القلق يخيم على لبنان وسط مخاوف من حرب وشيكة

حزب الله يتوعد إسرائيل بردّ وشيك، معلنا أنه انتهى الزمن الذي تقصف فيه تل أبيب منطقة في لبنان وتبقى آمنة، ملوحا بإسقاط أي طائرة إسرائيلية تدخل الأجواء اللبنانية.
نصرالله: على الجيش الإسرائيلي على الحدود أن ينتظر ردا وشيكا
حزب الله يقرّ بمقتل اثنين من مقاتليه في غارة إسرائيلية على سوريا
وزير سابق يحذر من بروفة إسرائيلية لحرب أوسع على لبنان
جعجع يدعو الحكومة لإعادة القرار الاستراتيجي الأمني والعسكري للدولة
وزير إسرائيلي: نضرب رأس الأفعى في عملياتنا وإيران هي رأس الأفعى
الحشد العراقي اتهم واشنطن بإدخال أربع طائرات إسرائيلية مسيرة للعراق
نتنياهو لمح لضلوع إسرائيل في هجمات على أهداف مرتبطة بإيران في العراق

بيروت/القدس - يخيم القلق على لبنان بعد سقوط طائرتين مسيرتين إسرائيليتين في الضاحية الجنوبية، إحداهما استهدفت مركزا إعلاميا لحزب الله الشريك في الائتلاف الحكومي والمدعوم من إيران والذي يشارك في الحرب السورية دعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ويخشى اللبنانيون من أن تشكل هذه الحادثة شرارة حرب جديدة على غرار حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل والتي استمرت نحو شهر وخلفت مئات القتلى من اللبنانيين والإسرائيليين وشكّلت في الوقت ذاته في منعطف الصراع بين الطرفين.

وقد تعهد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأحد بأن حزبه "سيفعل كل شيء" لمنع الهجمات الإسرائيلية على لبنان "مهما كلف الثمن"، بعد الهجوم الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية لبيروت، مضيفا أن "على الجيش الإسرائيلي على الحدود أن ينتظر ردا وشيكا".

وقال في كلمة ألقاها عبر الشاشة أمام الآلاف من مناصريه خلال احتفال حزبي في شرق لبنان "لن نسمح بمسار من هذا النوع مهما كلف الثمن.. وسنفعل كل شيء لمنع حصوله"، متوعدا إسرائيل بالقول "انتهى الزمن الذي تأتي فيه طائرات إسرائيلية تقصف في مكان في لبنان ويبقى الكيان الغاصب في فلسطين آمنا في أي منطقة".

وتابع "ما حصل ليلة أمس هجوم بطائرة مسيّرة على هدف بالضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) وهو أول عمل عدواني منذ أغسطس 2006"، مضيفا "هذا أول خرق واضح وكبير لقواعد الاشتباك التي رسمت في عام 2006".

وكان نصرالله قد حذّر إسرائيل مؤخرا من أي هجوم على لبنان، متوعدا بردّ حاسم فيما عرض الحزب لأول مرة مقاطع فيديو وصور لهجوم بصواريخ بحرية أغرق بارجة اسرائيلية في حرب تموز 2006، كاشفا امتلاكه قوة بحرية. 

وعززت كلمة نصرالله المخاوف لدى قوى سياسية وشق واسع من اللبنانيين من أن يردّ حزبه على الهجوم الإسرائيلي ويشكّل ذريعة لإسرائيل لشنّ حرب على لبنان خاصة وأن حزب الله لم يعد خارج المعادلة السياسية بعد أن أصبح شريكا في الحكم ويهيمن وحلفاؤه على البرلمان.

ورغم أن إسرائيل هي من بادرت بالاعتداء، إلا أن الوضع بات مختلفا عن السنوات السابقة فأي تحرك من حزب الله ضد إسرائيل سيحسب على الدولة اللبنانية وليس على الجماعة الشيعية. كما أن أي تحرك من حزب الله دون موافقة الحكومة وهو طرف فيها، سيعني ضربا للتوافق داخل الائتلاف.

ويستوجب الوضع الراهن بمحاميله السياسية ودقّته وحساسيته حيث يقاوم لبنان للخروج من أزمة مالية خانقة، ضبطا للنفس وتعاملا رصينا لتجنيب لبنان حربا مدمرة هو في غنى عنها، لكن هذا الأمر يتوقف على مدى قبول حزب الله بأن يمر الهجوم الإسرائيلي بلا ردّ وهو أمر مستبعد في عقيدة الحزب وأجندته.

