الكتب ممتنة لأمازون


المجد الذي كان يتوقعه الكثيرون سينتزع بالقوة أو التراضي من الكتاب، ما زال تاجا رائعا يعبر الجميع عن السعادة عند رؤيته، والكتاب ما زال موضع احتفاء بين القراء.
أنا أحد الشهود بين القراء من أجل مجد الكتاب

هناك متجران كبيران لبيع الكتب في ضاحية ريتشموند في العاصمة البريطانية لندن، المتجر الأول اتخذ موقعا ركنيا في الشارع الرئيسي حيث موقعه يملأ العين لكل من يريد أن يذهب إلى التسوق أو إلى السينما أو حتى اختيار وقت مستقطع لاحتساء القهوة، المتجر يحرض على زيارته للمارة والمتسوقين، ومن لا يقدر اليوم، سيضع مع نفسه موعدا آخر. أنا أراه يوميا في طريقي إلى العمل.

المتجر الآخر يمتلك مواصفات مكتبة رائقة أشبه بمقاهي العشاق، فهو رواق طويل مصنفة فيه الكتب بطريقة مغرية، من يدخل إليه لن يخرج من دون أن يكون قد اقتنى على الأقل كتابا، فشراء الكتب شهادة بالنسبة إليه لأنه سيمر عند مغادرة المتجر بشارع مطل على ريتشموند غرين وهي مساحة خضراء يقف في واجهتها بيت فيرجينيا وولف الذي يرمم هذه الأيام.

وبطبيعة الحال توجد مجموعة أخرى من المتاجر الصغيرة التي تبيع الكتب المستعملة في هذه الضاحية، فقد تغيرت المتاجر على مدار العقد الماضي وتحولت الدكاكين إلى مطاعم ومتاجر الملابس أقفلت وتحولت المكاتب إلى منازل، بينما بقيت المكتبات محافظة على عهدها مع القراء المخلصين، لقد صمدت مبيعات الكتب والأرباح وبقي الكتاب معتدا بنفسه بأي صيغة متاحة. صحيح أن شركة أمازون فتحت العالم أمام الكتب ولا نستطيع سوى أن نقول لها شكرا، في وقت ما بدا الأمر برمته وكأن النهاية قد حلت بالكتاب الورقي، وفق جون ماكينسون الرئيس التنفيذي السابق لدار بنغوين للنشر.

لكن قراءة النصوص الطويلة على الشاشة هي تجربة بدت أقل متعة مما كان يعتقد كثيرون. على حد تعبير أحد التنفيذيين الذي صرح لصحيفة فايننشيال تايمز فإنه “يبدو كما لو أن بطارية كيندل الموجودة لدى الجميع ماتت في اليوم نفسه”.

لقد انتقلت مجموعة التجارة الإلكترونية إلى مزاج القراء المتنوع للمنافسة المباشرة مع دور النشر من خلال أنشطة نشر، في الصيغ المادية والمرئية والمسموعة. وهذا أمر يرفع من المجد التاريخي المتصاعد للكتاب.

يقول دونت، وهو مصرفي سابق صنع لنفسه اسما من خلال إدارته لسلسلة متاجر متخصصة لبيع الكتب في لندن “هنالك حدود للتجربة الإلكترونية. في عالم الكتب، ليس في الإمكان أبدع مما كان. الآن، هنالك محال أخرى للبيع بالتجزئة تمر بالظروف التي مررنا بها. تحملنا الألم وهذا اضطرنا للقيام بعملية تحسين عجيبة للمتاجر ورفع مستوى الأداء”.

المجد الذي كان يتوقعه الكثيرون سينتزع بالقوة أو التراضي من الكتاب، ما زال تاجا رائعا يعبر الجميع عن السعادة عند رؤيته، والكتاب ما زال موضع احتفاء بين القراء، لم يحدث إلا أن أشاهد يوميا أكثر من قارئ في رحلتي بالقطار إلى المكتب، سواء لكتاب ورقي أو إلكتروني، وأنا أحد الشهود بين القراء من أجل مجد الكتاب.