القضاء اللبناني يلاحق مروّجي أخبار انهيار الليرة

الأمن العالم اللبناني يحقق لمعرفة من وراء نشر إشاعة أخبار فقدان الدولار من السوق، وارتفاع سعر صرفه إلى سبعة الآف ليرة لبنانية بهدف خلق البلبلة والذعر.

بيروت - كلّف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الثلاثاء الأمن العام اللبناني التحقيق في أخبار تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن انخفاض حاد في قيمة الليرة الخميس، والتي أطلقت احتجاجات شعبية غاضبة.

وخرج المئات إلى الشوارع بين يومي الخميس والسبت بعدما تخطى سعر الصرف عتبة الخمسة آلاف مقابل الدولار في السوق السوداء، وفق ما أفاد صرافون، رغم تحديد نقابة الصرافين سعر الصرف اليومي بنحو أربعة آلاف. وأفادت وسائل إعلام محلية عن بلوغه ستة آلاف، فيما يبقى السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.

وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام الثلاثاء أن عويدات كلّف مدير الأمن العام عباس ابراهيم "إجراء التحقيقات اللازمة ومخابرته بالنتيجة لجهة قيام عدد من الأشخاص" الخميس بـ"إشاعة أخبار بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل نشر أخرى حول فقدان الدولار من السوق، وارتفاع سعر صرفه إلى سبعة الآف ليرة لبنانية بهدف خلق البلبلة والذعر".

ونتج عن ذلك، وفق ما نقلت الوكالة، "حضاً إضافياً للناس على سحب ودائعها بالعملة اللبنانية من المصارف بهدف شراء الدولار (...) وارتفاعاً غير مبرر في أسعار السلع الاستهلاكية وتوقف بعض التجار عن تسليم هذه السلع".

ويأتي القرار غداة تعهّد السلطات بالتشدد في ملاحقة "المخلين بالأمن" وذلك "لتفادي أي أعمال تخريبية تحت حجة مطالب معيشية محقة" بعدما تخلّل التحركات الاحتجاجية أعمال شغب وتكسير واجهات مصارف ومحال ومواجهات مع القوى الأمنية أوقعت عشرات الجرحى.

وأعلنت قيادة الجيش إثر ذلك توقيف 36 شخصاًعلى الأقل.

واتهم رئيس الحكومة حسان دياب، الإثنين، جهات داخلية وخارجية (لم يسمّها)، بمحاولة العبث بالسلم الأهلي وتهديد الاستقرار الأمني، واصفاً المتظاهرين بـ“الزعران”.

وغداة تلك الأعمال التخريبية دان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي متهمين أنصار حزب الله وحركة أمل وجماعات أخرى من المخربين بالتحريض على تحطيم وحرق مقرات المؤسسات المقفلة والمفلسة منذ شهور، إضافة إلى فروع بعض المصارف وسط بيروت.

وأطلق لبنانيون هاشتاغات مثل #ثورة_سرقها_الزعران و#هيدي_مش_ثورتنا على تويتر وفيسبوك لفضح تلك الممارسات التخريبية عبر صور تؤكد ضلوع ميليشيات حزب الله فيها مستنكرين الاحتجاج بتلك الطرق ردا على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون وخرجوا للتظاهر بسببها منذ اكتوبر الماضي.

h
اعمال تخريبية تهدف لتشويه الحراك اللبناني

ولاحتواء غضب الشارع، تعهدت الحكومة الجمعة بضخّ الدولار في السوق للجم تدهور الليرة في وقت يشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، وتعقد السلطات اجتماعات مع صندوق النقد الدولي على أمل الحصول على دعم خارجي يضع حداً للأزمة المتفاقمة.

وفي اجراء أثار انتقاداً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كلف عويدات الاثنين قسم المباحث الجنائية المركزية التحقيق لتحديد هوية أشخاص نشروا تدوينات وصوراً تطال مقام رئاسة الجمهورية. وطلب من النيابة العامة التمييزية ملاحقتهم "بجرم القدح والذم والتحقير".

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد تعرض منذ مدة لحملة تحريضية مماثلة للدفع نحو استبعاده من منصبه باعتبار انه يشكل عائقا أمام حزب الله وحلفائه في الحكومة.

ويخدم إبعاد سلامة عن مصرف لبنان عدة جهات لبنانية في مقدمتها حزب الله والتيار الوطني الحر المسكون بهاجس “قصر بعبدا”.

ومن شأن هذا الاستهداف الممنهج للقطاع المصرفي في البلاد أن يزيد الهوة بين المانحين الدوليين والحكومة حيث تسعى بعض الأطراف لتسيير غضب الشارع نحو المصارف وتحميلها مسؤولية سياسات حكومية فاشلة اعتمدت على مدى العقود الأخيرة على انهاك خزينة الدولة وامتصت مداخيل البلد كما المساعدات والقروض الخارجية التي منحت له.

وتتخوف بعض الأطراف التي تحرض على مثل هذه الممارسات من المنظومة المصرفية في لبنان باعتبارها ملتزمة بالعقوبات التي فرضت على مقرّبين من حزب الله داخل البيئة الشيعية، فيما تتحدث أنباء عن أنها ستطال شخصيات ومؤسسات جديدة تنتمي إلى طوائف أخرى، لاسيما مسيحية، ممن ثبت لدى الولايات المتحدة دعمهم للحزب الموالي لإيران وعملياته.