السورية باسمة قصاص تروي رحلتها من الشعر الى القصة

بدأت بكاتبة الشعر المحكي والزجل في المرحلة الاعدادية وفي الثانوية كتبت الشعر العمودي والتفعيلة، بداية انطلاقتها الابداعية كانت من بوابة الشعر ثم اتجهت نحو القصة القصيرة وأدب الطفل والشعر المحكي والزجل لكنها لم تتخلّ عن الشعر بحيث ظل محبوبها وهاجسها الأول.
'روعة القصة تكمن في أنها الأقدر على استمالة الأسماع أكثر من الشعر لما فيها من بساطة اللغة'
'على الشاعر ألا يهمل الإيقاع أو الوزن والموسيقى في بناء القصيدة'

كاتبة وشاعرة سورية، من مواليد مدينة دمشق 1958، بدأت بكاتبة الشعر المحكي والزجل في المرحلة الاعدادية، وفي الثانوية كتبت الشعر العمودي والتفعيلة، بداية انطلاقتها الابداعية كانت من بوابة الشعر، ثم اتجهت نحو القصة القصيرة وأدب الطفل والشعر المحكي والزجل، لكنها لم تتخلّ عن الشعر، بحيث ظل محبوبها وهاجسها الأول، وها هي الآن تسير بخطوات واثقة على دروب الابداع من شعر وقصة، وتنتج أدباً فيه الكثير من حكايات الجمال، وكل همها خلق المسرّة في قلوب الآخرين، وما زالت تحلق في سماء الابداع من شعر وقصة وأدب الطفل وتنشر نتاجها في الصحف والدوريات المحلة والعربية.

صدر لها حتى الآن:

1ـ لولاك. مجموعة شعرية. دار العراب، دمشق.

2ـ دروب العشق. مجموعة شعرية. دار العراب، دمشق. 3ـ لماذا حزنت النحلة. أدب الأطفال. الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق.

ـ الملكة التي أصبحت ملكة جمال.أدب الأطفال. الامارات العربية المتحدة.

سألناها عمن هي باسمة قصاص وكيف تصف للقارئ الكاتبة والشاعرة التي بداخلها فقالت "لعل إجابة هذا السؤال ليست بسيطة ولا سهلة فلا أظن أنّ أحدًا من الشعراء والكتّاب والمبدعين عمومًا يمكنه أن يتحدث بدقة واصفًا نفسه،وما أستطيع قوله في هذا المضمار أنني مجرد عاشقة للكتابة وسابحة في أجوائها وهذا العشق يكبر يومًا بعد يوم".

 أما عن الشعور بالتعب والإحباط من الكتابة بسبب الأوضاع التي يمر بها بلدها، وهل أثر الوضع السيئ على إبداعها "بالتأكيد ما حدث ويحدث في وطني الحبيب سوريا كان له تأثير كارثي على جميع مفاصل الحياة فيها ومنها الحياة الأدبية والفنية والثقافية، مع هذا فهناك إرادة بالتحدي والمواجهة ومتابعة الكتابة والتعب وارد أكيد في الكتابة كما في غيرها من الأعمال ولكنه تعب فيه من نشوة الإبداع ما يجعله يُنسى سريعًا".

أما عن ديوانها الشعري الأول وماذا أضاف إلى تجربتها الشعرية قالت "من الأمور التي تشجع الشاعر وتدفعه إلى الأمام بقوة عرض إبداعه على الناس بشتى الطرق والأساليب والوسائل ومنها إصدار الدواويين".

"من هنا فإنني أستطيع القول إنّ مجموعتي الأولى والثانية قد أضافتا إليّ الكثير وشجعتاني ودفعتاني لمواصلة ما بدأته بالكتابة المستمرة لإنتاج ما هو أكثر وأفضل أملًا في تثبيت قدميّ على أرض صلبة في عالم العطاء هذا".

وعن اللغة كإحدى اللبنات في النص الشعري أو القصصي ودورها في نصوصها تؤكد قصاص "بل هي أهم اللبنات، إذ كيف لنا أن نبدع بعيدًا عن اللغة التي هي لسان الشاعر وصوته؟ فكلما اجتهد في تقويمها وتحسينها وإتقانها كلما استطاع أن يعبّر عما يريده أحسن تعبير، فالتفكير مهما كان قويًا لا يمكنه أن يرى النور دون لغة جيدة تترجمه وتبرز مراميه، وما زلت أحاول أن تكون لي لغة صحيحة متميزة أستطيع من خلالها التواصل مع المتلقي بنجاح."

"القصيدة والموسيقى توأمان، والحضور الإيقاعي في النّص الشّعري يمشي جنبًا إلى جنب مع الصور الشّعرية، يتناغمان، فيستدعي أحدهما الآخر، والقصيدة التي لا تُطرب سامعها لا يحق لها الانتماء إلى الشعر، وقد قال جبران: أنينُ النّاي يبقى بعدَ أن يفنى الوجود؟"

أما عن الموسيقى والحضور الايقاعي في النص الشعري قالت "إنّ الشعر ما يميزه عن غيره من أنواع الكتابة هو الإيقاع أو الوزن والموسيقى، وعلى الشاعر ألّا يهمل هذا الجانب المهم في بناء القصيدة حتى وإن كان يكتب قصيدة النثر محاولًا إخراجها جميلة الإيقاع ليطرب لها وبها قارئها أو مستمعها".

