الصحافة الأميركية تتعثر مع تراجع الإعلانات والقراء

2017 سنة صعبة للصحافة الأميركية، ووسائل اعلام مكتوبة تنتقل إلى النسق الرقمي وتشجع المحتويات المدفوعة على حساب المضامين المجانية.
غزو الأساليب الرقمية لكامل مناحي الحياة اليومية
القراء أكثر استعدادا للدفع بفضل الصحافة الاستقصائية
حرب الأسعار يمكن ان تقوض ولاء القراء لصحفهم المفضلة

واشنطن – أظهرت دراسة حديثة نشر نتائجها مركز "بيو ريسيرتش" المستقل للبحوث أن الصحافة الأميركية شهدت سنة صعبة في 2017 مع تراجع في عدد قرائها وايراداتها.

وفي المحصلة، تراجع معدل مبيعات الصحف بالنسقين المطبوع والرقمي بنسبة 4% مقارنة مع 2016 لناحية إصدارات أيام العمل الأسبوعية، وفق الدراسة.
ومع استثناء المؤسستين الإعلاميتين واسعتي الانتشار نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال، يبلغ معدل التراجع 11%.
وبين نهاية آذار/مارس 2017 ونهاية آذار/مارس 2018، سجلت "نيويورك تايمز" زيادة بحوالي 500 الف مشترك مع جمع النسختين الرقمية والمطبوعة. وفي 2017، زاد عدد مشتركي وول ستريت جورنال بواقع 180 الفا.
وفي مؤشر أكثر إثارة للقلق، سجل عدد الزوار المنفردين الشهريين لأكبر 50 صحيفة الكترونية أميركية تراجعا طفيفا بنسبة 1,7%.
وبحسب مايك بارتل الذي أشرف على الدراسة، هذه الأرقام السلبية قد يكون مردها إلى أن العام 2017 أعقب مباشرة الانتخابات الرئاسية التي شهدتها الولايات المتحدة نهاية 2016.
ومنذ ثلاث سنوات، سرعت صحف عدة انتقالها إلى النسق الرقمي وشجعت المحتويات المدفوعة على حساب المضامين المجانية، ما أدى إلى تراجع طفيف في المستوى الإجمالي لتصفح هذه الوسائل.

هذه الاستراتيجية، إضافة إلى زيادة في أسعار النسخ الرقمية، من شأنها تفسير زيادة الايرادات المتأتية من القراء بنسبة 2,7% في سادس سنوات النمو على التوالي. 
في ظل الصعوبة المتنامية في الاطلاع على الأخبار مجانا عبر الانترنت نتيجة القيود المتزايدة على المضامين في الولايات المتحدة، يسجل نمو كبير في الاشتراكات بالنسخ الرقمية لوسائل إعلامية كثيرة.
وتشير الأخصائية في وسائل الإعلام الرقمية في شركة "كاليدو إنسايتس" ريبيكا ليب إلى وجود "منحى يرتسم بوضوح لأناس يبدؤون بالدفع للحصول على مصدر واحد على الأقل من المعلومات".
وتقول إن المستهلكين أدركوا قيمة الصحافة الاستقصائية تحديدا ما جعلهم أكثر استعدادا للدفع بهدف الإفادة منها.
ومن الفرضيات الأخرى في هذا المجال هي غزو الأساليب الرقمية لكامل مناحي الحياة اليومية.
ويقول أستاذ الصحافة في جامعة اوريغون والعضو في مركز الصحافة الرقمية في جامعة في نيويورك داميان رادكليف إن "خدمات مثل نتفليكس وسبوتيفاي ساعدت الناس في التعود على الدفع في مقابل مضامين رقمية كانوا يحصلون عليها مجانا في السابق".

ويضيف "الناس يدركون أن عليهم الدفع لانهم يقدّرون الصحافة خصوصا في الجو السياسي الحالي".وفي العام الماضي، كشفت دراسة لمعهد "ميديا انسايت بروجكت" للبحوث أن 53% من الأميركيين دفعوا أموالا في مقابل الحصول على اشتراك واحد على الأقل في وسيلة إعلامية. وبحسب تحقيق لجامعة اكسفورد البريطانية، ثلثا الصحف الأوروبية تعتمد نموذجا قائما على الدفع.
واتخذت مبادرات مشابهة من جانب صحف أخرى بينها "بوسطن غلوب" و"لوس انجليس تايمز". وأدخلت مجلتا "نيويوركر" و"وايرد" اشتراكات مدفوعة للحد من مضامينها المجانية.
غير أن "وسائل إعلامية محلية أصغر قد تجد صعوبة أكبر في إقناع قرائها بهذا الموقف ولديها عدد أدنى من الزبائن.
ومن التغييرات المهمة الأخرى موافقة مجموعتي فيسبوك وغوغل العملاقتين أخيرا على تبسيط الولوج إلى المضامين المدفوعة للوسائل الإعلامية. 
وتراهن بعض الصحف الورقية على زيادة أسعارها متكلة على القراء الوفياء. 
ويعتبر ستيف هاتش مدير شركة اعلامية أن سعر الصحيفة يمكن أن يكون أداة قوية في الترويج وقد تؤثر على مستوى الاسواق المستقرة، ويرى ان الاستثمار يجب ان يكون في "القراء الاوفياء" للصحيفة تحديداً لانهم على استعداد لدفع المزيد من الأموال من أجل اقتناء الصحيفة.في حين يعتقد خبير في التداول الاقتصادي ان حرب الاسعار بين الصحف يمكن ان تقوض ولاء القراء لصحفهم المفضلة، ويرى المحلل جدعون سبانير ان تخفيض اسعار الصحف الورقية لن يكون أكثر من مجرد اصلاح على المدى القصير.