الكاظمي مثقلا بالضغوط يخوض جولة حسم الانسحاب في الحوار مع واشنطن

الحكومة العراقية تقول إن الحوار الاستراتيجي الرابع مع واشنطن سيكون الأخير ويضع جدولا زمنيا للانسحاب الأميركي من العراق ويعقد اتفاقات أمنية وعسكرية وفي مجالات الطاقة والصحة وجائحة كورونا.

واشنطن- مع اقتراب الجولة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة يتصاعد الضغط على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والوفد المفاوض من أجل الخروج في نهاية الجولة بقرار نهائي يحدد سقفا زمنيا لجدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق.

والجولات الثلاث السابقة لم تفض إلى نتيجة ملموسة أو واقعية في ما يخص مغادرة القوات الأميركية للعراق والمقدرة بـ2500 جندي من جملة 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة.

ويتوقع الخبراء أن تذهب الجولة الرابعة في ذات الطريق، لافتين إلى أن الحديث عن انسحاب تام للقوات يبدو ضربا من المستحيل في ظل الظرف العراقي الراهن.

وبدأ وفد عراقي الخميس في واشنطن محادثات تتعلّق بالوجود العسكري الأميركي، قبيل اجتماع الكاظمي مع الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين في البيت الأبيض.

ويرأس وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين وفد بلاده في جولة الحوار مع واشنطن. وأشار حسين إلى أن "الإدارة الأميركية الحالية تتفهم الأوضاع في العراق بشكل يخالف سابقتها"، لافتا إلى أن "جولة الحوار ستشهد الاتفاق على جدولة الانسحاب الأميركي"، من أراضي البلاد.

وفي ظل الجدل الذي يدور حول الانسحاب، والمقارنة مع قرار خطة الانسحاب الأميركي من أفغانستان، الذي سيتم بحلول 31 أغسطس، باستثناء حوالي 600 سيبقون للمساعدة في تأمين السفارة الأميركية ومطار كابول، تحدث مسؤولون أميركيون لوسائل إعلام أميركية موضحين أن الوضع مختلف والمسؤولين الأميركيين والعراقيين يسعون إلى شراكة عسكرية طويلة الأمد في العراق.

وقال مسؤول رفيع في إدارة جو بايدن في تصريح لموقع جيفانس وان، الخاصة بشؤون الدفاع الأميركية، إن ما تردد "خاطئ تماما". كما نقلت صحيفة وول ستريت عن خبراء أن "كبار المسؤولين العراقيين والأميركيين يفكرون في إصدار بيان يدعو لانسحاب القوات الأميركية من العراق، لكن مع التأكيد على الحاجة إلى وجود عسكري أميركي لمساعدة القوات العراقية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية".

وأوضح  أحد المسؤولين الأميركيين، في تصريح لوول ستريت، أن "واشنطن تخطط لتغيير دور بعض القوات الأميركية في العراق وفقا لأولوياتنا الإستراتيجية، وليس من خلال تقليص عدد الأفراد". وذات التفسير نقلته مجلة بوليتكو عن مسؤول أميركي قال إن "هذا هذا التحول سيمثل النهاية الرسمية للمهمة القتالية الأميركية في العراق، لكنه لن يشمل سحب القوات".

كما نقلت صحيفة وول ستريت عن وزير الخارجية العراقي قوله: "لا نحتاج إلى مزيد من المقاتلين لأن لدينا هؤلاء. وما نحتاجه هو التعاون في مجال الاستخبارات، ونحتاج إلى المساعدة في التدريب، ونحتاج إلى القوات لتساعدنا في الجو".

وأكدت على ذلك أيضا المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قالت إنّ الحكومة العراقيّة "راغبة في أن تُواصل الولايات المتحدة والتحالف تدريب جيشها ومساعدته، وتقديم الدعم اللوجستي وتبادل المعلومات".

أسباب عدة تفسر استحالة تحقيق الانسحاب التام للقوات الأجنبية، الأميركية بشكل خاص، من العراق كما نص على ذلك القرار الذي صوّت لصالحه في يناير 2020 البرلمان العراقي لصالح قرار يطالب بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، وذلك عقب مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أميركية.

تبدو عملية الانسحاب مستحيلة من جهة الوقت المقدر بنهاية العام 2021، ونظرا للظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية في العراق، دون إغفال استمرار خطر داعش، ناهيك عن المعضلة الكبرى المتمثلة في التواجد الإيراني وتأثيره المطلق على القرار السياسي في البلاد، وهذا السبب الأبرز، خاصة بعد الاستهداف المتكرر للقوات الأميركية في العراق من قبل الميليشيات الشيعية التابعة لإيران التي سيعطيها الانسحاب الأميركي دفعا قويا لمزيد التغول.

كما فسر الخبراء سياسة الكيل بمكيالين التي من المنتظر الإعلان عنها بأنها خطوة لتخفيف الضغط على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي تمارسه عليه من الميليشيات التابعة لإيران المصممة على مغادرة القوات الأجنبية للعراق.

وكان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما تراجع عن قرار سحب القوات الأميركية واضطراره للدفع مجددا بقواته للعودة في سنة 2016، بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وتمدده في سوريا والعراق.

واستقبلت مسؤولة الشؤون الدوليّة في وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) مارا كارلين وفدا برئاسة مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، للبحث في "التعاون العسكري على المدى الطويل" بين البلدين.

وأشار المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي إلى أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن انضمّ إلى المحادثات لـ"إعادة تأكيد التزامه" مواصلة القتال ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة.

وبعد أن استُهدفت المصالح الأميركيّة في العراق منذ بداية العام بنحو 50 هجوما بصواريخ أو بطائرات بدون طيّار، شدّد أوستن على "ضرورة أن تكون الولايات المتحدة والتحالف قادرين على مساعدة الجيش العراقي بأمان تامّ".

وأمام ضغط الميليشيات الشيعية على الكاظمي من جهة وتحذيرات الجمهوريين لإدارة بايدن من أن إنهاء المهمة القتالية "فكرة سيئة بينما يواصل تنظيم داعش والوكلاء المدعومون من إيران تهديد سيادة العراق"، تسود مخاوف من اندلاع صراع مفتوح في العراق، بين حليفتي بغداد الولايات المتحدة وإيران.

وفي خضم هذا الجدل، ذكّر وزير الخارجية العراقي بأن ما سيتم الاتفاق عليه لا يخرج عن سياق "قانون الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة وقانون اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعمل القوات الأميركية في العراق" المبرم عام 2008.

وفي 2008، أبرمت واشنطن وبغداد اتفاقية "الإطار الاستراتيجي" التي مهدت لخروج القوات الأميركية من العراق نهاية 2011، بعد ثماني سنوات من الاحتلال.