وقد اعتبر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري اليوم الأحد إن سقوط طائرتين مسيرتين إسرائيليتين فوق الضاحية الجنوبية لبيروت التي تهيمن عليها جماعة حزب الله، محاولة لدفع الأوضاع نحو مزيد من التوتر.

وقال الحريري في بيان أصدره مكتبه "العدوان الجديد الذي ترافق مع تحليق كثيف لطيران العدو فوق بيروت والضواحي، يشكل تهديدا للاستقرار الإقليمي ومحاولة لدفع الأوضاع نحو مزيد من التوتر"، بينما امتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق.

ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن وزير الدفاع اللبناني الياس بوصعب قوله إن "الاعتداء الإسرائيلي يشكل خرقا للقرار 1701 وهو (الاعتداء) الأخطر منذ العام 2006 كونه مس بأمن المدنيين وشكل خطرا على الملاحة الجوية".

لبنان يتحرى في سقوط طائرة اسرائيلية مسيرة في الضاحية الجنوبية وتدمير أخرى مفخخة
لبنان يتحرى في سقوط طائرة اسرائيلية مسيرة في الضاحية الجنوبية وتدمير أخرى مفخخة

ودعا الوزير اللبناني المجتمع الدولي "إلى عدم السكوت عن هذه السابقة الخطرة التي لا تشكل انتهاكا لسيادة لبنان فحسب بل للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي أيضا".

وأعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في بيان عن تضامنه مع سكان الضاحية الجنوبية، لكنّه دعا الحكومة "للتوقف مطولا عند ما جرى اليوم ومناقشة موضوع وجود القرار الاستراتيجي العسكري والأمني خارج الدولة واتخاذ التدابير اللازمة لإعادته للدولة رفعا للأذى عن شعبنا وتجنبا للأسوأ لا سمح الله".

وكان جعجع يشير إلى حزب الله تحديدا الذي تثير ترسانته من الأسلحة والصواريخ ومشاركته في الحرب السورية دعما للرئيس السوري بشار الأسد، مخاوف من ارتدادات أمنية خطيرة على لبنان واستقراره.

وتطالب قوى سياسية وقوى دولية بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية دون غيرها، مشددة على ضرورة نزع سلاح حزب الله وهو ما ترفضه الجماعة الشيعية اللبنانية.

وحذّر نقولا تويني الوزير السابق من أن يكون الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية مقدمة إسرائيلية لإدخال لبنان ضمن الخطة العسكرية الإسرائيلية القائمة على ضربات استباقية محددة الأهداف لمحاربة الوجود الإيراني وزرع الفوضى والخراب في الساحة اللبنانية.

وقال مسؤول في حزب الله إن طائرة مسيرة سقطت كما انفجرت طائرة مسيرة ثانية قرب الأرض وسببت بعض الأضرار عندما سقطت قبل الفجر قرب المركز الإعلامي للجماعة، في أول حادث من نوعه منذ أكثر من عشر سنوات.

وقال متحدث باسم حزب الله إن الطائرتين المسيرتين "كانتا تستهدفان" مواقع معينة لم يحددها التحقيق حتى الآن.

تل أبيب تقول إن غاراتها في سوريا دمرت طائرات إيرانية مسيرة كانت ستنفذ هجمات على إسرائيل
تل أبيب تقول إن غاراتها في سوريا دمرت طائرات إيرانية مسيرة كانت ستنفذ هجمات على إسرائيل

وقال المسؤول الإعلامي في حزب الله محمد عفيف للصحفيين في تصريحات بثها التلفزيون "الفصل في كل ما يحصل والموقف في الرد على هذا العدوان الغاشم سيتم من خلال الكلمة" التي سيلقيها الأمين العام للحزب حسن نصر الله في وقت لاحق اليوم الأحد.

وقع الحادث بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي أن طائراته قصفت قوات إيرانية وفصائل شيعية قرب العاصمة السورية دمشق قال إنها كانت تخطط لإطلاق "طائرات مسيرة هجومية" صوب إسرائيل.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عضوين في حزب الله ومواطنا إيرانيا قتلوا في الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت محيط العاصمة السورية دمشق، وهو ما أكده نصر الله اليوم الأحد في كلمته.

وقال الميجر جنرال جوناثان كونريكوس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للصحفيين، إنه كان يجري التخطيط لإطلاق "عدد من الطائرات المسيرة الهجومية" في توقيت متزامن على شمال إسرائيل يوم الخميس وإن كل طائرة منها كانت ستحمل عدة كيلوغرامات من المتفجرات، لكن إسرائيل أجهضت هذه الخطة.

