الصدمة تخيم على نيوزيلندا الوادعة

التساؤلات تدور حول اسباب وقوع مجزرة المسجدين في البلد الذي يعد الثاني في مؤشر السلام العالمي.

كرايست تشيرش (نيوزيلندا) - يتكرر نفس السؤال في ارجاء العالم بشأن المذبحة المروعة التي راح ضحيتها 49 مسلما في اعتداءين على مسجدين في نيوزيلندا وهو "لماذا" وقع الهجوم في هذا البلد الهادئ في أقصى جنوب الأرض.
ويتساءل الجميع منذ صباح الجمعة لماذا وقع هذا الاعتداء الارهابي المروع في بلد كان يعتقد أنه من ضمن أكثر دول العالم أمنا وسلاما؟
وهذا البلد الواقع في جنوب المحيط الهادي، الذي يشيد به المهاجرون المسلمون بوصفه "جنة على الأرض"، يأتي ثانيا بعد ايسلندا في مؤشر السلام العالمي.
لكن في غضون 36 دقيقة فقط بعد ظهر الجمعة، قتل 49 مسلما في مسجدين في كرايست تشيرش، وهو رقم اكبر من ضحايا كافة حوادث القتل المسجلة العام الفائت.
وفي بلد يتجول فيه الشرطيون عادة دون سلاح، يجد الآباء صعوبة في شرح تفاصيل ما حدث لأطفالهم، فيما يحاولون هم أنفسهم فهم الحادث.
وقال الأب كريس الذي اصطحب اطفاله الثلاثة البالغين 4 و9 و12 عاما إلى موقع مسجد لينوود حيث قتل 7 اشخاص إنّ مسلحا واحدا "أوضح أن ليس هناك مكانا بعيدا جدا" عن مثل هذه الاعتداءات.
وتابع أنّه "خط رفيع بين إخبار الأطفال أن هذا هو حقيقة ما حدث وعدم تعريضهم للطبيعة الحقيقية للإنسان التي يمكن أن تؤدي إلى هذا النوع من الأمور".

وعلى مقربة من كريس وأطفاله، حاولت شرطية مدجّجة بالسلاح أن تشرح لطفلتين أنّها تحمل البندقية لحمايتهن، إلا أنّ احداهما باغتتها قائلة إنّ المسلح استخدم بندقية أيضا لقتل الضحايا.
ونيوزيلندا ليست ذلك المكان المثالي بالطبع، فهناك تقارير عن حوادث عنصرية ومشاعر معادية للمهاجرين تحدث بين الفينة والأخرى، لكنها لا تلفت انتباه وسائل الإعلام لأنها لا تمثل التيار السائد في البلاد.
وقال مهاجر فلسطيني لوكالة الصحافة الفرنسية "أعيش في نيوزيلندا لأن اول زيارة قمت بها إلى هنا عام 2011، وجدت مكانا بمثابة الجنة على الأرض وقررت أن أحضر أسرتي للعيش هنا في سلام، بعيدا عن كل المتاعب".

لسنا طرفا في المذبحة ولا نؤمن بما يؤمن به منفذها

والسبت، توافد أشخاص من كافة القطاعات في نيوزيلندا إلى الحواجز التي أقامتها الشرطة في محيط المسجدين للتعبير عن احترامهم وإظهار تضامنهم مع الطائفة المسلمة البالغ عددها نحو 50 ألف شخص وتشكل نحو 1 بالمئة من سكان الجزيرة.
وقال لوكي سميث إنّ "هذا ليس شيئا يمكن أن نتوقعه على أراضينا".
وتابع أنّ "الصدمة هي أكبر وسيلة للتعبير عنه (الاعتداء). لا يمكن أن تفكر أن (الاعتداء) يمكن أن يحدث على أرضنا".
وأوضح كريس أن الاعتداء أظهر أنّ عزلة نيوزيلندا الجغرافية لم تعد تشكل عاملا مهما في عالم متصل على هذا الشكل.
وقال إنّ الاعتداء "اظهر أنه يمكنك الاندماج في مجتمع جميل ولطيف، وفي الجزء المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، يمكنه أن ينخرط في مجتمع آخر يعزز أفكاره وغضبه".
وفي أحد شوارع كرايست تشيرش الكئيبة، قال جيريمي ميتشيل إنّه "غير واقعي" أن تحدث مذبحة مماثلة في نيوزيلندا.
وتابع "اعتقد أنّ كل شخص في المجتمع يدعم الطائفة المسلمة بنسبة 100 بالمئة والعائلات المسلمة التي فقدت أحباءها".
وتابع "نوّد ان نقول إننا لسنا طرفا في تلك (المذبحة) وإننا لا نؤمن بما يؤمن به" منفذها.