الفصائل الكردية تستعد لمعركتها الأخيرة في شرق سوريا

قوات سوريا الديمقراطية تواصل إجلاء المزيد من المحاصرين في الجيب الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية قبل هجوم حاسم يتوقع أن يرسم نهاية دولة الخلافة المزعومة.

داعش يتخذ من المدنيين دروعا بشرية في الباغوز
المزيد من المدنيين يفرون من آخر جيب يسيطر عليه داعش
إتمام إجلاء المحاصرين يشكل ساعة الصفر لشنّ الهجوم الأخير على داعش

الباغوز (سوريا) - أجلت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن دفعة جديدة من المحاصرين من جيب تنظيم الدولة الإسلامية الأخير في شرق سوريا الخميس، في حين تستعدّ الفصائل الكردية والعربية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية لاستئناف هجومها الأخير على من تبقى من عناصر التنظيم المتطرف في الباغوز في محافظة دير الزور.

ومنذ ثلاثة أيام، تواصل قوات سوريا الديمقراطية عمليات إجلاء آلاف الأشخاص من بلدة الباغوز، ما دفعها إلى إبطاء وتيرة المعارك منذ ليل الأحد إفساحا في المجال لخروج المدنيين، إذ تتهم التنظيم المتطرف باستخدامهم كدروع بشرية. وخرج منذ الأحد أكثر من سبعة آلاف شخص.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 بشكل مفاجئ قرار سحب الجنود الأميركيين المتمركزين في سوريا ( ألفا جندي)، في أسرع وقت ممكن، مؤكدا أن تنظيم الدولة الإسلامية هُزم.

وأعلن البيت الأبيض في وقت لاحق أن الجيش الأميركي سيُبقي لفترة زمنية محددة حوالي مئتي جندي في سوريا "لحفظ السلام".

وتدعم طائرات التحالف الدولي قوات سوريا الديمقراطية في معركتها الأخيرة ضد الجهاديين في شرق سوريا، عبر شنّ غارات جوية.

وأكد المتحدث باسم التحالف شون راين الثلاثاء أن "معركة دحر ما تبقى من داعش في الباغوز متواصلة مع هجوم قوات سوريا الديمقراطية وضربات التحالف".

وأطلقت قوات سوريا الديمقراطية الجمعة هجومها الأخير ضد التنظيم بعد أن كانت علّقت عملياتها على مدى أسبوعين تمّ خلالهما إجلاء آلاف النساء والأطفال معظمهم من عائلات التنظيم وبينهم عدد كبير من الأجانب، فضلا عن رجال يُشتبه بأنهم ينتمون إلى التنظيم.

واليوم الخميس شوهد موكب مؤلف من عدة شاحنات بعضها يقلّ مدنيين وأخرى تقل جرحى، تغادر الباغوز التي توغلت فيها خلال الأيام الماضية قوات سوريا الديمقراطية، وتتجه نحو نقطة الفرز على بعد عشرين كيلومترا شمال البلدة.

ووسط سهل قاحل، يخضع الخارجون إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم لتمييز من يشتبه بأنهم مقاتلون في التنظيم.

ويتمّ نقل النساء والأطفال إلى مخيمات في شمال شرق سوريا أبرزها مخيم الهول، بينما يُرسل الرجال المشتبه بأنهم جهاديون إلى مراكز اعتقال لا تُعرف مواقعها للتوسع في التحقيق معهم. وخضع حوالي مئة شخص لعمليات تفتيش واستجواب عند نقطة الفرز الخميس.

وتخوض قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي منذ سبتمبر/أيلول 2018 الهجوم على التنظيم المتطرف في شرق سوريا.

وعلى وقع تقدمها، خرج نحو 58 ألف شخص منذ نهاية العام الماضي من مناطق التنظيم، بينهم أكثر من ستة آلاف مقاتل تم توقيفهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأقدم عناصر من قوات سوريا الديمقراطية بعد ظهر الخميس على تفجير لغم في الباغوز على مرأى من الصحافيين، كانوا كشفوه إلى جانب طريق أثناء عملية مسح للمنطقة. وخرقت الهدوء الحذر الذي كان يسيطر على الأجواء، رشقات نارية من سلاح أوتوماتيكي.

وواصلت قوات سوريا الديمقراطية في الأيام الأخيرة تقدمها داخل جيب التنظيم رغم تراجع وتيرة المعارك.

وقال مصدر ميداني في قوات سوريا الديمقراطية الخميس "قواتنا ثبّتت نقاطها في أجزاء من المخيم تقدمت إليها قبل أيام".

وأوضح أن هذه القوات "لا تتقدم فعليا في الوقت الحالي"، مؤكدا أن العائلات المتبقية في الباغوز "تراجعت إلى الجزء الخلفي من المخيم عند أطراف نهر الفرات".

ويتحصّن مقاتلو التنظيم في شبكة أنفاق حفروها تحت الأرض، يتنقلون عبرها لشن هجمات. ويتصدون للهجوم عبر استخدام القناصة وانتحاريين وسيارات ودراجات مفخخة، وفق ما يقول قياديون ميدانيون.

ومُني التنظيم الذي أعلن في 2014 إقامة "خلافة إسلامية" على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقوانينه المتشددة، وأصدر مناهج دراسية وعملة خاصة وجنى ضرائب من المواطنين.

ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة وانتشاره في البادية السورية مترامية الأطراف.