القضاء الجزائري يحاكم قاصرا في قضية "كيدية وانتقامية"

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تعتبر محاكمة فتاة قاصر بتهمة "التجمهر غير المسلح" سابقة تجاوزت فيها السلطات عتبة جديدة في تصعيد القمع، معتبرة أن المحاكمة تنكيل بالعائلة بأكملها.
والد الفتاة المعتقلة مسجون منذ أشهر بتهمة الانتماء لحركة رشاد الإسلامية
هدأ الحراك الشعبي ولم تهدأ ملاحقات النشطاء قضائيا

الجزائر - تعيش الجزائر حالة من الهدوء النسبي بعد تراجع زخم الاحتجاجات المناوئة للنظام، لكن حالة الهدوء تلك لم تنعكس على مسار الملاحقين قضائيا ومعظمهم من نشطاء الحراك الشعبي، شكلت فيها محاكمة قاصر السابقة والاستثناء في سياق مضايقات وتضييق على المعارضين.

وسيحاكم القضاء الجزائري للمرة الأولى فتاة قاصرا تبلغ من العمر 14 عاما على خلفية وقائع مرتبطة بالحراك الاحتجاجي، وفق ما أفاد الخميس محاميها ومنظمة غير حكومية.

وقال محاميها عبدالحليم خيرالدين إنه من المقرر أن تمثل الفتاة الأربعاء مع عشرين شخصا آخر أمام محكمة عنابة شرق البلاد بتهمة "التجمهر غير المسلح".

وأضاف خيرالدين أنه يتوقع تأجيل المحاكمة، لأن القانون ينص على محاكمة القصّر أمام قضاء الأحداث. ويعتزم تقديم طلب بهذا المعنى في جلسة الأربعاء.

وتابع محتجا "إنها سابقة خطيرة لأننا نحاكم طفلة تبلغ 14 عاما على خلفية وقائع سياسية".

ووالد الفتاة في السجن منذ ثمانية أشهر وهو متهم بحسب عبدالحليم خيرالدين بالانتماء إلى منظمة "رشاد" الإسلامية المحافظة التي تصنفها الجزائر حركة "إرهابية".

من جهته قال نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي إن "هذه سابقة. تجاوزت السلطات عتبة جديدة في تصعيد القمع، حتى الأطفال لم يسلموا"، مضيفا "هذا تنكيل بالعائلة بأكملها، السلطة تريد تثبيط الجزائريين ودفعهم للتخلي عن حقوقهم ونضالهم".

وهناك حاليا نحو 300 شخص خلف القضبان في الجزائر على خلفية الحراك الاحتجاجي الذي يهزّ البلاد بشكل متقطع منذ العام 2019.

وتستند التهم الموجهة لكثير منهم إلى منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.

وبرزت في الأشهر القليلة الماضية اتهامات جديدة من بينها الانتماء لجماعة إرهابية محظورة وهي حركة رشاد الإسلامية وهي الاتهامات التي يعتبرها الحراك الشعبي "كيدية" ومحاولة لتشويه الحركة الاحتجاجية.

وسبق أن أعلنت السلطات الجزائرية إحباط مخططات إرهابية في ذروة الحراك الشعبي وقالت إنها كانت تستهدف المحتجين، فيما اعتبرها نشطاء الحراك محاولة للترهيب ولتبرير الإجراءات التي وصفوها بـ"القمعية".

والتهديدات الإرهابية واقع قائم في الجزائر منذ سنوات ولا يمكن إنكاره كما لا يمكن إنكار الجهود الأمنية في مواجهة الإرهاب، إلا أنه لا يوجد ما يؤكد أن المخططات الإرهابية كانت تستهدف الاحتجاجات لخلق حالة من الفوضى.

ويعتقد نشطاء أن السلطة توظف مكافحة الإرهاب لتقويض الحراك الشعبي بعد أن ثبتت السلطة نفسها على اثر انتخابات رئاسية وتشريعية شهدت مقاطعة شعبية واسعة ولم تعط الرئيس عبدالمجيد تبون ولا حزب جبهة التحرير الوطنية شرعية كاملة.