القوات اليمنية تخوض معارك عنيفة في تقدمها باتجاه مطار الحديدة

الحوثيون يبدون مقاومة شرسة بعد استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى جبهة القتال مع اشتداد المواجهات، فيما يعقد مجلس الأمن اجتماعا لمناقشة تداعيات الهجوم الذي أثار مخاوف من عرقلة المساعدات الإنسانية.

مقتل 39 من الحوثيين والجيش اليمني
التحالف يشن غارات جوية على مواقع الحوثيين
الإسناد الجوي للتحالف يقرب القوات اليمنية من حسم المعركة قريبا  

الدريهمي (اليمن) - شهد محيط مطار الحديدة في غرب اليمن الخميس معارك عنيفة بين القوات الحكومية المدعومة إماراتيا والمتمردين قتل فيها 39 مقاتلا من الطرفين في اليوم الثاني من الهجوم الهادف إلى تحرير المدينة من قبضة الحوثيين.

ودارت المواجهات المباشرة بالأسلحة الرشاشة والقذائف على بعد نحو كيلومترين من جنوب المطار، قبيل جلسة مرتقبة لمجلس الأمن لبحث تداعيات الهجوم الذي أثار مخاوف من احتمال عرقلة تسليم المساعدات لملايين السكان عبر ميناء الحديدة.

وقالت مصادر عسكرية في القوات الموالية للحكومة اليمنية إن المواجهات اندلعت بعد محاولة هذه القوات التقدم باتجاه المطار.

وترافقت المعارك مع شن طائرات التحالف العسكري الداعم للقوات الحكومية بقيادة السعودية، غارات مكثّفة على مواقع المتمردين في المناطق المحيطة بمدينة الحديدة وعلى المطار، وفقا للمصادر ذاتها.

كما قامت ثلاث مروحيات من طراز أباتشي بقصف استهدف المتمردين في المطار وفي المناطق المحيطة به.

وأوضح مسعفون أن قتلى الحوثيين سقطوا في المعارك، بينما قضى المقاتلون الموالون للحكومة في المواجهات وفي أعمال قنص وتفجير ألغام زرعها المتمردون في منطقة الهجوم.

وذكرت المصادر العسكرية أن المتمردين الحوثيين يبدون مقاومة شرسة، مشيرة إلى استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة إلى جبهة القتال.

وشوهدت في منطقة الدريهمي جنوب مدينة الحديدة آليات عسكرية تتقدم باتجاه موقع المواجهات وسيارات إسعاف تنقل جرحى.

ومع استمرار تقدم القوات اليمنية تشهد الحديدة تململا شعبيا رافضا لبقاء المتمردين في المدينة.

واعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أن كل المؤشرات من داخل الحديدة تشير إلى ضيق السكان من وجود المتمردين.

وقال في تغريدة على حسابه على تويتر "كل المؤشرات من داخل مدينة الحديدة تؤكد تطلع سكانها إلى تحريرهم من قبضة المليشيات الحوثية المعتدية، نراعي سلامة السكان في تقدمنا ونتطلع إلى تحريرهم. شارفت ساعة النصر و التحرير".

وكانت القوات الموالية للحكومة اليمنية الشرعية قد شنت الأربعاء بمساندة قوات إماراتية هجوما واسعا في عملية أطلقت عليها اسم "النصر الذهبي" بهدف اقتحام مدينة الحديدة والسيطرة عليها، في أكبر عملية عسكرية تشنها هذه القوات ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.

وأعلنت القوات المهاجمة عن بلوغ منطقة تبعد أربعة كلم عن جنوب المدينة المطلة على البحر الأحمر بعد وقت قصير من انطلاق العملية.

ويشهد اليمن منذ سنوات نزاعا بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين.

وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في 2015 لوقف تقدم المتمردين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وبعدها على الحديدة.

ويعتبر ميناء مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف شخص، المدخل الرئيسي للمساعدات، لكن التحالف يرى فيه منطلقا لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية.

وتمثل السيطرة على مدينة الحديدة في حال تحققت أكبر انتصار عسكري لقوات السلطة المعترف بها دوليا في مواجهة المتمردين المتهمين بتلقي الدعم من إيران، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015. وتبعد مدينة الحديدة نحو 230 كلم عن صنعاء.

وتخشى الأمم المتحدة ومنظمات دولية أن تؤدي الحرب في مدينة الحديدة إلى وقف تدفق المساعدات، لكن السعودية والإمارات سعيتا خلال الساعات الماضية إلى طمأنة المجتمع الدولي عبر الإعلان عن خطة لنقل المساعدات في حال توقف العمل في الميناء.

ودعت وزارة الخارجية الروسية الخميس إلى "تعليق المعارك في أسرع وقت" في اليمن، معتبرة أنه "إذا أدت المعارك الواقعة في هذه المنطقة إلى وقف المساعدات الغذائية سيواجه المدنيون اليمنيون الذين يعانون أصلا من الحرمان خطر الموت".

ويعقد مجلس الأمن الدولي ظهر الخميس عند الساعة 16:00 بتوقيت غرينيتش اجتماعا لإجراء مشاورات عاجلة بشأن الهجوم بطلب من بريطانيا وسيكون ثاني اجتماع لمجلس الأمن خلال الأسبوع الجاري حول اليمن.

وأكد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في بيان أن العملية العسكرية في الحديدة يجب ألا تؤثر على تدفق السلع عبر المرفأ. وقال إن "التحالف أكد لنا أنه يأخذ المخاوف الإنسانية في الاعتبار في خطط عملياته".

وأضاف جونسون أن "استمرار تدفق الإمدادات الغذائية والوقود والمواد الطبية إلى اليمن أمر حيوي".

وكانت الأمم المتحدة التي أجلت موظفيها من مدينة الحديدة، أعربت عن قلقها من العملية العسكرية التي يمكن أن تؤثر على تسليم المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين الذين أصبحوا على حافة مجاعة.

لكن رغم الهجوم، بقي الميناء مفتوحا. وقال مدير الميناء الخاضع لإدارة المتمردين داود فاضل عبر الهاتف "لا تزال لدينا سبع سفن في الميناء. العمل في الميناء يسير بشكل طبيعي وهناك خمس سفن أخرى تنتظر الأوامر لدخول الميناء".

وجاء الهجوم الواسع بعدما انتهت مساء الثلاثاء مهلة منحتها الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف والتي تقود القوات الموالية للحكومة في محافظة الحديدة، إلى الأمم المتحدة من أجل التوصل لاتفاق لإخراج المتمردين من مدينة الحديدة.

لكن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أكد الأربعاء أن المفاوضات مستمرة.

وقال في بيان "لدينا اتصالات دائمة مع كل الأطراف المشاركة للتفاوض حول ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والإنسانية والأمنية لكل الأطراف المعنيين"، داعيا إلى "ضبط النفس ومنح فرصة للسلام".

وكان مجلس الأمن الدولي أكد الاثنين دعمه للجهود الدبلوماسية التي يبذلها غريفيث الذي كان يحاول دفع الحوثيين إلى تسليم المرفأ إلى لجنة تشرف عليها الأمم المتحدة ستسمح باستمرار تدفق المساعدات.

وأكد الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الميجور ادريان رانكين غالواي إن وزير الدفاع جيمس ماتيس "يدعم بقوة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث، لجلب كل أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات".