الشعور بالمرارة يطغى على الاحتفال بعيد الميلاد في بيروت

سكان المناطق المتضررة من انفجار مرفأ بيروت لا يشعرون بالفرحة بعيد الميلاد ولا يزالون تحت وقع الصدمة وعدم القدرة على تجاوز الأضرار المادية والنفسية للحادث المروع.
بيروت اعتادت على استقبال عيد الميلاد بالاحتفالات والزينة والموسيقى

بيروت - تخلت شجرة الميلاد في بيروت هذا العام عن زينتها، ليستقبل سكان المناطق المتضررة من انفجار المرفأ أول احتفال بعيد الميلاد بخيبة وضائقة مالية وأطلال خراب.
ورغم بدء انحسار مظاهر الدمار الذي خلفه انفجار المرفأ في 4 أغسطس/آب والمساعي الحكومية والأهلية لتجاوز الأضرار المادية والنفسية للحادث، لا يزال الفقر والحزن يخيمان على بيروت.
ويقترب لبنان من الوصول لنهاية عام يعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975 - 1990) بين هبوط عملة وارتفاع التضخم لمستويات تاريخية وشح حاد في النقد الأجنبي.
وقال إلياس أفتيني، وهو صاحب محل تجاري دمره حادث الانفجار: "العيد القادم ليس عيدا على الإطلاق، لم نضع الزينة فقد خسرنا أحباءنا وحتى اليوم هناك عائلات خارج منازلها".
وأضاف أفتيني (50 عامًا) "في هذا العيد سنتجرع كأس المرارة بفقدان أهلنا ودمار ممتلكاتنا، في ظلّ غياب أيّ مساعدة جديّة للدولة أو المجتمع المدني".
وتساءل مستنكرا: "كيف نحتفل بعيد الميلاد ونحن لا نعلم إن كنا نستطيع تأمين ربطة خبز لأولادنا يوم غد أم نفشل في ذلك؟".
واختتم قائلا: "نحن لا زلنا نُرمّم ما هُدِم جرّاء الانفجار على نفقتنا الخاصّة في ظلّ أسوأ أزمة ماليّة تُخيّم على لبنان".
وأعربت سهام بكيان وهي وريثة لمحل دمره الانفجار عن ألمها وحزنها الشديدين على الحال الذي ألت إليه معظم الأسر في بيروت.
وقالت بكيان (65 عامًا): "قمت بإجراء أعمال تأهيل طفيفة للمحل الذي ورثته عن أجدادي على نفقتي الخاصة، عيد الميلاد هذا العام سيكون مثل أي يوم آخر".
وتابعت: "لا زلنا في بيروت تحت وقع صدمة الانفجار الذي دمّرنا بكل معنى الكلمة".
واعتادت بيروت خلال شهري ديسمبر/كانون أول ويناير/كانون الثاني من كل عام استقبال عيد الميلاد بالاحتفالات والزينة والموسيقى، لا سيما في الشوارع التراثية أبرزها الأشرفيّة ومار مخايل والجميّزة بالعاصمة.
وبنفاذ صبر قالت ميريام الشدياق (40 عامًا) "أُرهقنا نفسيًّا، بعد الانفجار ليس هناك عيد".
وقالت الشدياق، وهي تجلس على أريكة صغيرة أمام محلها الذي دمره الانفجار: "تعرّضنا للموت ولا نشعر بالفرحة نهائيًّا والذي نشعر به فقط شعور ديني في هذه المناسبة".
وقال وديع سماحة: "البناية التي أقطن بها تضرّرت بالكامل من انفجار المرفأ، وأجريت جراحّة دقيقة في الرأس بعد سقوط سقف المنزل علينا".
وتابع وديع (60 عامًا): "وضعت شجرة العيد هذا العام، لكن دون بهجة، حتى اليوم منزلي متضرّر ولا أحد ينظر إلى أحوالي".
ووصف وديع عيدالميلاد هذا العام بـ"الكارثي" قائلا: "حتى اليوم أنا غير قادر على تصليح نوافذ وأبواب المنزل التي دمرها انفجار المرفأ".
وتحت شعار "على بيروت أن تنهض"، قالت الناشطة ميساء منصور، من منظمة Grass-Root (غير حكومية):"الشعور بالمرارة يطغى على هذا العيد في بيروت، لكنّ الأمل بمستقبل أفضل للبلاد هو الأقوى".
وأوضحت ميساء: "نكرس اهتمامنا في المنظمة على المناطق المتضرّرة ونسعى لنشر الفرح في مناسبة العيد من خلال أنشطة ترفيهيّة يوميّة".
واختتمت حديثها قائلة: "نحاول دعم سكان المناطق المتضررة في بيروت لتخفيف أوجاعهم، ولا زلنا نلاحظ التضامن والتلاحم بين اللبنانيّين الذين يهبون لتقديم الدعم والمساندة للمتضررين".
وتبدأ مظاهر الاحتفالات بعيد الميلاد في لبنان منتصف ديسمبر، وتبلغ ذروتها ليلة 24 من الشهر نفسه (حسب التقويم الغربي)، وليلة 6 يناير حسب التقويم الشرقي.
وتحتفل الطوائف المسيحيّة بعيد الميلاد كاحتفال ديني وثقافي ويترافق مع احتفالات دينية واجتماعية أبرزها وضع شجرة عيد الميلاد وتبادل الهدايا.