'الفن والتأويل' يتأمل في الفن التشكيلي العماني

الكتاب يشكّل إضافة جديدة في قائمة الدراسات النقدية الفنية.

عمان - يتأمل كتاب "الفن والتأويل/ دراسات نقدية في الفن التشكيلي العُماني" المُنجَز الفني العُماني، الحديث والمعاصر، وفق مناهج ومداخل تهدف إلى فحص ظواهرِه في تناميها التاريخي، وفي علاقتها بالجاري على ساحة الفن العالمي.

ويشكّل الكتاب الذي أصدرته "مؤسسة بيت الزبير" في العاصمة العُمانيّة مسقط عن "الآن ناشرون وموزعون"، إضافة جديدة في قائمة الدراسات النقدية الفنية، إذ يضمّ الكتاب مجموعة من الدراسات الفنية لمجموعة من الباحثين المعتبَرين في تاريخ الفن والنقد الفني.

وجاء الكتاب الذي راجعته وحررته الأستاذة الدكتورة فخرية اليحيائية، في ثلاثة فصول، الأول حمل عنوان "النحت العُماني والمغربي/ مقاربة جمالية في المشابهة والاختلاف"، وقد كتبه الباحث والناقد المغربي إبراهيم الحيسن، لافتًا خلاله النظر إلى انكباب جلّ النحاتين، التجربة النحتية العُمانية والمغربية، على تنويع الخامات والسنائد من خشب ورخام وحديد والنهل تجريديّا وتعبيريّا من التراث المحلي المتجسِّد في اللغة التشكيلية المستعملة في التجسيم والتوليف، إلى جانب تحوير الأشكال العضوية والنماذج الآدمية والحيوانية واختزالها لتصير مبسطة.

مع ملاحظة أخرى أشار إليها الباحث الحيسن، تكمن في إصرار بعض النحاتين من البلدين على التجديد وتجاوز النماذج النحتية التقليدية عبر توظيف التقنيات الجديدة والمبتكرة في النحت المعاصر.

ليخلص الباحث تاليا إلى ملاحظة وتوصية يكاد يتفق عليها جلُّ النحاتين العُمانيين والمغاربة تتمثل في الحاجة إلى المزيد من العناية والرعاية، سواء من خلال تشجيع الصناعات الفخارية (الخزف الوظيفي)، أو من خلال دعم المعارض الفنية الفردية والجماعية للنحت والخزف الفني على غرار الرسم والتصوير، ومساعدة الفنانين على تزويد مشاغلهم ومحترفاتهم بالمعدات والأدوات والخامات الاحترافية الضرورية والمساعِدة على العطاء وتكثيف الإنتاج في مجال فن النحت والتجسيم أسوة بالنحاتين والخزَّافين المحترفين في العالم.

أما الفصل الثاني من الكتاب، فجاء تحت عنوان "الفن العُماني: تأويلات التلاقي والتقاطُع في سياق الفن العالمي"، وقد كتبه د. ياسر منجي، الناقد والمؤرخ الفني المصري، والأستاذ المساعد بجامعة السلطان قابوس، داعيًا إلى تشجيع فن النحت من خلال تبني خطة شاملة لإنتاج المنحوتات والأعمال الصرحية والنُصُب التذكارية الميدانية؛ قياسا على تجارب البلاد العربية التي انتعش فيها النحت من هذا المنطلق، وبخاصةٍ حين ارتبط برموز قومية وأحداث تاريخية مهمة وإحالات إلى الثقافة الوطنية (مصر والعراق نموذجا). وإنشاء معاهد أو كليات للتربية الفنية وللفنون الجميلة وللفنون التطبيقية، تشتمل على أقسام متخصصة في تعليم فنون التصوير، والحفر، والنحت... الخ، وعدم الاقتصار على تعليم هذه المجالات كمقررات واردة ضمن تخصصات قسم واحد للتربية الفنية.

وفي ختام دراسته، دعا د. منجي كذلك إلى التوسع في الاقتناء الفني على المستوى الرسمي، استهدافا لإنشاء "متحف عُمان للفن الحديث"، و"متحف عُمان للفن المعاصر"، بما سينعكس على حراك ينعش كافة المجالات الفنية البصرية في السلطنة، وإلى دشين "بينالي مسقط الدولي للفن المعاصر"، أسوة ببقية بيناليات العواصم العربية، مما من شأنه أن يمثل حالة حراك منتظمة على أرض السلطنة، يتم فيها التلاقي والتفاعل بين الرؤى شرقا وغربا.

أما الفصل الثالث من الكتاب، فجاء تحت عنوان "الفـن والتأويـل"، وقد كتبه طلال معلاّ، الفنان والباحث في الجماليات المعاصرة، مشيرًا في مستهلّه إلى أن الفنون التشكيلية والبصرية العُمانية أضحت عاملاً ثقافياً مؤثراً في التخطيط الاستراتيجي من أجل إبراز المكانة المهمة للإبداع المحلي، واعتباره محفزاً للإبداع والابتكار بكافة أشكاله وصوره، وقد عكس إلى جانب أهميته البحثية في الجوانب البصرية، وضعه الحالي كجزء من رأس المال الثقافي والمعرفي للسلطنة، وطرفاً في تسليط الضوء على الهوية الخاصة وتعزيزها، وكذلك ما يملكه من صلة بالمعارف التقليدية والحرف والصناعات الإبداعية ذات الأصل في الإبداع الفردي والمهارة الموهبة وباقي الفنون الجميلة، وكل ما يشكل أصولاً معنوية ثقافية لاقتصاديات المعارف الجمالية، التي تشكل ثروة مجتمعية ومعرفية.

وفي خاتمة الفصل، يرى معلاّ أن "الفن في تبدل أحواله يدعو إلى الحيرة، رغم أن مختلف المحاولات الإبداعية تكون في التصنيف العام لتحقيقها مخلصة وذكية، إلا أن الأسئلة التي تثار عادةً حول هذه التجارب قد تنعكس فيما ندعوه خطاب الفن، الذي يشكل بمحتواه المغامرة الإبداعية التي يلجأ إليها الفنانون للتعبير عن أفكارهم. مع ملاحظة أنهم عبر هذه الأعمال يسعون للتواصل مع العالم؛ عالم الفن، وعالم الحياة، وعالم المعارف المتجددة، والرؤية العامة للتواصل مع الآخر عبر الفن المعاصر، وكل ما يمكن أن يحتويه أو ينطوي عليه من جماليات".