الصدر يحذر السوداني من الانخراط في دعم حل الدولتين
النجف/بغداد - في خطوة من شأنها أن تفاقم الأجواء السياسية المشحونة في العراق وتزيد الضغوط على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي يكابد في محاولة كبح هجمات الميليشيات الموالية لإيران على إسرائيل والناي بالعراق عن توسع محتمل للحرب، وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تحذيرات للحكومة العراقية من الانخراط في مقترح "حل الدولتين" التي تلقى زخما دوليا وقد تُشكل على المدى البعيد أساسا لسلام محتمل في الشرق الأوسط.
وأكد الصدر أنه لا يوجد دولتين حتى يصار إلى هذا الطرح وانه يوجد فقط دولة واحدة هي فلسطين، في موقف ليس بالجديد في أبجديات التيار الصدري والميليشيات العراقية الموالية لإيران، لكنه يشكل في المقابل ضغطا على السوداني الذي تلقى دعوة من السعودية لحضور قمة عربية اسلامية حول الوضع في غزة ولبنان، فيما تقود المملكة جهودا دبلوماسيا تحت عنوان "التحالف الدولي لحل الدولتين"، تحشد خلالها لترسيخ السلام في المنطقة على هذا الأساس.
وقال الصدر في منشور على حساباته بمنصات التواصل الاجتماعي إنه "قبل أن يوكع الفاس بالراس كما الغرب يخطط لإذلالنا، أحذر الحكومة العراقية من زج نفسها بقضية حل الدولتين".
وتابع "نحن شيعة محمد وعلي صلوات الله عليهما موقفنا واضح: إنما هي دولة واحدة عاصمتها القدس الشريف.. وما من دولة ثانية كي تحلّ أو تقام"، مضيفا أن "فلسطين من البحر إلى النهر عربية وما الصهاينة إلا محتلين إرهابيين بما فيهم المستوطنين ولن نعترف باتفاقيات بريطانية ولا غربية".
وذكّر الصدر حكومة السوداني بقانون تجريم التطبيع مع إسرائيل وأنه في حال انخرطت في مساعي حل الدولتين، فإنها ستكون مشمولة بهذا القانون (تجريم التطبيع)، معبرا عن أمله أيضا أن لا تلتف السعودية لمثل هذه الجهود وعدم الاعتراف بإسرائيل قائلا "هذا أملنا بها بل وجميع الدول العربية والإسلامية… وإلا فلات حين مندم".
وجاءت تحذيرات الصدر بينما من المتوقع أن يشارك محمد شياع السوداني في قمة عربية إسلامية تنظمها السعودية اعتبارا من 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي لبحث سبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وهي القمة التي من المقرر أن تحشد فيها الرياض لدعم حل الدولتين وزيادة الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب وقبول مبدأ حل الدولتين شرطا للسلام في المنطقة ولعلاقات تطبيع محتملة بين المملكة وتل أبيب.
وكانت العاصمة السعودية قد استضافت نهاية الشهر الماضي على مدى يومين الاجتماع الأول لـ"التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين" الذي أطلقته المملكة للضغط باتجاه إقامة دولة فلسطينية.
وناقشت الجلسات العمليات الإنسانية ووضع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والحوافز المقدمة لتعزيز حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقد أعاد العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إحياء النقاش الدولي حول حل الدولتين الذي تعارضه الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو والتي تعتبر الأكثر تشددا في تاريخ الحكومات الإسرائيلية.
وتعتقد السعودية وقوى أوروبية وازنة بضرورة الدفع بهذا الحل سبيلا لإرساء السلام في المنطقة وهو أيضا تدعمه الإدارة الديمقراطية الأميركية، بينما تسود مخاوف من أن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب المحتمل في انتخابات الرئاسة المقررة بعد أيام قليلة، قد تقوض هذا الحل من أساسه إذ يقدم ترامب تصورا مختلفا للسلام يقوم على أساس دعم كيان فلسطيني منزوع السلاح، اقتصاديا ويستبعد نهائيا قيام دولة فلسطينية مستقلة من أجندته لحل الصراع القائم منذ عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقد تشكل تحذيرات الصدر للسوداني من الانخراط في الحل الذي تدفع السعودية باتجاهه وتحشد دوليا لتعزيزه وإبقائه قائما حتى لو فاز ترامب بانتخابات الرئاسة، المزيد من الضغط على رئيس الوزراء العراقي الذي من المقرر أن يشارك في قمة جديدة عربية إسلامية دعت لها الرياض.
وترفض الميليشيات العراقية التي تتبنى إطلاق مسيرات ضد أهداف إسرائيلية في الجولان ومناطق في شمال إسرائيل أي طرح يشير إلى اعتراف عربي وإسلامي بدولة إسرائيلية إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة.
ومن غير المتوقع أن يخرج السوداني عن الإجماع المتوقع خلال القمة العربية الإسلامية في السعودية حول دعم حل الدولتين، بينما يسعى لتفادي جر العراق إلى أتون حرب إقليمية بسبب انخراط الميليشيات العراقية في المواجهات تحت عنوان 'محور المقاومة' بقيادة إيران.