القضاء الفرنسي يضيف جرائم ضد الإنسانية في قضية مقتل صحافيَين في حمص
باريس - بعد ثلاثة عشر عاما على مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي أوشليك في قصف في سوريا تسارعت التحقيقات في جرائم الحرب وامتدت لتشمل جرائم ضد الإنسانية، وفق ما أفادت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب اليوم الثلاثاء وكالة فرانس برس.
وقررت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في 17 ديسمبر/كانون الأول توسيع التحقيق القضائي الجاري ضد أشخاص مجهولين، مؤكدة أنها أحالت الأمر على قاضية التحقيق للتحقيق في "وقائع جديدة تُعد جرائم ضد الإنسانية" وخصوصا "تنفيذ مخطط مدبر ضد مجموعة من المدنيين بينهم صحافيون وناشطون ومدافعون عن حقوق الإنسان، في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي".
ويشمل التحقيق في مقتل ريمي أوشليك وماري كولفين الاعتداءات المتعمدة على الحياة واضطهاد مجموعة من الأشخاص - في هذه الحالة ريمي أوشليك وماري كولفين والمصور البريطاني بول كونروي والمراسلة الفرنسية إديت بوفييه والمترجم السوري وائل عمر - والأفعال غير الإنسانية الأخرى التي استهدفت إديت بوفييه.
وقال ماتيو باغار، أحد محامي إديت بوفييه، "إن هذه التطورات الأخيرة غير مسبوقة لأنها تمهد لتوجيه تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في قضايا تتعلق بالصحافيين العاملين في مناطق النزاعات المسلحة".
وقدم المحامي، بالاشتراك مع زميلته ماري دوزيه، ملاحظات إلى قاضية التحقيق، موضحَين الأسباب التي تستوجب في نظرهما إصدار لائحة اتهام تكميلية من قبل نيابة مكافحة الإرهاب. وأحالت القاضية الأمر على النيابة التي تابعته.
وقالت دوزيه "لا يسعنا سوى الترحيب بموقف النيابة. بحسب علمنا، لا توجد سابقة من هذا النوع في فرنسا. إنها خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لمراسلي الحرب".
وقالت كليمنس بيكتارت، محامية عائلة ريمي أوشليك، إن "هذه خطوة إيجابية إلى الأمام لأن هذا التوصيف يتوافق مع الوقائع التي أبرزها التحقيق. نحن الآن ننتظر من القضاة إصدار أوامر اعتقال بحق كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الذين تم تحديد مسؤوليتهم".
وفي 21 فبراير/شباط 2012، دخل صحافيون غربيون مدينة حمص التي كانت تحاصرها قوات بشار الأسد ووصلوا إلى منزل تم تحويله إلى مركز صحافي في حي بابا عمرو، معقل فصائل المعارضة بقيادة الجيش السوري الحر.
وفي الصباح الباكر، استيقظوا على أصوات انفجارات، وأدركوا أن قوات النظام تستهدف الحي. وعندما تعرض المبنى الذي يقيمون فيه للقصف قرروا المغادرة. أول من عبر الباب، ماري كولفين وريمي أوشليك، قُتلا بقذيفة هاون. وفي الداخل، طرحت قوة الانفجار الباقين أرضا.
وتعرضت إديت بوفييه وهي في سن 31 عاما لإصابة خطيرة في ساقها. وتم تهريبها إلى لبنان ومن ثم إعادتها إلى فرنسا. وفي باريس، فتحت النيابة العامة تحقيقا بشأن الضحايا الفرنسيين في مارس/آذار 2012. وبدأت التحقيقات في جريمة قتل في حالة ريمي أوشليك ومحاولة قتل في حالة إديت بوفييه.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، تم توسيع نطاق التحقيق ليشمل جرائم الحرب (الاعتداءات على الحياة والسلامة البدنية، والهجمات المتعمدة ضد المدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في القتال، والاتفاق لارتكاب هذه الجرائم). وفي عام 2016، قام الضحايا الأجانب أو عائلاتهم بتسجيل أنفسهم كأطراف مدنية.
وقالت إديت بوفييه في يناير/كانون الثاني 2013 "لم نكن في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، كانت هناك رغبة في استهدافنا باعتبارنا شهودا على العنف العسكري للنظام وردع الصحافيين الآخرين عن المجيء، وفقا لجلسة الاستماع التي استشهد فيها محاميها بملاحظاتهم التي اطلعت عليها فرانس برس.
ووفقا لهذه الملاحظات نفسها، قال ضابط سابق في قوات النظام السوري في مارس/آذار 2016 أيضا، شرط عدم الكشف عن هويته، "يجب أن يكون معروفا أن الهدف الرئيسي للنظام هو ضرب الصحافيين لأنهم هم الذين شهدوا على حقيقة الوضع".
وكتب محققو المكتب المركزي لقمع العنف ضد الأشخاص الملاحظات نفسها في تقرير صدر في يونيو/حزيران 2019 وجاء فيه أن المبنى الذي كان فيه الصحافيون كان "هدف نظام بشار الأسد".