الصينيون لا يمكنهم العيش دون تطبيق 'علي باي'

تطبيق للهواتف الذكية من شركة 'آنت غروب' يجذب أكثر من 700 مليون مستخدم نشط اي ما يعادل نصف سكان الصين وأكثر من ضعف سكان الولايات المتحدة.
'علي باي' يساهم في دفع الصين إلى الأمام نحو اقتصاد المستقبل
الصينيون يعتمدون بشكل شبه كامل على الدفع الإلكتروني
مخاوف من نظام 'ائتمان اجتماعي' تم إطلاقه في الصين بواسطة 'علي باي'

بكين - كان الشيء الأكثر أهمية في حوزة مهندس الطائرات تاو روي خلال تنزهه أخيرا في شنغهاي هو تطبيق "علي باي" للهواتف الذكية من "آنت غروب" وهي شركة لم تكن معروفة خارج الصين إلى أن كشفت خطة لأكبر اكتتاب عام في التاريخ.
فيما كان تاو وصديقه يتجولان في المدينة في عطلة نهاية الأسبوع، استخدم "علي باي" لشراء كوب من الشاي بالحليب ووجبة من الأخطبوط المقلي وعلبة من السكاكر. كما استخدمه أيضا لممارسة لعبة كرة السلة في إحدى الصالات وتقديم تبرع صغير لموسيقي شوارع وإنتاج رمز صحي يشير إلى أنه ليس مصابا بفيروس كورونا قبل دخول معبد بوذي.
يقدم يوم تاو الحافل هذا لمحة عن أهمية التطبيق التابع لمجموعة "آنت غروب"، الذراع المالية لشركة "علي بابا" الصينية للتجارة الإلكترونية، والتي تستعد لحشد مبلغ قياسي مقداره 34 مليار دولار لدخولها المزدوج المرتقب إلى البورصة في هونغ كونغ وشنغهاي.
مثل مئات الملايين من المستهلكين الصينيين، يعترف الشاب البالغ من العمر 22 عاما بأنه ببساطة لا يمكنه العيش من دون "علي باي".
ويوضح تاو "أستخدم التطبيق لطلب سيارة أجرة وشراء أشياء والتسوق عبر منصة "تاو باو" وشراء الملابس وتذاكر الطيران والقطارات".
ويتابع "إنه أمر لا يمكن الاستغناء عنه عندما تتجول في الصين".
جعلت الأرقام غير الصافية وإمكانات النمو لمجموعة "آنت غروب" المستثمرين يسيل لعابهم على الاكتتاب العام القياسي العالمي.

تطبيق
تطبيق ثوري

ولدى "علي باي" أكثر من 700 مليون مستخدم نشط، ما يعادل نصف سكان الصين وأكثر من ضعف سكان الولايات المتحدة. وإلى "وي تشات واليت" التابع لمجموعة "تنسنت" المنافس الرئيسي لـ"علي بابا"، ساهم تطبيق "علي باي" في دفع الصين إلى الأمام نحو ما قد يصبح اقتصاد المستقبل. في المطاعم ومحلات البقالة والمقاهي وفي مترو الأنفاق ومحطات القطارات والمطارات وعند شراء الفواكه والخضر من بائع متجول على جانب الطريق، يتم إجراء عمليات الشراء في كل أنحاء الصين بشكل روتيني من قبل المستهلكين الكبار والصغار من خلال مسح لرمز الاستجابة السريعة.
يقول تاو إنه في الأيام التي لم يكن هناك وسيلة أخرى للدفع غير الأوراق النقدية في الصين، كان على أسرته أن تستقل سيارة أجرة للذهاب إلى مكتب حكومي بعيد لدفع فواتير المياه والكهرباء.
ويضيف "أما اليوم، فنحن ندفع كل فواتير الخدمات العامة عبر "علي باي". ليس علينا الخروج من المنزل لدفعها".
لكن المدفوعات المباشرة في نقاط البيع ليست سوى جزء من سلسلة خدمات "علي باي".
فقد قامت "آنت غروب" ببناء منظومة كاملة حول "علي باي" تؤوي تحت مظلتها عمليات تجارية شتى، بدءا من توصيل الوجبات إلى خدمات السفر أو الحصول على قروض.
ولا يحتاج مستخدمو الهواتف الذكية إلا لفتح تطبيق "علي باي" للعثور على الخدمة التي يريدونها وإجراء الطلبية.
تقول "آنت غروب" التي انبثقت من مجموعة "علي بابا" في العام 2011، إن حوالى نصف إيراداتها مستمدة من مثل هؤلاء المزودين.
لكن طموحاتها تشمل أيضا الدخول في التمويل الشخصي الذي جعل المصارف الصينية التقليدية متنبهة لهذا الامر والاستفادة منه من خلال توفير وصول سهل إلى مجموعة من الخدمات المالية بما فيها الائتمان الاستهلاكي وقروض الأعمال التجارية الصغيرة وصناديق سوق النقد.
ويوضح جيفري توسون وهو مستثمر في الأسهم الخاصة ومحاضر في جامعة بكين "إن ما يفعلونه ثوري"، مضيفا "سنرى التمويل الرقمي يقوم بأشياء لم نعتقد أبدا أنه يمكن أن يفعلها".
وقد أصبح المستهلكون الصينيون يعتمدون بشكل شبه كامل على الدفع الإلكتروني لدرجة أن العديد من التجار اليوم لا يقبلون النقود إلا على مضض.
وهذا أمر جيد بالنسبة إلى صناع السياسة في الحزب الشيوعي.
فهم كانوا قلقين منذ فترة طويلة من أنه رغم عقود من النمو المذهل، تم بناء اقتصاد الصين على أساس هش يعتمد كثيرا على التصنيع والاستثمار الحكومي.
وأراد الحزب إطلاق العنان لقوة الإنفاق الاستهلاكي المتنامية في الصين كركيزة أخرى، وقد ساعدت ثورة التجارة الإلكترونية التي بدأتها مجموعات مثل "علي بابا" و"تنسنت" في تمهيد الطريق لذلك.
يقول توسون إن جاذبية "آنت غروب" للمستثمرين هي أن المستهلكين والشركات التي استحوذت عليها ستنمو باستمرار، وقد يجد المنافسون المحتملون نجاح علي باي "أمرا يستحيل تكراره".
لكن ظهور "علي باي" المتزايد في الحياة اليومية الصينية تسبب في بعض المخاوف.
فقد أُجبرت "آنت غروب" على الاعتذار في العام 2018 بعدما قال مستخدمون إنهم شعروا بأنهم تعرضوا للتضليل في ما يخص السماح للتطبيق بمشاركة البيانات حول عادات الإنفاق الخاصة بهم مع "زيما كريديت" التابعة لها والتي تقرر مدى قدرة فرد على الاقتراض وشركات خدمات أخرى. وتحيط مخاوف بنظام "ائتمان اجتماعي" تم إطلاقه في الصين وتسهيله بواسطة "علي باي"، بحيث تُرصد البيانات المتعلقة بالسلوك غير المرغوب فيه رقميا وتُجمع في "رصيد ائتمان" قد يؤثر على وصول الشخص إلى وظائف أو خدمات مختلفة.