القمع يسيطر على الحراك الرافض للانتخابات في الجزائر

منظمة العفو الدولية تعرب عن قلق عميق إزاء الاعتقالات التي تطال عشرات الجزائريين بسبب رفعهم شعارات سلمية ضد الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
الجدل يغمر الأسبوع الأول للحملة الانتخابية

الجزائر - تسيطر على الحراك الشعبي الجزائري، أجواء من القمع ظهرت من خلال اعتقال الأمن للعشرات ممن يرفضون انتخابات رئاسية تستنسخ رموز نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

وأعلنت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين السبت، اعتقال أكثر من 30 شخصا بسبب تظاهرات ضد الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول والتي دخلت حملتها الانتخابية يومها السابع.

وذكرت اللجنة التي تأسست للدفاع عن المعتقلين المشاركين في الحراك الشعبي، أن "ثلاثين شخصا من المعارضين (للانتخابات) تم اعتقالهم"، بينما كانت "تجري تظاهرة مؤيدة للانتخابات في تيارت" (270 كلم جنوب غرب الجزائر).

كما أشارت اللجنة إلى اعتقالات طاولت معارضي الانتخابات في باتنة (400 كلم جنوب شرق الجزائر)، على هامش مهرجان انتخابي للمرشح عبدالمجيد تبون.

وكانت اللجنة أعلنت اعتقال 80 شخصا في العاصمة خلال مسيرة ليلية الخميس الماضي، تم اقتيادهم إلى مراكز الشرطة بضواحي المدينة.

كما تم اعتقال نحو مئة شخص خلال تظاهرة ليلية مشابهة الإربعاء الماضي، لكن تم إطلاق سراح أغلبهم، بينما لاحقت المحكمة 21 شخصًا بتهمة "التجمهر غير المصرّح به"، وقد أُطلق سراحهم في انتظار محاكمتهم وتم حبس ثمانية بتهمة "تكوين جمعية أشرار".

ومنذ بدء الحملة الانتخابيّة الأحد الماضي يواجه المرشّحون الخمسة صعوبة في تحرّكاتهم وفي عقد لقاءاتهم نظراً إلى الاحتجاجات التي تلاحقهم، ما استدعى تأمين حماية أمنيّة مشدّدة لهم.

وخيمت على الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي في الجزائر، المقرر في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، أجواء توتر ومسيرات مؤيدة ورافضة للانتخابات.

ويشارك في السباق 5 مرشحين، هم رئيس الوزراء الأسبق عبدالمجيد تبون وعلي بن فليس رئيس وزراء أسبق ورئيس حزب طلائع الحريات عبدالعزيز بلعيد رئيس حزب المستقبل، عز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (حزب رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى المتواجد بالسجن بتهم فساد)، وعبد القادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء الوطني (إسلامي).

ومساء الجمعة الماضي تعرض موكب المرشح عبدالقادر بن قرينة إلى الرشق بالحجارة في أفلو (460 كلم جنوب الجزائر) كما أعلن بنفسه في تجمع انتخابي آخر في الإواط على بعد 100 كلم.

وقال إنه "يتفهم معارضة الشباب للانتخابات ويحترم حريتهم"، مؤكدا "إذا تم اعتقال أي واحد منهم فأنا أطلب إطلاق سراحه".

والجمعة، دخل الحراك الشعبي الجزائري شهره العاشر، عبر تظاهرات حاشدة في العديد من الولايات ومنها العاصمة ضد "النظام" وضد إجراء الانتخابات تحت إشرافه.

الحملة الانتخابية في الجزائر مستمرة أمام رفض أغلب الجزائريين الذهاب لمراكز الاقتراع
الحملة الانتخابية في الجزائر مستمرة أمام رفض أغلب الجزائريين الذهاب لمراكز الاقتراع

وانطلقت الحملة الانتخابية رسميا الأحد 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وتطوي أسبوعها الأول اليوم السبت، على وقع مسيرات شعبية مؤيدة لإجراءات الانتخابات في موعدها، وأخرى رافضة لها.

واستمر الرافضون للانتخابات بالتظاهر السلمي في الشارع يومي الجمعة والثلاثاء والقيام بوقفات احتجاجية أمام القاعات التي تحتضن مهرجانات المرشحين الذين يعتبرونهم امتدادا لنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة .

وشهدت الأيام الأولى للحملة توقيف ناشطين حاول بعضهم الاعتراض على تنظيم مرشحين مهرجانات انتخابية، فيما نددت منظمات حقوقية محلية بتوقيف الأمن للعشرات خلال هذه الأحداث، حيث أطلق سراح أغلبهم بعد ساعات من الاعتقال.

ودعت منظمة العفو الدولية الخميس الماضي السلطات الجزائرية إلى إيجاد أجواء مواتية وسلمية لسير الحملة الانتخابية.

