القروي مرشح رئاسي مثير للجدل

رجل الأعمال وقطب الإعلام التونسي الذي تم إيداعه السجن بموجب مذكرة جلب بتهم تتعلق بتبييض الأموال والفساد، شخصية سجالية بامتياز.

تونس - يعتبر قطب الإعلام التونسي نبيل القروي الذي أوقف الجمعة وتم ايداعه السجن، شخصية سجاليّة لا يردعها أي تناقض وقد ترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة رافعا شعار الدفاع عن الفقراء في حملة بدأها قبل نحو ثلاث سنوات واعتبرها خصومه السياسيين حملة انتخابية مسبقة، في حين يواجه تهما بتبييض الأموال.

وأثار إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية قلق دوائر الحكم إلى حد أقر البرلمان في يونيو/حزيران تعديلا للقانون الانتخابي تقدمت به رئاسة الحكومة، ينصّ على رفض وإلغاء ترشح كل من يتبين قيامه أو استفادته من أعمال ممنوعة على الأحزاب السياسية خلال السنة التي تسبق الانتخابات التشريعية أو الرئاسية.

غير أن الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي لم يوقع على التعديل للقانون، تاركا الباب مفتوحا أمام القروي للمشاركة.

وينص الفصل 42 مكرر من هذا القانون الانتخابي على أنه "لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبيّن للهيئة (الانتخابية) قيامه أو استفادته خلال الـ12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية"، أو "تبيّن قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي".

وتمت المصادقة على القانون الجديد في 18 يونيو/حزيران بالأغلبية البرلمانية. وندّد نبيل القروي حينها "بمحاولة انقلاب سياسي"، مؤكدا في رسالة وجهها إلى النواب "لن أتخلى عن التزاماتي تجاه الفقراء وحقي الدستوري وحتى واجبي الأخلاقي في الترشح".

وأعلن القروي، مؤسس قناة 'نسمة' التلفزيونية الخاصة، في 2 أغسطس/اب ترشحه للانتخابات الرئاسية وخاض الحملة على رأس حزبه 'قلب تونس' الذي أسسه حديثا.

ويواجه القروي (55 عاما) العديد من القضايا ضده وضد قناته التي كانت مقربة من دوائر الحكم سابقا.

ونبيل القروي رجل تسويق بامتياز، شغل مناصب إدارة أعمال في شركات 'كولغيت' و'بالموليف' ثم 'هينكل' الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قبل أن يؤسس مع شقيقه غازي القروي شركة 'قروي أند قروي' للإعلام والإشهار عام 2002.

نبيل القروي رجل تسويق بامتياز خطط دعائيا واعلاميا للترشح للرئاسة
نبيل القروي رجل تسويق بامتياز خطط دعائيا واعلاميا للترشح للرئاسة

ومع اندلاع الثورة التونسية في 2011 أصبحت قناته التلفزيونية 'نسمة تي في' التي كانت متخصصة في برامج الترفيه، تحظى بمتابعة واسعة من قبل التونسيين وخصوصا عندما انتقلت إلى بثّ البرامج الإخبارية الناطقة باللهجة المحلية.

وأثار بثها في نهاية 2011 فيلم 'بيرسيبوليس' الفرنسي الإيراني جدلا في البلاد بسبب تجسيده صورة الذات الإلهية، ما تسبب بغرامة بقيمة 1200 يورو للقروي بتهمة "تعكير صفو النظام العام". وحاول متشددون مهاجمة منزله.

وكثيرا ما واجه القروي انتقادات واسعة وأتهم بتسخير قناته التلفزيونية لخدمة حملة الباجي قائد السبسي للرئاسة عام 2014، وقدم استقالته في نهاية المطاف من القناة في 2016 وانضم لاحقا إلى حزب 'نداء تونس'.

وقررت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري المكلفة بمنح التراخيص القانونية للمؤسسات الإعلامية في تونس ومراقبتها، الجمعة منع قناة 'نسمة' من تغطية الحملات الانتخابية، لاتهامها "بالتموقع من أجل التأثير على مفاصل الدولة".

وكانت الهيئة تؤكد على باب الشفافية حول مداخيل القناة ورأسمالها الذي يملك فيه رئيس الوزراء الايطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني نصيبا.

تم تجميد ممتلكات وأصول القروي ومنعه من السفر خارج البلاد إلى اليوم. وتمكن في السنوات الأخيرة من نحت صورة رجل الأعمال الناشط في المجال الخيري بتوزيعه إعانات على الفقراء

والقروي مستهدف بتحقيق قضائي يجريه القطب القضائي والمالي منذ 2017، إثر قضية رفعتها ضده منظمة "أنا يقظ" بتهمة التحايل الضريبي، على ما أعلن الناطق الرسمي باسم القطب سفيان السليطي.

كما رفعت المنظمة ذاتها قضية أخرى بحق القروي في 20 ابريل/نيسان 2017 بتهمة 'التعنيف' و'القذف' وسرعان ما شهدت القضية تصعيدا مع تسريب تسجيل يبدي فيه القروي استعداده لشن حملة تشويه لسمعة أعضاء المنظمة، ما أثار فضيحة في حينه.

كما تم تجميد ممتلكات وأصول القروي ومنعه من السفر خارج البلاد إلى اليوم. وتمكن في السنوات الأخيرة من نحت صورة رجل الأعمال الناشط في المجال الخيري بتوزيعه إعانات للعائلات والأشخاص الذين يعانون الفقر في المناطق الداخلية من البلاد.

ولعب البرنامج التلفزيوني الأسبوعي "خليل تونس" (نسبة لاسم ابنه الذي توفي في حادث مرور عام 2016) الذي يبث أسبوعيا على قناته نسمة دورا كبيرا في ذلك.

ويتنقل القروي بين قرى تونس المعزولة بمظهر شبابي وشعره الأبيض وقامته الرهيفة، فيصغي إلى السكان وتشكّيهم من صعوبة الحياة مع ارتفاع التضخم ونسبة البطالة التي تطال أعدادا كبيرة من شبابهم.

ويقول القروي "خليل تونس قربني من الناس ومن فهم المشاكل الاجتماعية الكبرى في البلاد. التواصل المباشر مع الناس أثر فيّ كثيرا ومطلع 2019 فكرت في الترشح للانتخابات".

ويرى علاء الطالبي رئيس "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" أن الرجل "يدرك جيدا ما يفعل وتمكن من خلال تلفزيونه والأعمال الخيرية التي يقوم بها من الدخول إلى بيوت المهمشين".

ويوضح الطالبي أنه "في غياب مؤسسات الدولة من السهل علي القروي ملء هذا الفراغ" وكسب تعاطف الناس.