الشباب وصناع الموضة يوحدون الجهود لمكافحة التغير المناخي

قمة غير مسبوقة للشباب للضغط على قادة العالم المجتمعين في الأمم المتحدة لكي يزيدوا من التزاماتهم حيال المناخ، وأسبوع الموضة في ميلانو يرفع شعار التنمية المستدامة.
نيويورك تتحول الى مركز الحراك المناخي العالمي
قمة خاصة مع نحو مئة رئيس دولة لمكافحة أزمة المناخ

واشنطن –  تتكاثف جهود الشباب عماد المستقبل وصناع الموضة لمحاربة التغير المناخي وتحقيق تنمية مسدامة تحافظ على كوكب الارض وتحميه من الاخطار المحدقة به.
يتوافد الناشطون المدافعون عن البيئة من كل أرجاء العالم إلى نيويورك خلال الأسبوع الراهن للمشاركة في تظاهرات وقمة غير مسبوقة للشباب للضغط على قادة العالم المجتمعين في الأمم المتحدة لكي يزيدوا من التزاماتهم حيال المناخ.
وإضافة إلى الناشطة السويدية غريتا تونبرغ البالغة 16 عاما، يشارك 500 قائد شاب آخر من أميركا الجنوبية وأوروبا وآسيا وإفريقيا في أول قمة شبابية بشأن المناخ تنظمها الأمم المتحدة السبت.
وسيصل كثيرون عشية المؤتمر للمشاركة في تظاهرة الجمعة يأمل القائمون عليها بأن تكون حاشدة، بشكل منسق مع مئات التظاهرات الأخرى في العالم.
وبات الجمعة يوم "التوقف عن الدراسة من أجل المناخ"، وهي مبادرة أطلقتها غريتا تونبرغ في ستوكهولم العام الماضي وانتشرت بسرعة كبيرة حول العالم.
وفي يوم الجمعة في 27 أيلول/سبتمبر، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، يقام إضراب عالمي منسق آخر.
أما نيويورك التي تستضيف أيضا سلسلة أنشطة موازية بشأن المناخ تستمر أسبوعا، فقد سمحت لتلامذتها بالتوقف عن الدراسة في هذه المناسبة.
وسيشكل مشهد الأطفال والمراهقين الذين ستعج بهم شوارع نيويورك للتحذير من تبعات الاحترار المناخي، مقدمة لقمة خاصة بشأن المناخ الاثنين المقبل في الأمم المتحدة، مع نحو مئة رئيس دولة وحكومة بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
ويسلّم قادة كثر بضرورة التحرك بصورة عاجلة لمعالجة أزمة المناخ، غير أن المراقبين ينتظرون التفاصيل الملموسة التي سيقدمها هؤلاء في خططهم المناخية، مع سؤالين مركزيين: متى سيقفل هؤلاء آخر مصانع الفحم؟ ومتى ستقلص البلدان اعتمادها على مصادر الطاقة الأحفورية الأخرى والغاز النفط؟

ومن المتوقع أن يعلن حوالى ستين بلدا خططا مناخية معززة، على ما يؤكد ألدن ميير الخبير في منظمة "يونيون أوف كونسرند ساينتستس" غير الحكومية الأميركية، غير أن ذلك لن يشمل البلدان المسببة لأعلى مستويات من الانبعاثات.
ويشير ميير إلى أن العالم أمام "ماراتون وليس مجرد سباق عادي". والمهلة الفعلية هي حتى نهاية 2020 حين ستصبح الدول الموقعة على اتفاق باريس ملزمة بمراجعة خططها. لكن يسود ترقب للإشارات التي ترسلها جهات بارزة خصوصا الصين.
وحتى الساعة، وحدهما المغرب وغامبيا تقدما بتعهدات "تتناسب" مع الهدف المحدد في اتفاق باريس الموقع نهاية 2015، وفق "كلايمت أكشن تراكر".
وليكون للكوكب فرصة لحصر الاحترار المناخي بدرجة مئوية ونصف الدرجة مقارنة مع مستويات ما قبل الثورة الصناعية، يجب أن يحيّد العالم أثر الكربون بحلول 2050، بحسب آخر تقييم توصل إليه بالإجماع علماء مفوضون من الأمم المتحدة.
غير أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال، إذ سجل العام الماضي سيلا من الأخبار السيئة، مع تسبب البشر في 2018 بمستوى غير مسبوق من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الهواء. وجعلت موجات الحر هذا العام من تموز/يوليو 2019 أكثر الأشهر حرا على الإطلاق منذ البدء بتسجيل معدلات الحرارة على الأرض في 1880. كذلك، كانت السنوات الأربع الأخيرة الأكثر حرا على الإطلاق.
وكشفت الدراسات أيضا أن الغطاء الجليدي يذوب بسرعة أكبر مما كان يُعتقد.
وتتّجه أنظار العالم نحو ميلانو حيث تقام فعاليات أسبوع الموضة تحت شعار التنمية المستدامة مع مزيد من الماركات التي باتت تتحمّل مسؤولية بيئية.
وفي هذه النسخة التي ستتألقّ فيها الماركات الإيطالية الكبرى على عادتها، من قبيل "برادا" التي تفتتح رسميا العروض الأربعاء و"فندي" و"بوتيغا فينيتا" و"أرماني" و"فيرساتشي" و"ميسوني" و"دولتشه ايه غابانا" و"غوتشي" التي تختتم الفعاليات الأحد، من المرتقب إقامة 57 عرض أزياء و110 عروض و54 حدثا.
وستسلّط الأضواء على أسماء صاعدة، من قبيل سيمونا مارتسيالي التي نالت جائزة "هو إز أون نيكست" للمواهب الجديدة في مجال الموضة في نسختها للعام 2018، فضلا عن تيتسيانو غوارديني الذي لا يستخدم سوى الأنسجة الطبيعية والمواد المستدامة في تصاميمه.
وسيتجلّى التزام القطاع بالقضايا البيئية في حفل "غرين كاربت فاشن آووردز" التي تكرّم الموضة المستدامة والتي ستعقد دورتها الثالثة في مسرح سكالا بحضور كوكبة من النجوم.
وستكافئ الجوائز الشركات "الأكثر مراعاة للبيئة" في قطاع النسيج الذي يعدّ من الأكثر تلويثا في العالم.
وبحسب الوكالة الفرنسية للبيئة والطاقة، يصدر قطاع الموضة كلّ سنة 1,2 مليار طنّ من غازات الدفيئة، وهي كمية أعلى من تلك الصادرة عن الرحلات الدولية وحركة الملاحة البحرية مجتمعة.
وخلال آخر قمّة لمجموعة الدول السبع التي عقدت في بياريتس (جنوب غرب فرنسا) في أواخر آب/أغسطس، وقّعت 32 شركة تمثّل 150 ماركة من القطاع "ميثاقا للموضة".
وتعهّد الموقعون الاعتماد بنسبة 100% على مصادر الطاقة المتجدّدة في سلسلة الإمدادات برمتها بحلول 2030 والتخلّص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصافية بحلول 2050.
اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن اتفاق باريس حول المناخ لم يفشل بعد، لكن الوقت بات محدودا لتفادي كارثة مناخية.
وقال غوتيريش في مقابلة مع ائتلاف "كوفيرينغ كلايمت ناو" الذي يضمّ عشرات وسائل الإعلام العالمية "مناي أن يزيد المجتمع برمّته الضغوط على الحكومات كي تدرك أن عليها التحرّك بوتيرة أسرع، لأننا بصدد خسارة السباق".
ويرأس غوتيريش السبت قمّة شبابية حول المناخ في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك قبل إقامة قمّة خاصة بالمناخ بحضور رؤساء الحكومات والدول.
وقال غوتيريش إن "الأبحاث العلمية تشير إلى أن هذه الأهداف لا تزال في متناولنا"، مقرّا بأنه من الممكن التعويض، جزئيا أقلّه، عن تقاعس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بتدابير من تنظيم أطراف من غير الدول، لا سيّما في الولايات المتحدة حيث تتولّى ولايات فدرالية، مثل كاليفورنيا، زمام المبادرة.
وهو لفت إلى أن الكثير من المدن الكبرى والمناطق والشركات باتت منخرطة في هذه الجهود وإلى أن مصارف وصناديق استثمار متعدّدة راحت تنسحب من قطاع الفحم ومصادر الطاقة الأحفورية.
وأعطى غوتيريش أيضا مثل الاتحاد الأوروبي حيث لا تزال ثلاثة بلدان تعارض هدف تحييد أثر الكربون بحلول 2050، مشيرا إلى استشعاره بـ "نفحة جديدة"، لا سيّما في ظلّ نموّ قطاع الطاقة الشمسية في الهند والصين.
 وصرّح "نحن بحاجة إلى تغيير طريقة إنتاجنا للأغذية تغييرا جذريا … وكذلك طريقة تنظيم مدننا وإنتاج طاقتنا. ويخيّل لي أن مزيدا من الأشخاص والشركات والمدن والدول باتت تدرك أهمية هذا التغيير".