ولم يكشف المتحدث عن الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في ذلك اليوم، لكنه وصف الطائرات المسيرة الهجومية التي كان من المقرر توجيهها لضرب أهداف بأنها شديدة الدقة.

وقال كونريكوس إن الطائرات المسيرة وصلت إلى مطار دمشق قبل عدة أسابيع مع "عملاء إيرانيين"، ثم نُقلت إلى مجمع يديره فيلق القدس بإحدى القرى جنوب شرقي المدينة.

وأضاف أن إسرائيل شنت هجوم السبت بعدما علمت أن محاولة أخرى لإطلاق الطائرات المسيرة كانت وشيكة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تويتر "لا حصانة لإيران في أي مكان. تعمل قواتنا في كل مكان ضد العدوان الإيراني... إذا هم أحد بقتلك، فاقتله أنت أولا".

وفي طهران ذكرت وكالة العمال الإيرانية شبه الرسمية أن قائدا كبيرا بالحرس الثوري نفى اليوم الأحد إصابة أهداف إيرانية في ضربات جوية إسرائيلية بسوريا.

وتعتبر إسرائيل جماعة حزب الله المدعومة من إيران أكبر تهديد عبر حدودها. وخاض الجانبان حربا استمرت شهرا في 2006 أسفرت عن سقوط نحو 1200 قتيل في لبنان معظمهم من المدنيين و158 قتيلا في إسرائيل معظمهم جنود.

وشكا لبنان إلى الأمم المتحدة من اختراق طائرات إسرائيلية بشكل منتظم مجاله الجوي في السنوات الأخيرة. وقال سكان في الضاحية الجنوبية إنهم سمعوا صوت انفجار. وذكر شاهد أن الجيش أغلق الشوارع حيث اشتعل حريق.

وقال متحدث باسم حزب الله للوكالة الوطنية للإعلام "الطائرة الثانية كانت مفخخة وانفجرت وتسببت بأضرار جسيمة في مبنى المركز الإعلامي"، موضحا أن الطائرة الأولى "التي لم تنفجر هي الآن في عهدة الحزب الذي يعمل على تحليل خلفيات تسييرها والمهمات التي حاولت تنفيذها".

وذكر الجيش اللبناني أن طائرة مسيرة إسرائيلية سقطت وأخرى انفجرت في الضاحية الجنوبية لبيروت الساعة 0230 صباحا بالتوقيت المحلي (2330 بتوقيت غرينتش) مما تسبب في أضرار مادية فقط.

وقال في بيان "وعلى الفور حضرت قوة من الجيش وعملت على تطويق مكان سقوط الطائرتين واتخذت الإجراءات اللازمة".

وزاد قلق إسرائيل نتيجة تنامي نفوذ إيران خلال الحرب في سوريا المجاورة حيث تقدم طهران وحزب الله دعما عسكريا مهما لدمشق.

وتقول إسرائيل إن قواتها الجوية شنت مئات الهجمات في سوريا ضد ما تصفه بأهداف إيرانية وعمليات نقل أسلحة إلى حزب الله.

ولمح رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الخميس إلى احتمال ضلوع إسرائيل في هجمات على أهداف مرتبطة بإيران في العراق.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس "إن الهدف من شن الهجوم على القواعد في جنوب شرق دمشق هو إرسال رسالة واضحة بأن إيران ليس لديها حصانة في أي مكان"، مضيفا "نضرب رأس الأفعى في عملياتنا وإيران هي رأس الأفعى".

وقال التلفزيون السوري إن الدفاعات الجوية تصدت "لأهداف معادية" في دمشق فيما أعلنت القوات السورية أنها دمرت معظم الصواريخ الإسرائيلية.

وتختلف الولايات المتحدة وإيران بخصوص برنامج طهران النووي والخليج، حيث تتبادلان الاتهامات بشأن تهديد أمن الممر المائي الاستراتيجي. وتملك طهران نفوذا واسعا في العراق أيضا.

واتهمت فصائل عراقية مسلحة الولايات المتحدة وإسرائيل يوم الأربعاء بالوقوف وراء سلسلة من الانفجارات في قواعدها ومستودعاتها في الآونة الأخيرة.

وقالت قوات الحشد الشعبي في بيان إن الولايات المتحدة سمحت لأربع طائرات إسرائيلية مسيرة بدخول المنطقة بصحبة القوات الأميركية وتنفيذ مهام بالأراضي العراقية.