الفاتيكان 'وسيط' بشروط لكسر جمود أزمة لبنان السياسية

بابا الفاتيكان يعد بزيارة لبنان لكن ليس قبل تنحية القوى السياسية لخلافاتها جانبا من أجل مصلحة البلاد ومن أجل تشكيل حكومة وطنية.
الحريري يكثف من جولاته الخارجية طالبا مساعدة لبنان
الأزمة السياسية تنفتح على تعقيدات أوسع ولا تغادر مربع الجمود
عون يدعو للهدوء بعد اقتحام قاضية تحقيق معزولة شركة صرافة بشبهة فساد

روما/بيروت- وعد البابا فرنسيس بابا الفاتيكان اليوم الخميس، رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري بأن يزور لبنان، لكن ليس قبل أن تنحي القوى السياسية خلافاتها جانبا من أجل صالح البلاد.

وقال الفاتيكان إن الحريري الذي سيجتمع كذلك مع زعماء إيطاليا خلال زيارة قصيرة للبلاد، أجرى محادثات مع البابا استمرت نحو نصف الساعة.

وقال الحريري للتلفزيون اللبناني بعد ذلك إن البابا سيزور البلاد، لكن بعد أن يتمكن الساسة المنقسمون من الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، مضيفا "قداسة البابا سيزور لبنان لكن بعد تشكيل الحكومة... شرحت لقداسة البابا فرنسيس المشاكل التي نعاني منها وطلبت من قداسته مساعدة".

وتابع "وهذه رسالة إلى اللبنانيين بأنه علينا أن نشكل حكومة لكي تجتمع جميع القوى والدول لمساعدتنا ونتمكن من النهوض بلبنان مع أصدقائنا".

وجاء في بيان الفاتيكان أن البابا فرنسيس "أراد خلال اللقاء الذي استمر ثلاثين دقيقة تقريبا أن يؤكد مجدّدا قربه من الشعب اللبناني الذي يعيش مرحلة تتميز بصعوبة كبيرة وعدم يقين، وذكَّر قداسته بمسؤولية القوى السياسة كافة والتي عليها الالتزام بشكل عاجل لصالح الأمة".

واستقال الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء ثلاث مرات في 2019 بعد احتجاجات على النخبة الحاكمة التي حمّلها المتظاهرون المسؤولية عن إغراق البلاد في أزمة.

وكُلف مرة أخرى بتشكيل الوزارة في أكتوبر/تشرين الأول لكنه ظل مختلفا مع الرئيس ميشال عون ولم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة.

وما زال لبنان يعاني من أثر انفجار كيميائي ضخم في مرفأ بيروت العام الماضي أسفر عن مقتل 200 شخص وأحدث أضرارا بمليارات الدولارات مما زاد من ضعف اقتصاد متداع بالفعل.

وقال البيان إن البابا فرانسيس الذي أعلن أول مرة عن نيته زيارة البلاد في عظة عيد الميلاد، حث المجتمع الدولي على مساعدة لبنان في النهوض من عثرته.

وطلب الحريري الذي يكثف في الفترة الأخيرة من جولاته الخارجية، مساعدة من روسيا ودول أخرى.

وفي وقت سابق هذا الشهر عرضت شركات ألمانية منها هامبورج بورت كونسالتينج خططا بمليارات الدولارات لإعادة بناء مرفأ بيروت والأحياء المجاورة. وقالت شركة 'سي.إم.إيه سي.جي.إم' الفرنسية لشحن الحاويات إنها تتبع خطة لإعادة تشغيل المرفأ.

ولا يمكن أن يمضي أي من المشروعين قبل أن يكسر زعماء لبنان الجمود السياسي الذي يحول دون تشكيل حكومة ويعطل الإصلاح الاقتصادي الذي تقول الدول الغربية إنه يجب أن يحدث قبل تدفق المساعدات والاستثمارات على لبنان.

وفي تطور آخر حذر الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الخميس من مغبة تدمير الممتلكات بعد تنحية قاضية عن تحقيق في فساد مالي الأسبوع الماضي مما دفعها هي وأنصارها لاقتحام مكتب للصرافة.

وأدلى عون بتلك التصريحات في بيان صدر بعد اجتماع أمني ضم رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير الداخلية ومسؤولين آخرين.

مشادات عنيفة بين عناصر من الجيش اللبناني وأنصار قاضية معزولة
مشادات عنيفة بين عناصر من الجيش اللبناني وأنصار قاضية معزولة

وذكرت وسائل إعلام محلية أن القاضية غادة عون اقتحمت أمس الأربعاء هي وآخرون مقر شركة صرافة في تحد لتنحيتها عن التحقيق وقام بعض المشاركين بتحطيم الأبواب.

وتلك هي المحاولة الثانية لاقتحام مكتب شركة الصرافة من جانب القاضية عون التي لا تربطها قرابة مباشرة بالرئيس لكن بدا أن أنصارها من المؤيدين بشكل كبير لحزبه.

وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن القاضية وهي ممثلة الادعاء في منطقة جبل لبنان، أخذت ملفات وأجهزة كمبيوتر معها من مقر الشركة. وانتشرت قوات الأمن في الموقع.

واعترض الرئيس اللبناني على قرار النائب العام غسان عويدات تنحية القاضية عن قضايا فساد مالي الأسبوع الماضي. ويسعى الرئيس لمساءلة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة.

وتفاقم الخلاف ووصل إلى الشوارع ووسائل الإعلام المحلية، ويقول منتقدون إنه أظهر بوضوح القبضة السياسية على النظام القضائي في بلد يعاني من أزمة مالية متجذرة في الفساد وتراكم الديون.

وتسبب الانهيار المالي في لبنان في تدهور قيمة العملة وشل عمل البنوك وحرم المودعين من أموالهم.