائل المسلحة إلى عبء داخلي يُستغل لإرباك البيت الشيعي أو ضرب الاستقرار النسبي الذي تحقّق بعد انتخابات 2021.
ومنذ فبراير/شباط 2025، فشلت قوى "الإطار التنسيقي" في الاتفاق على تمرير قانون "الحشد الشعبي"، بسبب خلافات تتعلق بسن التقاعد، مما قد يُخرِج رئيس الهيئة وآخرين من مناصبهم، إلى جانب جداول فنية تتعلق بسلّم الرواتب والدرجات الوظيفية.