وحول الجمال والصور البهية في قصيدتها العمودية وكذلك التفعيلة ومن أين يتأتّى لها كل هذا، من الشحن العاطفي أم صدق التجربة أم من شحنة الروح، أم من التمكن اللغوي، أم من ماذا قالت "من كل هذه مجتمعة، فالتجربة مهما كانت طويلة لن تصل إلى شيء بمنأى عن التمكن اللغوي والشحن العاطفي، سيما وأنّ الشعر أساسه الشعور ومنطلقه الإحساس والروح قبل الفكر، فكيف سيكون حال القصيدة إن خلت من صدق الإحساس وسلامة اللغة والتفكير؟".

وعن خروج القصيدة عن إطار الوزن والقافية واعتبارها مجرد خاطرة وليست قصيدة "أنا مع رأيك هذا تمامًا وإن كنت أرى أنّ بعض الخواطر إن جاءت متقنة لا تخلو من بعض الشاعرية وإن كنا لا نستطيع وصفها بأنها شعر".

لاشيء يقتل الشعر إلّا خلوّه من العاطفة وابتعاده عن الإدهاش وسقوطه في مستنقع الرتابة والتقليد

أما بخصوص التسمية التي يجب تطلق على قصيدة النثر، وكيف تنظر شاعرتنا إليها تقول قصاص "أنا مازلت أكتب قصيدة النثر ولم أصل إلى درجة القطيعة معها وأفضّل الحفاظ على نعتها بالنثر مهما بلغ حجم شاعريتها وعلى من يكتبها ألّا يهمل الإيقاع الداخلي في بنائها".

وسالناها عن الشاعرة الموهوبة التي تكتب تحت الحالة العاطفية ولا تقع في الرتابة والمشاعر لديها نهر دفاق دائم الفيض، ومن لا تكتب تحت الحالة العاطفية لن تستطيع أن تطوّر أدواتها، تحدد رموزها وبالتالي ستقع في تقليدية مملة قالت "نعم هذا أكثر من صحيح، فلاشيء يقتل الشعر إلّا خلوّه من العاطفة وابتعاده عن الإدهاش وسقوطه في مستنقع الرتابة والتقليد، والقصيدة الخالية من صدق العاطفة تولد ميتة وتبقى ميتة".

وعن القصة في نظرك، وأين تكمن روعتها، وما هي العناصر الأساسية التي تجعلها ناجحة بكل المقاييس "القصة هي نحن وتاريخ البشرية هو تاريخ قصص الناس، ولعل هذا ما يجعلها الأقرب إلى الناس والأحب، وكلنا كنا نهفو إلى سماع القصص ونعشقها ونحن أطفال ويستمر هذا العشق ولا ينتهي، وروعة القصة تكمن في أنها الأقدر على استمالة الأسماع أكثر من الشعر لما فيها من بساطة اللغة ووضوحها، ولما فيها من عناصر التشويق وما تقدمه من الدروس والعبر بشكل غير مباشر، لهذا فنجاحها مرتبط بوضوح اللغة وتجنب الغموض وعدم إهمال التشويق فيها".

وحول نسبة الخيال في قصصها وهل تأخذ شخصيات وأبطال قصصها من الواقع المحيد بها تؤكد "إنّ الخيال مهم جدًّا في كتابة القصة، لا يمكن التخلي عنه حتى وإن أخذت أحداثها من الواقع وإلّا وقعت القصة في أسر التقريرية وصارت نشرة إخبارية أكثر منها عملًا إبداعيًا".

أما عن النقد وهل لها غنى عن فعالية النقد سواء كانت مكتوبة أو مسموعة قالت "لا غنى عن النقد وهو يسعدني وأتعلم منه سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، بشرط ابتعاده عن الأهواء والشخصنة وتمسكه بالموضوعية والمهنية".

وعما ينقص المرأة السورية لتبدع أكثر وأكثر: "لعل أكثر من ينقصها هو الاحساس بالأمان والايمان بدورها والثقة بمواهبها والاحترام لتفكيرها، فهي بهذا ستزداد إبداعاً وعطاءً بالرغم من جميع الظروف الصعبة القاسية المحيطة بها".

"سعدتُ بالحوار معكِ، وكلّ حرف مدهش وهديل حمامة سلام نتمنى أن ترفرف في سماء سورية وأنت بخير .. لكِ الكلمة الأخيرة، قولي ما تريدين".

وكلمتها الأخيرة كانت بعد سعدنا بالحوار معها وشكرناها "وأنا بدوري سعدتُ أكثر وليس لي بعد ما سلف سوى أن أقول:شكراً لهذه الاستضافة الكريمة الجميلة، راجية أن اكون قد وفقت، وأن يكون حضوري على قرائنا الأعزاء خفيفا، متمنية السلام والازدهار والنصر لبلدي سورية ولجميع بلدان العالم ،مع كل الود لكم وللجميع".