الفلسطينيون يدينون "الابتزاز الأميركي الرخيص"

عريقات يقول إن القرار الأميركي يفضح المغزى الحقيقي لسياسة المساعدات الأميركية المتمثل بالتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى والتأثير على خياراتها الوطنية.

رام الله - دانت منظمة التحرير الفلسطينية السبت قرار واشنطن إلغاء مساعدات مالية تقدر بأكثر من مئتي مليون دولار كانت مخصصة للشعب الفلسطيني معتبرة أنه "ابتزاز رخيص لتحقيق مآرب سياسية".

وصرح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين الجمعة إنّه "بطلب" من الرئيس دونالد ترامب، ستقوم الإدارة الأميركية "بتغيير وجهة استخدام أكثر من مئتي مليون دولار كانت مخصّصة أساساً لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة".

وأضاف المسؤول الأميركي أن "هذه الأموال ستذهب الآن إلى مشاريع تحتل أولوية كبرى في أماكن أخرى"، مشيرا إلى أن هذا الإجراء اتّخذ بعد "مراجعة برامج المساعدة الأميركية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لكي يخدم إنفاق هذه الأموال المصالح القومية للأميركيين".

واعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في بيان السبت أن "هذا القرار بمثابة إعلان فاضح واعتراف بالمغزى الحقيقي لسياسة المساعدات الأميركية المتمثل بالتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى والتأثير على خياراتها الوطنية".

وأضاف أن "المساعدات ليست منّة على شعبنا وإنما واجب مستحق على المجتمع الدولي الذي يتحمل مسؤولية استمرار الاحتلال الإسرائيلي لما يشكله من سد مانع أمام إمكانية التنمية والتطور للاقتصاد والمجتمع الفلسطيني".

واعتبر أن واشنطن تتخلى عن هذا الالتزام الدولي عبر وقفها لهذه المساعدات.

ويأتي القرار بعد أيام من زيارة قام بها مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون لإسرائيل أجرى خلالها محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

من جهتها، رأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي إن "الإدارة الأميركية أثبتت أنها تستخدم أسلوب الابتزاز الرخيص أداة ضغط لتحقيق مآرب سياسية".

واعتبرت أن "هذا السلوك المستهجن يدل على إفلاسها السياسي والأخلاقي"، مشيرة إلى أن واشنطن "من خلال تواطئها مع الاحتلال الذي سرق الأرض والموارد وفرضها للعقوبات الاقتصادية تمعن في معاقبة الضحية ومكافأة المحتل".

حنان عشراوي
"إفلاس سياسي"

من جهته، قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم إن "الرد المطلوب على سياسة الابتزاز الأميركية هو الإسراع في توحيد الصف الداخلي الفلسطيني وتقوية الجبهة الداخلية".

وكان السفير الفلسطيني في واشنطن حسام زملط علق على القرار بقوله إن إدارة الرئيس ترامب "تقوّض عقوداً من الرؤية والالتزام الأميركيين في فلسطين".

وأضاف "بعد القدس والأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، تأتي هذه الخطوة لتؤكد على تخلّيها عن حلّ الدولتين وتبنّيها الكامل لأجندة نتانياهو المعادية للسلام".

والعلاقات بين إدارة ترامب والسلطة الفلسطينية مجمّدة منذ أعلن الرئيس الأميركي في السادس من كانون الأول/ديسمبر 2017 اعتراف الولايات المتّحدة رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة لقيت رفضاً من المجتمع الدولي وغضبا فلسطينياً عارماً.

ويرفض الفلسطينيون منذ ذلك الحين إجراء أي اتصال مع الإدارة الأميركية ويؤكدون رفضهم لدورها كوسيط في عملية السلام مع إسرائيل.

وردا على هذا الموقف أعلن ترامب في نهاية كانون الثاني/يناير أنه سيشترط عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات لتسليمهم المساعدات. وقام بتجميد هذه المبالغ المقدرة بـ215 مليون دولار وكان يفترض أن توظفها الإدارة الأميركية في غزة والضفة الغربية للمساعدة الإنسانية والتنمية.

وكانت الولايات المتحّدة قلّصت في كانون الثاني/يناير بنسبة كبيرة مساهمتها المالية في ميزانية أونروا التي اضطرت لتسريح أكثر من 250 موظفا منذ ذلك الحين.

"إجراءات استفزازية"

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن هذا القرار "أخذ في الحسبان التحدّيات التي يواجهها المجتمع الدولي في تقديم المساعدات في قطاع غزة الذي تُعرّض سيطرة حماس عليه أرواح مواطنيه للخطر وتزعزع الوضعين الإنساني والاقتصادي الكارثيين أصلاً فيه".

ويعمل البيت الأبيض بإشراف فريق صغير يقوده غاريد كوشنير صهر الرئيس والمبعوث الخاص جيسون غرينبلات، منذ أشهر على خطة سلام في الشرق الأوسط ما زالت ملامحها غامضة ويجري الحديث عنها باستمرار.

وأشاد ترامب الذي أكد قبل قراره المثير للجدل حول القدس أنه يريد التوصل إلى "اتفاق أخير" لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مرارا بميزات الاقتراح الأميركي المقبل.

ويرى مراقبون في هذه القرارات المالية وسيلة للي ذراع السلطة الفلسطينية لدفعها إلى القبول بخطة السلام الأميركية في نهاية المطاف.

لكن سفير فلسطين أكّد أن "استخدام المساعدات الإنسانية والتنموية سلاحاً للابتزاز السياسي لن يجدي نفعا".