العملات المشفرة تسيل لعاب الأثرياء رغم المخاطر

ثلث من يملكون ما لا يقل عن مليون دولار مخصصة للاستثمار يعبرون في درجة مرتفعة من الاهتمام بشراء أو حيازة العملات الرقمية، وربعهم مهتمون بها نوعا ما، رغم تقرير بنكي دولي حديث يصفها بـ"الخطرة والضارة وعديمة القيمة والوسيلة لانهيار قيمة الأصول".
نحو نصف المليونيرات فقط على وفاق مع مديري ثرواتهم
الأثرياء يحقون عوائد استثمارية تزيد على 20 بالمئة في 2017 للعام الثاني على التوالي

زوريخ - خلص مسح نُشرت نتائجه اليوم الثلاثاء أن نحو نصف المليونيرات فقط على وفاق مع مديري ثرواتهم وإن الأثرياء مهتمون على نحو متزايد باستثمارات العملات المشفرة رغم التحذيرات المتتالية.

وحقق الأثرياء عوائد استثمارية تزيد على 20 بالمئة في 2017 للعام الثاني على التوالي. ويعرف استطلاع كابجيميني الأثرياء بمن يملكون ما لا يقل عن مليون دولار مخصصة للاستثمار بخلاف منازلهم الرئيسية ومقتنيات مثل المجموعات الفنية والسيارات.

وخلص تقرير كابجيميني للثروة العالمية للعام 2018 إلى أن تلك العوائد ساعدت في أن يتجاوز مجموع ثرواتهم 70 تريليون دولار للمرة الأولى ليتجهوا صوب المئة تريليون دولار بحلول 2025.

لكن هذا لم يعزز رضاهم عن المسؤولين عن إدارة ثرواتهم.

وقال نحو 65 بالمئة فقط من المليونيرات إنهم يتواصلون على "نحو جيد للغاية" مع مديري ثرواتهم، وهو ما يقل عن مستوى السبعين بالمئة الذي تقول مجموعة استشارات الأعمال الفرنسية إنه الحد المقبول.

وأظهر المسح تنامي حماس الأثرياء للعملات الرقمية في 2017، إذ عبر 29 بالمئة من المليونيرات عن درجة مرتفعة من الاهتمام بشراء أو حيازة العملات المشفرة وقال نحو 27 بالمئة إنهم مهتمون نوعا ما.

ورغم ذلك قال نحو الثلث منهم فقط إنهم تلقوا معلومات بشأن العملات المشفرة من مديري ثرواتهم.

وحماس الاثرياء للعملات الرقمية يتجاهل تماما التحذيرات المتتالية من مخاطرها.

 

عملة بتكوين
يمكن أن تنهار ببساطة لتجعل العملة بلا قيمة

وآخر هذه التحذيرات جاء في قرير بنك التسويات الدولي "بيس" في سويسرا، والذي وصفها بـ"الخطرة والضارة وعديمة القيمة والوسيلة لانهيار قيمة الأصول".

وخصص التقرير السنوي للبنك المعروف بأنه البنك المركزي العالمي للبنوك المركزية الوطنية، فصلا كاملا عن العملات الافتراضية ومدى ما تشكله من خطورة على النظام المالي العالمي وعلى ثروات الأفراد.

يخلص التقرير إلى أن التعدين (البحث عن العملات الافتراضية عبر الإنترنت) والتداول أصبح كارثة بيئية عالمية لما يحتاجه من طاقة، حيث تستنزف بيتكوين وحدها طاقة تساوي ما تستهلكه دولة مثل سويسرا.

وأشار إلى أن العملات الرقمية تصبح "بلا قيمة من خلال عمليات الغش أو الاختراق الرقمي" وغالبا ما يتم التداول فيها عبر "صناديق وهمية تودي بثروة المواطنين بعيدا عن قواعد التعامل الرسمية".

ومن سلبيات هذه العملة أيضا أن الثقة التي تعد أهم قيمة للعملات، يمكن أن تنهار ببساطة لتجعل العملة بلا قيمة، حيث ذكر التقرير "يمكن للثقة أن تتبخر في أي لحظة نتيجة هشاشة عملية التدقيق التي تضمن إتمام المعاملات، كما أن العملة الرقمية يمكن أن تتوقف تماما ما يعني خسارة القيمة بالكامل".

ويفصل التقرير أيضا وهم سرعة التعامل بالعملات الرقمية الافتراضية بعيدا عن الأنظمة المالية الرسمية، إذ أن التدقيق في أي معاملة يأخذ في التباطؤ مع كل عملية، فكلما ارتفع عدد العملات المتداولة كلما زاد الوقت المطلوب للتداول وصولا إلى عدة ساعات.

ويقارن التقرير ذلك مع شركتي بطاقات الائتمان فيزا وماستركارد اللتين تنتهيان من 5600 عملية في الثانية، وبكلفة لا تكاد تذكر، أما مع معاملات البيتكوين وأمثالها ترتفع كلفة المعاملة الواحدة لتصل إلى 48 دولار.

وهناك خطر آخر يحيط بالعملات الافتراضية وهو احتمالية عدم إتمام المعاملة لأي سبب ما يعني خسارة المتداول بالعملات الرقمية الافتراضية للثروة.

ولأن تلك العملات وتداولها لا يخضع لأي قواعد، فلا يوجد أي سند لها في حال خسارة المتعامل لثروته وهو خطر حقيقي مع وجود آخرين لديهم مهارات اختراق أوسع تمكنهم من "خطف" ثروة غيرهم.

وباستثناء عدد قليل من جهات التعامل الرسمية فإن كثيرا من "بورصات" تداول العملات الرقمية الافتراضية تبين أنها لا تعدو عمليات نصب منظمة تستخدم التكنولوجيا لنهب ثروات الأفراد.

وفي النهاية يؤكد تقرير بنك التسويات الدولي أن مشكلة العملات الرقمية الافتراضية ليست في التكنولوجيا من ناحية الأمان أو سهولة الاختراق، ولكنها مشكلة بنيوية بالأساس يصعب حلها بإخضاعها للقواعد أو التنظيم.