الكاظمي يكابد في مواجهة ميليشيات إيران

تيار الحكمة يعتزم تشكيل تكتل برلماني من 50 نائبا لدعم رئيس الوزراء بعد أن تعرض للإهانة من عناصر حزب الله قامت بدوس صوره وشتمه ونعته بـ"الغدر".
العراق ينفتح على ليّ اذرع بين الكاظمي والميليشيات الولائية
كتلة الفتح الموالية لإيران تستدعي الكاظمي في جلسة نقاش بالبرلمان
مؤشرات على خلافات عميقة بين المكون الشيعي

بغداد - انفتح المشهد السياسي العراقي على المزيد من الانقسامات والخلافات خاصة بين المكون الشيعي على اثر اعتقال قوة من مكافحة الإرهاب عناصر من حزب الله العراقي الموالي لإيران والإفراج عنهم لاحقا تحت ضغوط مارستها الميليشيا المنضوية تحت الحشد الشعبي والذي بات بدوره جزء من القوات النظامية بعد دمجه في القوات المسلحة العام الماضي.

وفي مؤشر على الخلافات بين المكون الشيعي يعتزم تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم تشكيل تكتل برلماني من 50 نائبا لدعم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي يخوض معركة على أكثر من جبهة لإثبات قدرته على إدارة شؤون البلاد ومن ضمنها حصر السلاح بيد الدولة بما يعني عمليا نزع سلاح الميليشيات وهي مهمة تبدو مستحيلة.

الحكيم يناور باقي المكون الشيعي بمبادرة التكتل البرلماني دون الخروج من تحت العباءة الايرانية
الحكيم يناور باقي المكون الشيعي بمبادرة التكتل البرلماني دون الخروج من تحت العباءة الايرانية

وكانت كتائب حزب الله قد رفضت تسليم سلاحها وقامت باستعراض للقوة في المنطقة الخضراء التي تضم مقار دبلوماسية أجنبية ومقرات حكومية وحاصرت مكتب الكاظمي بعد اعتقال 14 من عناصرها.

ودخل الكاظمي مؤخرا في أول مواجهة مع كتائب حزب الله العراقي التي تتهمها واشنطن باستهداف قواتها ومصالحها وفشل بالفعل في اختبار القوة بعد أن أفرج قاض من هيئة الحشد الشعبي عن 14 عنصرا من تلك الكتائب بدعوى عدم كفاية الأدلة فيما نسب إليهم من تهم.

وبدا أنه يُكابد لإثبات سلطته وقدرته على إدارة الدولة وسط ملفات متشعبة ومشاكل متداخلة وعلاقات متوترة مع بعض الفصائل الشيعية الموالية لطهران وعلاقات معقدة مع حليفي بلاده والخصمين في آن: الولايات المتحدة وإيران.

ويحتاج الكاظمي بالفعل إلى حزام سياسي للمضي قدما في برنامجه السياسي ولتنفيذ الأولويات التي أعلنها بمجرد توليه منصبه ومن ضمنها تلبية مطالب المحتجين ومحاسبة الفاسدين وكبح سلاح الميليشيات، فيما يبقى كبح النفوذ الإيراني معلقا إلى اجل غير مسمى.

ويقول مصدر من تيار الحكمة إن الهدف من تشكيل التكتل البرلماني هو دعم هيبة الدولة وتحقيق التوازن النيابي وتبني مطالب المتظاهرين لإعادة مكانة الدولة وتفعيل القوانين التي تصب بمصلحة أبناء الشعب العراقي وتقوية الدولة العراقية، وفق وكالة شفق نيوز العراقية وقناة روسيا اليوم.

وكان يمكن النظر إلى هذه المبادرة في سياق التكتلات والتحالفات الداعمة أو المعارضة لرئيس الحكومة. ويحتاج كل رئيس وزراء إلى دعم من الأحزاب السياسية لتحقيق التوافق والعمل على تنفيذ برنامجه وتقليل التوترات وجبهات المواجهة.

الميليشيات العراقية الموالية لإيران دولة داخل الدولة وجيش أكثر تسليحا من الجيش العراقي النظامي
الميليشيات العراقية الموالية لإيران دولة داخل الدولة وجيش أكثر تسليحا من الجيش العراقي النظامي

لكن توقيت مبادرة الحكيم الذي يبحث بدوره عن تموقع سياسي أكبر ونفوذ أوسع في الساحة العراقية ويقدم نفسه كقوة جامعة وموحدة، يشير إلى خلافات بين المكون الشيعي في التعاطي مع الكاظمي وسياساته.

ويُرجح أن الحكيم الذي سبق له أن نأى بتياره عن الخلافات السياسية التي رافقت تشكيل حكومة الكاظمي، يحاول ضرب عصفورين بحجر واحد، فالرجل يعمل على استعادة مكانة تياره في الساحة العراقية في مواجهة الكتل البرلمانية الشيعية: الفتح بقيادة هادي العامري الموالي لإيران و'النصر' بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي و'سائرون' بزعامة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر وهي الكتلة التي شكلها بالتحالف مع الشيوعيين.

