الطنبولي يحصد الجائزة الكبرى في بينالي شرم الشيخ

مباراة تنهض على الارتجال الفني على مسطحات بيضاء متنوعة الأحجام وفي زمن محدد لا يتجاوز الساعة ونص الساعة.
بينالي شرم الشيخ يختتم فعالياته بتوثيق العلاقات المصرية الإيطالية
سيمفونية بصرية تعلي من قيم المشترك الجمالي والفني برغم اختلاف الموروث البيئي والحضاري والرؤية الفنية
هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها فنان مصري بجائزة البينالي

وسط أجواء حفلت بالرقص والموسيقى والغناء أقام فنانو بينالي شرم الشيخ الدولي للفنون أمسية تشكيلية شيقة، حيث اصطفوا على جنبات أحد ساحات المنتجع السياحي الذي يحتضن فعاليات البينالي، في مباراة تنهض على الارتجال الفني على مسطحات بيضاء متنوعة الأحجام وفي زمن محدد لا يتجاوز الساعة ونص الساعة.
قاد الفنان جمال مليكة الفنانين موزعا بتدفق عفوي وتلقائي لطشاته اللونية في اللوحة الأكبر حجما، ليتبعه الفنانون إبراهيم الطنبولي بتجريديته وتلقائية خطوطه وألوانه، واناليزا كولومباري ومنى الصياد اللتان تشاركتا في لوحة تجلت فيها الطبيعة لسطوع القمر وانعكاسه على البحر والزهور والأشجار، والتيري انطونيو واسويرو فاللي واليو كارنفالي وميكيلي ايننو ومحمد المسلماني ونصر حسوبه.. إلخ، ليبدأ عزف سيمفونية بصرية تعلي من قيم المشترك الجمالي والفني فيما بينهم برغم اختلاف الموروث البيئي والحضاري والرؤية الفنية. 
وبدا الجمهور متحفزا وهو يتابع بعينيه وجسده وروحه ضربات الفنانين الارتجالية على لوحاتهم ومدى ما تحدثه من رنين بصري في ذواتهم. وما بين لطشة وأخرى وتجلي الملامح كانت هناك ثمة تصفيقات من المتابعين هنا وهناك، حيث اكتظت الساحة بعدد كبير من السياح المتواجدين بالمنتجع، وبعضهم جاء بصحبة أسرته.
وعقب انتهاء الفنانين من أعمالهم، أدار الفنان جمال ملكية حوارا خاطفا معهم وعدد من الجمهور حول رؤيتهم للبينالي وانطباعاتهم عن مدينة شرم الشيخ، وقام بترجمته للإيطالية كون أغلب الفنانين المشاركين في البينالي من إيطاليا، وأثني الفنانون على الجهود التي تقوم بها محافظة جنوب سيناء في دعم البينالي والحرص على استمراره وتوفير الأمان والأمان للمشاركين. 
ومن الأمسيات إلى الصباحيات الفنية تواصلت فعاليات البينالي، جاء الحفل الختام حيث احتشد الفنانون وقد رفعوا لوحاتهم التي أنجزوها خلال ستة أيام، وكل منهم يطمح إلى الفوز بجائزة البينالي الأولى أو حتى الثانية أو الثالثة، لكن النتيجة جاءت بالجائزة الكبرى لصالح الفنان المصري إبراهيم الطنبولي (64 عاما)، كما حصل الفنان الإيطالي بونيتو باولو على جائزة المركز الثاني، وحصل الفنان الإيطالي إيدو إيراني على جائزة المركز الثالث. 

يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها فنان مصري بجائزة البينالي حيث حصل على جائزتيه في الدورتين الأولى والثانية فنانان إيطاليان. 
واكب حفل الختام معرض للوحات البينالي شهده اللواء خالد فوده محافظ جنوب سيناء حيث تسلم الفنانون الفائزون جوائزهم، وهي عبارة عن درع البينالي للفائز الأول، ودرع مدينة شرم الشيخ للفائزين الثاني والثالث، إضافة إلى هدية مقدمة من المنتجع السياحي الراعي للبينالي بقضاء عشرة أيام مجانية شاملة تذكر السفر للفائز الأول بصحبة رفيق، والأمر نفسه بالنسبة للفائز الثاني. 
وقرر اللواء فوده أن يتجول المعرض في أرجاء مدينة شرم الشيخ ووعد بنقله إلى مدينة طور سيناء عاصمة المحافظة وذلك على مدار عشرة أيام، كما وجه إدارة البينالي لاختيار خمسة فنانين للمشاركة في الاحتفالية السنوية التي تقام بمدينة سانت كاترين تحت شعار "معا نصلي". وطالب فناني البينالي للمشاركة في الدورة الرابعة المقبلة 2019 وحثهم على دعوة أصدقائهم للمشاركة أيضا، لافتا إلى أن البينالي تتوفر فيه كافة شروط العالمية.
كما حيا اللواء فوده الفنانين الإيطاليين معربا عن أمله في عودتهم مرة أخرى إلى شرم الشيخ ودعوة أصدقائهم لزيارتها، مؤكدا عمق العلاقة بين الشعبين المصري والإيطالي، وقال إن السائح الإيطالي كان إلى وقت قريب يعد السائح الأول لشرم الشيخ، ونأمل أن يعود كما كان وأن يشكل كل فنان رسالة حب مصرية للشعب الإيطالي. 
ومن جانبها منحت إدارة البينالي مجموعة من الجوائز التشجيعية الأخرى لفنانين أظهروا مهارات فنية خاصة والتزموا بلوائح البينالي الداخلية، مؤكدة على لسان قومسيوره جمال مليكة أن الفنانين المشاركين قدموا أعمالا تنتمي لأساليب وتيارات فنية مختلفة، وأن البينالي حفظ لهم هذه الخصوصية تحت مظلته. وحقق نوعا فريد من التواصل والتفاعل بين مكونات الفن والثقافة المصرية والأوربية وخاصة الإيطالية.  
وأشادت لجنة التحكيم بأعمال الفنان إبراهيم الطنبولي وقالت إن للتجريد في أعماله لغة فنية خاصة، وأبرز سماتها حيوية الرؤية، فالتجريد ليس منغلقا على ذاته في اللوحة بل منفتح بحيوية على الداخل والخارج معا. لوحات لا تغيب الحضور الإنساني في أشكالها ورؤاها الفنية وإنما تحتفي به كطاقة للخصب والتجدد والحب.
وأعرب الفنان الطنبولي عن سعادته الغامرة بفوزه بهذه الجائزة وقال هذه مشاركتي الثانية في البينالي لكن هذه المرة كان لدي إصرار داخلي على أن أحصل على هذه الجائزة وليس هذا من قبيل الغرور ولكن يجب على الفنان أن يعرف قدر نفسه وألا يبخسها حقها. هذا البينالي عمل نادر واستثنائي خاصة في حياتنا التشكيلية التي تعاني من الترهل والإهمال حيث توقفت الكثير من الأنشطة والفعاليات التشكيلية المهمة التي كانت تشكل عرسا فنيا في الماضي، وعلى رأسها بينالي القاهرة الدولي وبينالي الإسكندرية. ويشار إلى أن الأخير هو البينالي الثالث الأقدم في العالم.