العمال الكردستاني يعلن وقف إطلاق النار مع تركيا استجابة لدعوة أوجلان

اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني تدعو لتحقيق الظروف السياسية الديمقراطية والأرضية القانونية أيضا لضمان نجاح جهود السلام.
العمال الكردستاني يطالب باطلاق سراح أوجلان لانجاح جهود السلام
أردوغان يتوعد بمواصلة العمليات ضد الحزب في حال لم يف بوعوده

أنقرة - أعلن حزب العمال الكردستاني السبت وقف إطلاق النار مع تركيا، بعد دعوة تاريخية لإلقاء السلاح وحلّ الحزب وجّهها زعيمه عبدالله أوجلان من السجن فيما يشير ذلك لحقبة جديدة في تاريخ العلاقات التركية الكردية بعد سنوات طويلة من القتال بين الجيش التركي والمتمردين الاكراد.
وهذا أول رد فعل من جانب التنظيم بعد يومين من دعوة أوجلان التي تهدف إلى وضع حدّ لنزاع استمرّ أكثر من أربعة عقود مع الدولة التركية.
وقالت اللجنة التنفيذية للحزب في بيان نقلته وكالة فرات للأنباء (ايه ان اف) المؤيدة للحزب، "من أجل تحقيق والمضي قدماً في دعوة القائد آبو (لقب أوجلان) المتمثلة في السلام والمجتمع الديمقراطي، إننا نعلن وقفا لإطلاق النار اعتبارا من اليوم".
وأضافت "نتفق مع مضمون الدعوة المذكورة بشكل مباشر ونعلن أننا سنلتزم بمتطلّبات الدعوة وننفّذها من جانبنا"، مؤكدة في الوقت عينه أنّه "لا بدَّ من ضمان تحقيق الظروف السياسية الديمقراطية والأرضية القانونية أيضا لضمان النجاح".

نتفق مع مضمون الدعوة المذكورة بشكل مباشر

وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم السبت بمواصلة العمليات العسكرية ضد 'العمال الكردستاني' إذا لم يف بالوعود التي قطعها.

وقال خلال إفطار رمضاني في إسطنبول "في حال لم يتم الإيفاء بالوعود المقطوعة وحصلت محاولة تأخير أو خداع... سنواصل عملياتنا الجارية... حتى نقضي على آخر إرهابي".

وفي كلمة موجهة إلى أقارب أشخاص قتلوا أو جرحوا في هجمات شنها حزب العمال الكردستاني، أكد أردوغان أن المبادرة لا تحمل في طياتها أي شيء من شأنه "أن يثير الاضطراب في نفوس شهدائنا المقدسة"، مضيفا أن تركيا ستخرج منتصرة، مردفا "أطفالنا ضمانة غدنا المشرق".

وقال الرئيس التركي "نبقي دائما على قبضتنا الحديد جاهزة في حال بقيت يدنا الممدودة معلقة في الهواء أو تعرضت للعض".

وتأسس حزب العمال الكردستاني في العام 1978، وتعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "إرهابيا". وأطلق تمردا مسلحا صد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة كردية.

ويعدّ الأكراد أكبر أقلية في تركيا، وينتشرون في دول عدة في المنطقة خصوصا العراق وسوريا وإيران.

وفي حين أكد الحزب استعداده لتلبية الدعوة، شدد على أن تنفيذها لا يمكن أن يتم ما لم يتمتع أوجلان المسجون منذ أكثر من ربع قرن، بالقدرة على "العيش والعمل بحرية جسدية".

وشددت اللجنة التنفيذية على وجوب "ضمان تحقيق الظروف التي تمكن القائد عبدالله أوجلان من العيش والعمل بحرية جسدية، وأن يكون له اتصال مع كل من يريد، بما في ذلك رفاقه، دون عوائق، ونأمل أن تفي مؤسسات الدولة (التركية) المعنية بمتطلبات ذلك".

وتابعت "لقد قمنا حتى الآن بإدارة الحرب على الرغم من كل الأخطاء وأوجه القصور، ولكن القائد آبو هو الوحيد القادر على إدارة حقبة السلام والمجتمع الديمقراطي".

ومنذ سجن أوجلان في العام 1999، جرت محاولات عديدة لإنهاء النزاع الذي خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.
وبعد انهيار آخر جولة محادثات في العام 2015، لم يتمّ إجراء أي اتصال آخر لاستئنافها وصولا إلى أكتوبر/تشرين الاول عندما بادرت الحكومة التركية إلى هذه العملية عبر حليفها زعيم "حزب الحركة القومية التركية" دولت بهجلي.
وبينما دعم أردوغان التقارب، كثّفت حكومته الضغوط على المعارضة واعتقلت مئات السياسيين والناشطين والصحافيين.
وبعد عدّة اجتماعات مع أوجلان في سجنه في جزيرة إيمرالي قبالة اسطنبول، نقل حزب المساواة وديمقراطية الشعوب الخميس، دعوة الزعيم الكردي لإلقاء السلاح وعقد مؤتمر لإعلان حلّ الحزب.
ورحّبت رئاسة إقليم كردستان العراق الخميس بدعوة أوجلان داعية المقاتلين الأكراد إلى "تنفيذها" ومؤكدة عزمها دعم عملية السلام.
وقال رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني في منشور على منصة "إكس" بالكردية "نرحب بحرارة برسالة السيد أوجلان ودعوته لنزع السلاح وحل حزب العمال الكردستاني ونطلب من الحزب الالتزام بهذه الرسالة وتنفيذها".
وأكّد أنّ الإقليم "يدعم بشكل كامل عملية السلام"، مشددا على استعداده "للقيام بدور المساعدة والتعاون في كل ما يقع على عاتقنا لإنجاح هذه العملية"، مشيدا بدور إردوغان في "التمهيد للسلام والعمل من أجله".
كما رحبت وزارة الخارجية العراقية بالدعوة معتبرة إياها "خطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة"، بينما استمرت الاشتباكات بين الحزب والقوات التركية في دهوك.
وقالت الوزارة في بيان في وقت متأخر الخميس إنها "تعتبر هذه الخطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة وخطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز الأمن، ليس فقط في العراق بل في المنطقة بأسرها".
وشدّدت على أن "الحلول السياسية والحوار هما السبيل الأمثل لمعالجة الخلافات وإنهاء النزاعات".
وكان شمال العراق وجيال إقليم كردستان ساحة للقتال بين العمال الكردستاني والجيش التركي الذي شن العديد من العمليات العسكرية في مناطق وعرة بمحافظتي دهوك والسليمانية.
أما في سوريا فقد أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارا بـ"قسد" والتي يقودها الأكراد مظلوم عبدي الخميس أن دعوة أوجلان لإلقاء السلاح تتعلق بحزب العمال الكردستاني، وليس بقواته.
وتتهم تركيا حزب العمّال الكردستاني أيضا بالقتال في شمال شرق سوريا إلى جانب "قسد" غير أنّ هذه القوات تحظى بدعم الولايات المتحدة في إطار محاربة الجهاديين وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش". ولفت المؤرخ حميد بوزارسلان من معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية والإنسانية في باريس، إلى أنّ لا أحد يعرف في هذه المرحلة نيات واشنطن التي تحتفظ بقواتها على الأرض.