وقد نقلت وكالة 'شفق نيوز' عن مصدر من تيار الحكمة (لم تسمه)، قوله إن من أهداف مبادرة الحكيم "دعم المسارات الصحيحة للحكومة لاسيما ما يتعلق بإجراءاتها التصحيحية سياسيا وأمنيا واقتصاديا وتثبيت الملاحظات على الإخفاق ومواطن الخلل والضعف والسعي للتصحيح والإصلاح".

وأضاف أن التكتل النيابي من خمسين نائبا الذي ينتظر أن يعلن عنه الحكيم في وقت لاحق، سيعمل على "تحقيق التوازن النيابي ليكون هذا التكتل رقما برلمانيا مؤثرا ولاعبا أساسيا بلغة الأرقام البرلمانية ويكون مقابل التكتلات الخمسينية الأخرى (سائرون والفتح والسنّة والأكراد)".

وتابع أيضا أن من أهداف التكتل "تبني مطالب المتظاهرين المشروعة التي أكدت عليها المرجعية الدينية العليا في مواطن كثيرة والإصرار على تحقيقها بالتعاون مع الحكومة ودعمها في هذا الاتجاه".

ولا يمكن أن ينظر لمبادرة الحكيم المرتقبة بعيدا عن التطورات الأخيرة المتعلقة بالمواجهة بين الكاظمي وكتائب حزب الله العراقي وهي من الميليشيات الشيعية المعروفة بالفصائل الولائية نسبة لموالاتها لإيران.

وثمة إشارات واضحة على أن مبادرة تيار الحكمة تستهدف بالأساس كتائب حزب الله، فحين تتحدث عن هيبة الدولة فهي تشير بذلك إلى استعراض القوة بالسلاح الذي نفذته الكتائب في الفترة الأخيرة في المنطقة الخضراء وأيضا قيام عناصرها المفرج عنهم الاثنين بدوس صور الكاظمي الذي هو رمز الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة.

حكومة الكاظمي أعجز من أن تنزع سلاح الميليشيات الموالية لإيران
حكومة الكاظمي أعجز من أن تنزع سلاح الميليشيات الموالية لإيران

وكتائب حزب الله من مكونات الحشد الشعبي الخاضع بدوره للقائد الأعلى للقوات المسلحة بعد أن قام رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بدمجه في القوات النظامية بغرض تحصينه من الهجمات الأميركية.

وتأتي مبادرة الحكيم في سياق توفير حزام سياسي للكاظمي رغم الخلافات القائمة مع بعض الكتل البرلمانية الشيعية ومنها كتلة الفتح التي تقدمت بطلب للبرلمان لاستدعاء رئيس الوزراء لمناقشة إجراءات مكافحة فيروس كورونا رغم انه لم يمض على تسلم مهامه إلا فترة قصيرة.

وقد يكون الطلب المقدم للبرلمان إجراء سياسيا معتادا في مثل الظروف الصحية مع تفشي وباء كوفيد 19، إلا أنه قد يتحول إلى عنوان فضفاض لممارسة الضغوط على رئيس الوزراء.

ويعتبر الطلب الذي تقدمت به كتلة الفتح الموالية لإيران، الأول لاستضافة الكاظمي في البرلمان منذ تشكيل حكومته في مايو/ايار

ونقلت وكالة 'شفق نيوز' عن أحمد الكناني النائب عن كتلة الفتح قوله إن "نوابا من كتلة الفتح جمعوا تواقيع وقدموها إلى رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة طارئة لاستضافة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي واللجنة العليا للصحة والسلامة لمناقشة الإجراءات الحكومية لمواجهة جائحة كورونا وأسباب تفشي الوباء وارتفاع حالات الإصابة والوفيات".

وحسب المصدر ذاته فإن "طلب الاستضافة جاء على خلفية ضعف إدارة الأزمة وعدم تخصيص الأموال المطلوبة لتوفير الخدمات الطبية الأزمة لمعالجة المصابين وإنقاذ أرواح المواطنين".

وحمّل الكناني رئيس الحكومة المسؤولية عما اعتبرها ضعفا في إدارة الأزمة "التي باتت تحصد أرواح العراقيين".

وفي هذه الاتهامات محاولة لحشر الكاظمي في الزاوية لأسباب تتعلق بأزمة كوفيد 19، إلا أن قراءة المشهد العراقي بتجلياته الراهنة، تشير إلى أن الأمر أبعد من مناقشة الوضع الصحي والوقوف على الخلل المفترض في الإجراءات، ليذهب إلى أبعاد سياسية أعمق واشد تعقيد تتصل بإجراءات رئيس الوزراء حيال الميليشيات الشيعية المسلحة ومن ضمنها ميليشيات هادي العامري.

وترفض هذه الميليشيات تسليم سلاحها طوعا على الرغم من أن معظمها جرى دمجه في القوات المسلحة العراقية.

وتقول مصادر محلية إن الميليشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي تحولت إلى جيش داخل الجيش وأن تسليحها يفوق تسليح الجيش النظامي بعد أن سخّرت لها الدولة في السنوات القليلة الماضية إمكانات تسليحية هائلة خلال مشاركتها في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).