الصدر.. ماذا أنجز للعراق؟

لا أحد يعرف في العراق ماذا قدم مقتدى الصدر للعراقيين غير العنف والفساد والترويع.

مقتدى الصدر كان وما زال جزءا مهما واساسيا من نسيج العملية السياسية الجارية في العراق منذ تولي النظام "الديمقراطي" الجديد خلفا للنظام البعثي الذي اسقطته القوات الاميركية عام 2003. لديه في البرلمان تحالف "سائرون" بـ54 مقعدا برلمانيا من اصل 329 مقعدا و6 وزراء وأمين عام لمجلس الوزراء والمحافظين ومئات وكلاء الوزارات والمدراء العامين يعني اخذوا حصتهم فوق ما يستحقون من "الكعكة" العراقية بحسب عبارة النائب حنان الفتلاوي، بينما حصلت القوى الكردية التي تمثل شعبا واقليما مترامي الاطراف نصف حصة تحالف الصدر بـ3 وزارات رغم ان لديها 58 مقعدا في البرلمان! وهذه احدى المظالم الكثيرة التي الحقتها القوى الشيعية بالكرد.

رغم ادعائه الاصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين وتمثيله دور المعارض الحريص على مصلحة الشعب، فانه وقيادات تياره جزء لا يتجزء من منظومة الفساد القائمة. فهو لا يتورع من ممارسة وسائل الضغط على السياسيين والمسؤولين الحكوميين من اجل الحصول على امتيازات ومناصب اضافية، وفي حال الامتناع عن تلبية مطالبه التي لا تنتهي فانه يهدد بمظاهرة مليونية!

وقد يدعم شخص ليقلد منصب ولكنه يحاصره بمطالب ويمارس عليه ضغوطات، كما فعل مع وزير الصحة الدكتور علاءالدين العلوان اذ اضطر الى تقديم استقالته لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي بسبب "حملات التشهير" التي يتعرض لها و"ضغوط غير منصفة وتجاوزاتٍ وتدخّلاتٍ سافرةٍ في عمله وعقباتٍ مستمرة لا تزالُ توضع لتمنعه من تنفيذ خارطة الطريق والإدارة الرشيدة التي تمّ اعتمادها والعمل بها خلال هذه الفترة".

ورغم ذلك فهو يأخذ دور المعارض الشريف وزعيم الفقراء والمستضعفين ودائم التهجم على السياسيين ويصفهم باقذع الالفاظ. يقول "العراق ابتلي بثلة سياسية فاسدة"، وكأنه ليس من هذه الثلة الفاسدة بل اصلاحي "مقدس" دائما على الحق والصواب وان اخطأ فانه اجتهد وله اجر المحاولة وان اصاب فله اجران! وقد سمح لنفسه بتحديد من هو المصلح ومن هو المفسد، وظل يمارس دور "الابوة السياسية" ويحاول فرضها على كل القادة العراقيين السنة والشيعة وكذلك القادة الكرد الذين يصفهم بالفاسدين. يقول في تغريدة له "لو كان الأمر بيدي لوضعت السياسيين في سلة الزبالة!"

بهذه النظرة الدونية يتعامل مع السياسيين بكافة مشاربهم ومكوناتهم العرقية والدينية وقد اصاب الناشط السياسي غيث التميمي عندما قال عنه "انه يريد ان يكون العراقيون عبيد أذلاء لآل الصدر!"

واذا كان السيد يعمل مع شركائه المفسدين بنهب 83% من ميزانية العراق، فان من المجحف والجريمة النكراء ان يساوي هؤلاء اللصوص الطائفيون بقادة الكرد، رغم ان بينهم فاسدون كما في كل حزب ومجتمع في منطقة الشرق الاوسط. ولكن ان تقارن الفاسدين من قادة الشيعة او السنة ببعض فاسدي الكرد ممن هم في السلطة، فهو والله قسمة ضيزى! لانهم على الاقل بنوا اقليما عمرانيا متطورا ونظيفا وصرفوا اجزاء من ميزانيتهم عليه وعلى شعبه. ولكن تعال انظر الى بغداد والمناطق الجنوبية تحولت الى خراب ينعق عليها البوم والغراب!

ولو أن السيد القائد/خادم الوطن/المواطن/راعي الاصلاح/والمصلح والمتظاهروالمقاوم/الشهيد..الخ من الاسماء التي يطلق على نفسه في تغريداته ويطلق عليه انصاره، كان صادقا في دعواته الاصلاحية الوطنية لما رفضه المحتجين الشيعة وطالبوا انصاره بمغادرة ساحات الثورة؟

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا فعل قائد "التيار" وصاحب ثلاث ميليشيات طائفية هي جيش المهدي وسرايا السلام ولواء اليوم الموعود، للعراق والعراقيين كل هذه السنوات الطويلة؟ هل ردع فاسدا أو اصلح مؤسسة؟ كلا، فقط حاول دغدغة مشاعر المواطنين وخداعهم حاله حال بقية الطائفيين كلام وزعيق بدون عمل!

ولم يكن الزعيم الكردي مسعود بارزاني مجانبا الحقيقة عندما قال عن الحكام الجدد ومن بينهم الصدر أن "من يحكمون العراق حاليا هم صبية العملية السياسية يفكرون في مصالحهم أولا وليست لديهم أي خبرة والأمور كلها ترجع إلى أحزابهم وكتلهم التي تدار من قبل الدول المجاورة". فهل يوجد أوضح من هذا الكلام؟