وأعرب مكتب المنظمة بالجزائر في بيان "عن قلقه العميق إزاء مناخ القمع، بعد توقيف عدة أشخاص بشكل تعسفي في الأيام الأخيرة خلال مظاهرات سلمية ضد إجراء الانتخابات".
 

ويعاقب القانون كل شخص يعرقل المسار الانتخابي بالسجن النافذ لمدة تتراوح بين 18 شهرا وسنتين.

ورغم هذا الوضع لم يعرف الأسبوع الأول، إلغاء تجمعات انتخابية للمترشحين الذين جابوا مختلف مدن البلاد.

وأعطت السلطة المستقلة للانتخابات على لسان ناطقها الرسمي علي ذراع، تقييما "إيجابيا" لمجريات الحملة الانتخابية في الأسبوع الأول.
وقال ذراع في مؤتمر صحفي الجمعة "لم يسجل عرقلة لأداء المترشحين أو خرق لميثاق الممارسات الانتخابية..العملية في أجواء من الهدوء والسلمية".
وسبق لرئيس سلطة الانتخابات محمد شرفي، أن أكد على "حق الدولة في التصدي لمن يحاول عرقلة المسار الانتخابي".

وقال خلال مؤتمر صحفي، ردا على سؤال بشأن موقفه من توقيف نشطاء معارضين للانتخابات، ممن اعترضوا على إقامة مهرجانات انتخابية، إن "الدولة لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول عرقلة المسار الانتخابي".
 

في المقابل، تواصلت مسيرات مؤيدة لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.

وخرج خلال هذا الأسبوع متظاهرون في مختلف محافظات البلاد تأييدا للاستحقاق الرئاسي، حاملين شعار "نعم للانتخابات"، بينما يقول معارضون أن عددهم" محدود"، مقارنة بمسيرات الرفض فيما يصفهم التلفزيون الرسمي بـ"الحشود".

ويرى هؤلاء في خيار الانتخاب دعما للمؤسسة العسكرية التي تشدد في كل مرة على أهمية الموعد الانتخابي لإنقاذ البلاد من "الفراغ الدستوري وما ينجر عنه مخاطر تثقل كاهل الجيش".

وجرى إطلاق وتداول وسم "الجزائر تنتخب"، ووسم "سأنتخب"، على نطاق واسع بصفحات مواقع التواصل الاجتماعي وسط منشورات أخرى لمعارضين تعتبر السباق "لا حدث".

كما ثبثت أغلب القنوات الجزائرية الرسمية والخاصة، وسم "الجزائر تنتخب"، أعلى الجهة اليسرى لشاشاتها.

وتقاطعت خطابات المرشحين الخمسة في الأيام الأولى للحملة الأولى، في التأكيد على أهمية تنظيم الانتخابات الرئاسية المرتقبة للخروج من الأزمة.

وروج المتنافسون على كرسي الرئاسة للمشاركة في الانتخابات أكثر من الترويج لبرامجهم.

وحذر المرشح الإسلامي الوحيد، عبدالقادر بن قرينة، من محاولات تعطيل العملية الانتخابية.

وقال في مهرجان انتخابي بمحافظة غيليزان (غرب)، أن "من دعاة المرحلة الانتقالية من ركب الدبابة في التسعينات وخطط للتمديد لحكم بوتفليقة، يهاجمون من يرى الحل في الانتخابات لأن مصالحهم ضاعت".

فيما أكد المرشح علي بن فليس أن الانتخابات هي الحل الأنسب لإخراج "البلاد من الأزمة المتعددة الجوانب".

ودعا من محافظة الوادي (جنوب شرق) معارضي الانتخابات إلى الحوار، معتبر أن عدم الذهاب للاستحقاقات يعني "بقاء الوضع الجامد".

أما المرشح عبدالعزيز بلعيد فقد اعتبر أن "البلاد تعيش في نفق مظلم يتطلب الخروج منه الذهاب للانتخابات"، مفيدا بأن ترشحه "واجب وطني"، داعيا رافضي الانتخابات إلى تقديم حلول بديلة.

بينما حذر المرشح عبدالمجيد تبون، من تأجيل الاستحقاق الرئاسي، قائلا أن "الذهاب إلى مرحلة انتقالية يعني بالضرورة وقوع انزلاقات، كلنا يعرف كيف تبدأ ولا نعلم متى وكيف تنتهي".

وذكّر بالمرحلة الانتقالية التي عرفتها البلاد سنوات التسعينات والتي خلفت 200 ألف ضحية.

ووصف بدوره المرشح عز الدين ميهوبي الوضع الذي تمر به البلاد بـ"الشاذ وغير الطبيعي وغير الديمقراطي"، وقال الخروج منه يستدعي الذهاب إلى الانتخابات.

وأضاف "ليس لدينا بدائل سوى تكريس الإرادة الشعبية، المعبر عنها في المسيرات الشعبية منذ 22 فبراير/شباط الماضي بتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور".

وتشير المادتان إلى كون الشعب مصدر جميع السلطات وأنه يمارس سلطته بالانتخاب أو الاستفتاء.