القضاء الاسباني يعيد إحياء التحقيق في ملف ابراهيم غالي

مجرد إعادة إحياء ملف دخول زعيم البوليساريو لاسبانيا بوثائق مزورة يكتسي رمزية في سياق التقارب المغربي الاسباني ويسلط الضوء على حرص مدريد على غلق هذا الملف بينما تتجه إلى مرحلة جديدة في العلاقات أكثر موثوقية وتعاون مع الجانب المغربي.

الرباط - أعاد القضاء الاسباني فتح ملف متابعة دخول زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي إلى اسبانيا في أبريل/نيسان من العام 2021 بوثائق مزورة (جواز سفر جزائري) للعلاج من وباء كورونا وهي الواقعة التي فجرت أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد تمت تسويتها في الأشهر القليلة الماضية باعتراف الحكومة الإسبانية بمغربية الصحراء بمقترح الحكم الذاتي المغربي أساسا واقعيا لحل النزاع في الصحراء.

وبحسب تقرير لصحيفة 'الأيام' المغربية فإن قاضي التحقيق بمحكمة سرقسطة رافائيل لاسلافي المكلف بقضية زعيم البوليساريو، أصدر أوامر بتحديد مكان تواجد المدعو الوالي إبراهيم سيدي مصطفى نجل إبراهيم غالي من أجل استنطاقه في ما يتعلق بإدخال والده بجواز سفر جزائري دبلوماسي مزور إلى مستشفى سان بيدرو في لوغرونيو في 18 أبريل/نيسان 2021.

وهذا الإجراء يعني عمليا إعادة فتح ملف إبراهيم غالي من بوابة نجله المتهم بأنه ضالع في عملية التزوير مساهمة ومشاركة في استعمال جواز مزور وانتحال اسم مغاير.

وذكر المصدر ذاته أن المذكرة القضائية الرسمية توجه قوات الأمن الاسبانية بالبحث عن الوالي إبراهيم سيدي مصطفى وإيقافه لاستجوابه في وقائع تتعلق بتزوير وثائق رسمية.

وتأتي هذه التطورات بينما طوت مدريد والرباط أشهرا من التوتر وأزمة دبلوماسية ناجمة عن طريقة دخول غالي للأراضي الاسبانية ومغادرتها في طائرة جزائرية خاصة حضرت حينها لنقله سريعا خارج اسبانيا رغم أنه ملاحق في قضايا رفعها صحراويون ضده ويتهمونه فيها بالمسؤولية عن جرائم قتل وتعذيب واختطاف.

ومجرد إعادة إحياء هذا الملف له رمزيته في سياق التقارب المغربي الاسباني ويسلط الضوء على حرص مدريد على غلق هذا الملف بينما تتجه إلى مرحلة جديدة في العلاقات أكثر موثوقية وتعاون مع الجانب المغربي.

ولم تهدأ جهود جمعيات صحراوية معارضة لجلب كبير الانفصاليين للعدالة لمحاسبته عن جرائم منسوبة له ولقادة البوليساريو بحق صحراويين معارضين وبحق المحتجزين في مخيم تندوف إلا أن المسار القضائي يبدو بطيئا بفعل التدخلات السياسية خاصة من قبل الجزائر التي تضغط باستمرار لحماية غالي أو "بن بطوش" كما تلقبه الصحافة المغربية.

و كانت المحامية الأميركية والناشطة الحقوقية إرينا تسوكرمان قد تحركت العام الماضي من أجل دفع السلطات الاسبانية لاعتقال إبراهيم غالي وكان حينها متواجدا على أراضيها، معتمدة في جهودها على تحريك القضايا المرفوعة ضده.

وكتبت حينها رسالة لقاضي التحقيق الاسباني سانتياغو بيدراز غوميز دعته فيها لمحاكة إبراهيم غالي عن الجرائم المنسوبة إليه، مؤكدة حينها أن قضية كبير الانفصاليين ليست مجرد إجراءات قضائية عادية وأنه سبق لها أن التقت بشهود وناجين من سجون البوليساريو والتعذيب في مخيم تندوف، مضيفة أنها اضطرت للشهادة أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة  نيابة عن هؤلاء بسبب القمع والترهيب الذي يتعرضون له.

وحذّرت وقتها من أن يفلت غالي مرة أخرى من العقاب، مشيرة إلى مأزق سياسي وأخلاقي وتبعات خطيرة إن هو أفلت من المحاسبة.

وقالت في رسالتها "إذا أفلت غالي من التحقيق، فإن تداعيات ذلك ستلقي بظلالها على العلاقات الثلاثية (اسبانيا والمغرب والجزائر)، وقصص جميع الضحايا الآخرين الذين تم تهديدهم بعدم التقدم للإبلاغ عن تجاربهم".

وتابعت "إن ظروف قبول إبراهيم غالي الزعيم الانفصالي لجبهة البوليساريو، في إسبانيا، بهوية مزورة وجواز سفر دبلوماسي جزائري لأسباب إنسانية حسب مدريد، تطورت معها القضية إلى أزمة سياسية بين الرباط ومدريد".

وأشارت إلى أنه "إضافة إلى ذلك، تم القبض على غالي، لأسباب اغتصاب وتعذيب واختطاف لمواطنين من الجنسية الإسبانية وتتعلق هذه القضايا بكل من قضية السيادة الإسبانية والمخاوف الدولية الأوسع المتعلقة بالعدالة العالمية لما يرقى إلى جرائم الحرب. ولا يحتاج المرء إلى الانحياز إلى أي طرف في النزاع السياسي ليدرك تداعيات السماح لمنتهكي حقوق الإنسان بالإفلات من العقاب على الانتهاكات المرتكبة ضد المستضعفين والضعفاء".

وكانت الرسالة مطولة وحملت فيها المحامية الأميركية الكثير من التفاصيل عن معاناة الصحراويين وعن الجرائم التي ترتكبها قيادة البوليساريو بحقهم تحت غطاء جزائري. كما عرضت إلى مآس إنسانية وراء أسوار تندوف سيء السمعة الذي تداري فيه الجبهة الانفصالية جرائمها بعيدا عن الأعين والمتابعات الدولية وفي الوقت ذاته تستثمر مآسي أولائك المحتجزين تحت حرابها لابتزاز العالم ماليا وسياسيا في أزمات من صنعها.