القضاء اللبناني يرفض طلب قاض التنحي عن قضية رياض سلامة
بيروت - قال مصدر قضائي كبير إن محكمة في بيروت رفضت طلب قاض التنحي عن النظر في قضية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وتوجيه اتهامات إليه بالفساد، مما يمهد الطريق للمضي قدما في القضية.
ويسلط طلب القاضي زياد أبوحيدر التنحي عن القضية الضوء على حالة التدخل السياسي في المسار القضائي وإلى حدّ ما عدم حيادية القاضي الذي علل طلبه بأنه سبق له أن أبدى رأيه في القضية المثيرة للجدل والتي يترقب اللبنانيون نتائجها كونها واحدة من أكبر قضايا الفساد التي أدخلت لبنان في دوامة أزمة مالية طاحنة.
وأحال النائب العام التمييزي غسان عويدات الأسبوع الماضي سلامة وعددا من أعوانه إلى محكمة في بيروت بعد انتهاء تحقيق أولي استمر 18 شهرا، وطلب من القاضي زياد أبوحيدر توجيه اتهامات من بينها الإثراء غير المشروع والاختلاس وغسل الأموال والتهرب الضريبي.
ويقود سلامة مصرف لبنان المركزي منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ويحظى بدعم كبير من كبار الساسة في لبنان. وينفى ارتكاب أي مخالفات.
وقال المصدر القضائي الكبير إن طلب أبوحيدر رُفض اليوم الخميس موضحا أن عليه الآن توجيه التهم.
ويواجه سلامة تحقيقات في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل في اتهامات له ولشقيقه الأصغر رجا باختلاس أكثر من 300 مليون دولار.
ووُجهت للأخوين في مارس/آذار تهمة الإثراء غير المشروع وغسل الأموال في قضية لبنانية منفصلة. وينفي الشقيقان سلامة أيضا ارتكاب أي مخالفات في جميع التهم الموجهة إليهما.
ويكابد القضاء اللبناني في مواجهة تدخلات سياسية مؤثرة في مسار العديد من القضايا. والتدخل في قضية رياض سلامة وشقيقه ليس استثناء بقدر ما هو نموذج لحالة مستعصية للنفوذ السياسي الذي يعاني منه لبنان منذ عقود والذي وضعه على حافة الانهيار.
وتشكل قضية مرفأ بيروت في اغسطس/اب 2020 واحدة من القضايا التي تشير بوضوح إلى حجم التدخلات السياسية مع رفض سياسيين بارزين بينهم وزراء سابقون مقربون من حزب الله المثول أمام قاضي التحقيق.
وتعرض القاضي طارق البيطار المكلف بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت لضغوط سياسية شديدة من قبل حزب الله وصلت حد التهديد لإجباره بالتنحي عن النظر في القضية. وسبق للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أن هاجم البيطار وشكك في حياده وهي الذريعة التي تتعلل بها القوى السياسية في تدخلاتها في القضاء.
ويحظى رياض سلامة بدعم قوي من رئيس البرلمان نبيه بري رئيس حركة أمل الرجل الشيعي النافذ الذي أعيد انتخابه لولاية سابعة على رأس البرلمان كما يحظى بدعم رجل الأعمال رئيس الوزراء المنتهية ولايته نجيب ميقاتي.
وفتح القضاء اللبناني في أبريل/نيسان الماضي تحقيقا محليا بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا للاشتباه بتورطه وشقيقه في قضايا اختلاس "أكثر من 300 مليون دولار أميركي على نحو يضر بمصرف لبنان". ويواجه سلامة أيضا شكاوى قضائية في دول أوروبية أخرى بينها فرنسا وبريطانيا.
وأفاد مسؤول قضائي مؤخرا بأن "النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات ختم التحقيقات الأولية المتعلقة بملفّ حاكم مصرف لبنان وأحاله على النيابة العامة في بيروت وطلب الادعاء على سلامة وشقيقه رجا ومديرة مكتبه ماريان الحويك وآخرين".
وأوضح أن طلب الادعاء يأتي للاشتباه في جرائم "اختلاس الأموال عامة والتزوير وتبييض الأموال وتهريب أموال إلى الخارج والتهرّب الضريبي والإثراء غير المشروع".
وكانت النيابة العامة الفدرالية في سويسرا طلبت في يناير/كانون الثاني الماضي مساعدة قضائية من السلطات اللبنانية للاشتباه بأن سلامة وبمساعدة شقيقه قاما منذ 2002 "بعمليات اختلاس لأموال قُدرت بأكثر من 300 مليون دولار أميركي على نحو يضرّ بمصرف لبنان".
وفي 28 مارس/اذار، جمّدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف خمسة أشخاص بينهم حاكم مصرف لبنان، بتهم تبييض أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".
ويواجه سلامة في لبنان قضايا أخرى تم الادعاء عليه بموجبها خمس مرات على الأقل كما أصدرت قاضية بحقه قرارا بمنع السفر.