الغنوشي يدعو لمقاربة سياسية جديدة لإضعاف سعيّد

دعوة رئيس البرلمان التونسي إلى نظام برلماني كامل تأتي في ظل رفض رئيس الدولة للتعديل الوزاري وعدم توجيه دعوة للوزراء الجدد لأداء القسم بعد خمسة أيام من مصادقة البرلمان على تعيينهم.
الغنوشي يسعى لتأسيس نظام برلماني يقلل من دور رئيس الجمهورية خدمة لمصالح حزبه

تونس - دعا رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي إلى ضرورة إقامة "نظام برلماني كامل"، لتجاوز أي إشكالات قد تحدث جراء "المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني" المعمول به في البلاد حاليا.

جاء ذلك في تصريحات خلال ندوة افتراضية على تطبيق زووم مع تونسيين يعيشون في الولايات المتحدة، مساء السبت، نشر راديو 'صبرة إف إم' المحلي فقرات منها.

ويسعى رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإسلامية لإرساء نظام برلماني يعزز طموحاته السياسية الضيقة ويضعف صلاحيات رئيس الجمهورية خدمة لمصالح حزبه وذالك عبر حشد مزيد من الاصطفافات السياسية للتغوّل في مسك بوادر الحكم ووضع رئاسة الجمهورية في عزلة وبمهام شرفية.

وتأتي دعوة الغنوشي إلى مقاربة سياسية جديدة بعد رفض الرئيس التونسي قيس سعيّد للتحوير الوزاري الذي طرحه رئيس الوزراء هشام المشيشي المدعوم من قبل حركة النهضة الإسلامية.

وقال سعيّد إن التعديل الوزاري مخالف للقانون الدستوري، مشيرا أيضا إلى أن "بعض المقترحين في التحوير تتعلق بهم قضايا وشبهات فساد أو لهم ملف تضارب مصالح".

وكان الرئيس التونسي المستقل وهو رجل قانون قد أعرب عن استيائه لعدم استشارته بخصوص التحوير الوزاري، مستنكرا غياب المرأة في القائمة المقترحة.

وقال الغنوشي إن "رئيس الدولة يمتنع عن قبول أداء القسم للوزراء الجدد وبالتالي هو رافض للتعديل الوزاري ويعتبر أن له الحق بقبول أو رفض بعض الوزراء"، داعيا إلى ضرورة إقامة نظام برلماني كامل.

ولم يصرح سعيد نصا أنه يرفض أداء قسم الوزراء الجدد، لكن رغم مرور 5 أيام على مصادقة البرلمان، بالأغلبية المطلقة على التعديل الوزاري الذي أجراه المشيشي، إلا أن رئيس البلاد لم يوجه بعد، دعوة للوزراء الجدد لأداء اليمين.

وأقر الغنوشي وهو زعيم الحركة صاحبة الأغلبية في البرلمان (54 من أصل 217)، بأن "الإشكالية في تونس اليوم هي المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني، ونحن نفترض في نظام برلماني دور رئيس الدولة فيه رمزي وليس إنشائي".

وتابع الغنوشي خلال الندوة أن "موضوع الحكم ومجلس الوزراء يعود إلى الحزب الحاكم ورئيس الحكومة".

واعتبر أن "الدرس الذي نخلص إليه هو ضرورة إقامة نظام برلماني كامل فيه فصل حقيقي بين السلطات، والسلطة التنفيذية تكون في يد الحزب الفائز في الانتخابات وهو الذي يقدم رئيسا للوزراء".

ووفق خبراء عدم دعوة سعيد للوزراء الجدد لأداء اليمين، رغم أنه تقليد دستوري معمول به بتونس، كان تطورا طبيعيا لاعتراضه على التعديل الذي أجراه المشيشي في 16 يناير/كانون الثاني الجاري، وشمل 11 حقيبة من أصل 25، بينها العدل والداخلية.

والمشيشي هو وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، واختاره سعيد في يوليو/تموز الماضي لتشكيل حكومة جديدة، غير مبال بالمقترحات التي قدمتها الأحزاب السياسية آنذاك فيما يتعلق بمنصب رئاسة الحكومة.

لكن بدأت بوادر خلاف بين سعيد والمشيشي الذي تدعمه النهضة بقوة وفق إعلام محلي، بعد تولي الأخير رئاسة الحكومة، وتفاقم الخلاف أواخر سبتمبر/أيلول الماضي مع تلميح رئيس الوزراء بإجراء رئيس البلاد تعيينات لمستشارين منتمين للنظام السابق وهو ما قوبل برفض شديد من قبل سعيد.

وتسعى حركة النهضة في دعمها لحكومة المشيشي لتلافي عزلته المتفاقمة وترقيع شعبيتها المتآكلة عبر الاستناد لمقاربة سياسية جديدة في وقت يواجه زعيمها تحركات من قبل كتلة الحزب الدستوري الحر لمحاولة عزله من رئاسة البرلمان.

وتعيش تونس مؤخرا على وقع احتجاجات غاضبة متصاعدة تنديدا بتردي الأوضاع والظروف المعيشية الصعبة وسط أزمة اقتصادية آخذو في التفاقم بسبب انتشار فيروس كورونا، في المقابل تنشغل الطبقة السياسية في الصراع على النفوذ وحصد المناصب بدل معالجة مشكلات البلاد، وهو ما شكل على مدى السنوات العشر الماضية أزمة سياسية مستمرة وفاقم الاحتقان الشعبي المناهض للنظام "الفاشل".