إقليم كردستان امام تجربة جديدة

صراع بين وريث عائلة الطالباني بافل وابن عمه لاهور جنكي يشير إلى حجم الاختراقات من بغداد وطهران والميليشيات الشيعية لإقليم كردستان.
لاهور لا يتمتع بشخصية كارزمية داخل حزبه وخارجه الكردي
يجب على القادة الكرد ان يبادروا بجمع الشركاء السياسيين لوضع خارطة طريق

لم يكن احد يتوقع ان يصل الخلاف بين الرئيسين المشتركين للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو احد الحزبين الكبيرين الحاكمين في إقليم كردستان العراق منذ 1992، بافل طالباني ولاهور جنكي الى درجة ان يستعمل احدهما القوة ضد الاخر. فالعلاقة بين الزعيمين الشابين كانت على اتم ما يرام لا تشوبها شائبة على الأقل أمام وسائل الاعلام، فضلا عن كونهما أصدقاء وأبناء عم. ولكن فجأة وعلى حين غرة سمعنا ان بافل طالباني النجل الاكبر للرئيس العراقي الراحل جلال طالباني قاد حملة شبه عسكرية واسعة ضد ابن عمه لاهور جنكي واخوانه واقاربه ومؤيديه وجردهم من كل المناصب التي كانوا يشغلونها. وما زالت جوانب كثيرة من الحملة "الإصلاحية" كما يحلو لانصار بافل ان يسميها او "الانقلاب" حسب تعبير لاهور تكتنفها الغموض، واسئلة كثيرة بقيت بدون جواب! فمثلا لماذا الان؟ وكيف انقلبت الأمور بينهما رأسا على عقب في غضون يوم او يومين؟ ومن الجهة أو الجهات التي تقف وراء ما حدث؟ هل هو صراع حزبي عائلي ام جزء من الصراع الإقليمي والدولي؟ وما زاد الوضع غموضا سكوت لاهور عن ابداء أي ردة فعل تجاه تحركات ابن عمه الخاطفة ضده، ويبدو ان الامر اذهله تماما وافقده القدرة على الحركة وإظهار أي موقف معاكس، فاستسلم للامر الواقع واقر بالهزيمة!

ورغم ان الامر بدا مفاجئا ولكنه كان متوقعا عند بعض المراقبين في الساحة الكردية على ضوء سياسة الهيمنة التي كان ينتهجها لاهور داخل الحزب وخارجه، وقيامه بتأسيس علاقات متشعبة مع بغداد وطهران والميليشيات العراقية التي تناصب العداء لحكومة الإقليم.

الحقيقة ان لاهور لا يتمتع بشخصية كارزمية داخل حزبه وخارجه الكردي. صعوده السريع الى القمة مع تجربته السياسية المتواضعة وعدم مرونته وتعاونه مع شركاء الوطن وبشكل خاص حزب الديمقراطي الكردستاني الذي يشكل الحكومة وتصعيد الصراع معه، جعل من حزبه ومنطقته قاعدة معادية للتطلعات القومية، الامر الذي شكل تهديدا خطيرا دائما للامن القومي الكردي! ولا ينسى الشعب الكردي انه هو من امر قوات البيشمركة التابعة لحزبه بالانسحاب المهين من مدينة كركوك الاستراتيجية لصالح القوات العراقية والميليشيات الشيعية التي احتلتها في 16 أكتوبر من عام 2017.

وألان اعيد الحزب العريق الذي اسسه "مام جلال" ورعاه الى حضن العائلة الطالبانية، تحت اشراف وقيادة عميد العائلة بافل طالباني الذي وعد بترتيب البيت ورص الصف الوطني وتوحيد الكلمة وإزالة آثار الفرقة والخلافات المفتعلة. وقد تكون هذه المتغيرات بادرة خير تصب في مصلحة إقليم كردستان، يجب على القادة الكرد وعلى وجه الخصوص رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني باعتباره رمزا لوحدة الإقليم وسيادته ومسؤولا مباشرا عن سلامة شعبه ورفاهيته، ان يبادر بجمع الشركاء السياسيين لوضع خارطة طريق لتحقيق السلام وتوحيد الصفوف ونبذ الخلافات والصراعات الحزبية والمناطقية التي اهدرت الطاقات وفاقمت الازمات!

قدر اقليم كردستان ان يتجه الى الإصلاح والتغيير.. لا مهرب منه!