الصعود على اكتاف الأكراد

الكردي في مفردات رجال الدين والسياسة في العراق هو الانفصالي المخرب ومواطن "إسرائيل الثانية" التي ستنتزع أرض العرب. هو نموذج للأخرق. بعد كل هذا يتم الحديث عن الأخوة العربية الكردية!

الكثير من الشخصيات السنية والشيعية العراقية المغمورة برزوا في الساحة السياسية بسرعة قياسية وتحولوا الى قادة وزعماء على حساب القضية الكردية من خلال تأجيج مجتمعاتهم واثارة مشاعرهم القومية ضد الكرد في سعيهم الى استعادة حقوقهم المشروعة التي هضمت من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة عبر القانون ومواد الدستور في الدولة الجديدة بعد ان عجزوا في الحصول عليها عن طريق المقاومة المسلحة والاقتتال لسنوات طويلة. ورغم ان المجتمع السني العربي يشارك الكرد في المذهب والطائفة والحدود (جيران)، ولكنه ظل ينظر اليهم بعداء شديد وكره متأصل لم اجد له تفسير لحد الان، غير آبه تماما للعوامل المشتركة المهمة التي تربطه بهم. واستمرت العلاقة بينهما في تدهور متصاعد حتى وصلت الى اوجها في عهد صدام حسين عندما استعمل اسلحة الابادة الشاملة ضدهم وهدم اربعة الاف قرية على رؤوس اصحابها. هذا الرفض القاطع للوجود الكردي في العراق باعتباره غريبا طارئا ومحتلا لبلده ومغتصبا لارضه شبيها باسرائيل (اسرائيل الثانية)، ولد لدى الكردي قناعة راسخة ان السني العربي عدو تاريخي لدود لديه قابلية طبيعية شريرة ضد المشروع الكردي وحقوقه المشروعة على مر الزمان، وهو على استعداد دائم للتفاعل مع الدعوات العنصرية ضد الكرد اكثر من اي مجتمع آخراو مكون آخر. يكفي ان يدغدغ احدهم مشاعره بكلمات وشعارات عنصرية مهيجة حتى يندفع الى اخذ موقف متشدد قد يصل الى حد القطيعة والقتل على الهوية.

ازاء الخطابات العدائية المستمرة والشحن العنصري ضد الكرد وطن لدى السني العربي فكرة ان الكرد عملاء واذناب للقوى الاستعمارية المناهضة للمشروع العربي الوحدوي وانهم انفصاليون يريدون تشكيل دولتهم على حساب المناطق العربية. وقد شارك رجل الدين والسياسي جنبا الى جنب في عملية التشويه هذه اعقبته حملات تعريب وتهجير سياسية منظمة غيرت الكثير من معالم مناطقهم. وقد استعمل العديد من الشخصيات السياسية المغمورة ورقة الكرد الكسبانة لتصل الى اعلى درجات السلطة في الدولة العراقية الجديدة. استعملها اسامة النجيفي من خلال تحذير اهل الموصل من "الاطماع الكردية على المدينة" واثارة مخاوفهم من تكريدها! وصدقه الناس وصعدوه الى رئاسة البرلمان العراقي! وكذلك فعل النائب نورالدين الحيالي عندما حشد رأي العام ضد "الخطط التوسعية لسلطات اقليم كردستان" في الموصل! وتبعه صالح المطلك ومحمد التميم والنائب عبدالرحمن اللويزي الذي اعتبر "اننا امام مشروع اسرائيل الثانية في العراق!" وانه "كيان غاصب على الاراضي العربية في كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى "وابدى موقفه المبدئي الرافض "من قيام كيان غاصب آخر في العراق هو النموذج لذلك الكيان" يقصد الكيان الاسرائيلي!

ولم ينأَ بعض السياسيين الشيعة من توسيع رقعة شعبيتهم من خلال الضرب على وتر "العدو" الكردي ومن ابرز هؤلاء رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي الذي رفع شعارات قومية في صراعه المريرمع الكرد رغم نوازعه الطائفية، وبدوره استعمل عبارة "اسرائيل الثانية" الرائجة في خطاباته للتأثيرعلى الوجدان العراقي والعربي ضد الكرد، "نرفض قيام اسرائيل الثانية في شمال العراق!"

خلاصة الكلام؛ العراقيون بشكل عام خلق لديهم فكرة كاريكاتيرية غاية في السوء عن الشخصية الكردية خلال التحشيد الاعلامي والسياسي والنفسي الطويل، فهم تارة ساذجون لدرجة الغباء، فعندما يؤنب احدهم الاخر في عمل اخرق قام به يقول له "ولك لا تصير كردي!"، وتارة ينعتون بالانفصاليون الخونة عملاء الصهاينة والاميركان! بعد كل هذا يوجد من يتغنى بالتعايش السلمي وضرورة الحفاظ على اللحمة الوطنية!