العداء بين القوى المتناحرة يعمق مآسي المتضررين في شمال سوريا

قافلة مساعدات تفشل في الوصول إلى مناطق المعارضة السورية بعد أن منعتها قوات سوريا الديمقراطية من الانتقال من مناطق سيطرة الأكراد إلى المتضررين في شمال سوريا.
التناحر السياسي يسجل حضوره في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية
اتهامات متبادلة بتسييس المساعدات
نحو 4 ملايين شخص يعتمدون على المساعدات

دمشق - تسببت الحرب الأهلية التي تمزق سوريا في مفاقمة معاناة المتضررين من الزلزال المدمر الذي عصف بالبلاد، إذ لم تفلح المحنة الإنسانية في إرساء هدنة مؤقتة تتيح تدفق المساعدات إلى منطقة شمال غرب سوريا التي تسيطر عليها قوى المعارضة وسط اتهامات بتسييس المدّ التضامني.

وعادت قافلة مساعدات كانت قادمة من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا إلى المناطق التي ضربها الزلزال في الشمال الغربي للبلاد يوم الخميس، وفشلت في الوصول إلى من هم في حاجة إليها في أحدث مثال على تعقيد جهود الإغاثة بسبب العداوات الناجمة عن الحرب الأهلية.

وتمثل الأعمال العدائية التي تجتاح سوريا الممزقة بسبب الصراع الدائر على أراضيها منذ نحو 12 عاما تحديا إضافيا لعمال الإغاثة الذين يحاولون مساعدة المتضررين من الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 21000 شخص في تركيا وسوريا.

وكانت القافلة تحاول الانتقال من منطقة تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد إلى منطقة خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا وتبادلت مصادر من الجانبين الاتهامات بعد فشل عبور القافلة واتهم كل منهما الآخر بمحاولة تسييس المساعدات.

وأظهرت لقطات تلفزيونية لرويترز القافلة وهي تنتظر لساعات عند نقطة العبور وعليها راية الإدارة التي يقودها الأكراد.

ووجه المتحدث باسم الإدارة الكردية جوان إبراهيم اتهامات لتركيا التي تمتلك قوات متمركزة في شمال غرب سوريا وبعض الفصائل المعارضة بمنع القافلة من العبور وقال مسؤول تركي كبير إن هذا غير صحيح على الإطلاق وإن تركيا لا تمنع وصول المساعدات.

واتهمت مصادر مطلعة في المعارضة السورية قوات سوريا الديمقراطية بتسييس القضية عن طريق المطالبة بأن تحمل الشحنات راية القوات وهي مسألة حساسة للكثيرين في المنطقة بسبب الأعمال العدائية.

وشنت تركيا ثلاث عمليات توغل في شمال سوريا لمواجهة الجماعات الكردية السورية والتي تعتبرها أنقرة تهديدا لأمنها القومي بسبب صلاتها بحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره جماعة إرهابية.

وقال إبراهيم إن الإدارة التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على حقول النفط السورية الرئيسية في الشرق تجري مناقشات مع أطراف أخرى وخاصة الأطراف الدولية لإقناع الطرف الآخر بالسماح بدخول هذه المساعدات.

وتسبب الزلزال في تعطيل تدفق مساعدات الأمم المتحدة من تركيا إلى الشمال الغربي الذي تسيطر عليه قوى المعارضة، حيث يعتمد نحو أربعة ملايين شخص بالفعل على المساعدات ولكن استؤنفت المساعدات الخميس.

ودعت الولايات المتحدة الرئيس السوري بشار الأسد إلى السماح فورا بدخول المساعدات عبر جميع المعابر الحدودية.

وقال مسؤول تركي اليوم الجمعة إن تركيا تناقش إعادة فتح معبر حدودي إلى أراضي الحكومة السورية مما سيتيح إرسال المساعدات مباشرة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد بعد عقد من العداء بينه وبين أنقرة، مضيفا أن تركيا تدرس أيضا فتح معبر آخر يؤدي إلى منطقة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وناشدت الحكومة السورية التي تخضع لعقوبات غربية الأمم المتحدة لإمدادها بالمساعدات، لكنها قالت إن إيصالها يجب أن يتم بالتنسيق مع دمشق وتسليمها من داخل سوريا وليس عبر الحدود التركية إلى مناطق المعارضة.

وكان المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا المصطفى بن المليح قد وجه نداء إنسانيا طالب من خلاله بوضع السياسة جانبا من أجل إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة التي تسيطر عليها فصائل جهادية ومعارضة في إدلب ومحيطها وتضررت بشدة جراء الزلزال.

وأودى النزاع السوري منذ 2011 بنحو نصف مليون شخص ودفع قرابة نصف السكان إلى مغادرة منازلهم ما اضطر العديد منهم إلى التوجه إلى تركيا.
وكانت غالبية السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية قبل الزلزال المدمر الذي أضاف كارثة أخرى إلى المأساة ولخص بن المليح قتامة الوضع بقوله "إنها أزمة فوق أزمة"، مضيفا أنه "ليس هناك معدات كافية للبحث والإنقاذ، ليس هناك معدات طبية كافية ولا أدوية كافية".