الكردي؛ اما ان يموت سريعا او يعاني من سكراته!

من سوء حظ الاكراد انهم عاشوا المرحلتين من الحكم العروبي الشوفيني والحكم الشيعي الطائفي.

انت عربي ومن حقك وواجبك ان تعمل لصالح قومك وامتك وتدعو الى الوحدة والحرية والاشتراكية او تتبنى المفهوم العروبي او الاسلامي او اي نهج سياسي آخر في ادارة مجتمعك ودولتك بما يحقق لها اهدافها ويضعها في مصاف المجتمعات المتقدمة، من حقك ان تفعل كل ما يضمن لها السعادة والرفاهية والحياة الكريمة. ولكن بشرط الا يكون ذلك على حساب حقوق الاخرين وحرياتهم وطريقة عيشهم في الحياة. من حقك ان تتغنى بالامة العربية ومآثرها وبطولاتها ليل نهار. ولكن ليس من حقك ان تفرضها على الامة الكردية مثلا، فلكل امة خصائصها ومآثرها التي تفتخر بها، وان فعلت ذلك فانك انسان عنصري وشوفيني تنقاد لنوازعك الشريرة التي لا تختلف ابدا عن نوازع هتلر وموسوليني وصدام او اي دكتاتور آخر. ومهما تتخفى وراء شعارات عرقية وفلسفية تافهة وتتحجج باعذار واهية، فان مصيرك في النهاية السقوط في مزبلة التاريخ مثلهم. "سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا". والكرد كأمة تعرضت لابشع انواع الظلم المنظم على يد ادعياء العروبة!

ونفس الشيء ينطبق على الشيعة بعد 2003 ايضا، فهم يكررون نفس اخطاء السابقين ويسيرون على ضلالهم "الشوفيني" خطوة خطوة مع زيادة في الشحن الطائفي وزرع بذور الشقاق والصراع في المجتمع على اساس طائفي. ووفق هذا المنظور حكموا البلاد وشكلوا الميليشيات ومدوها بكل اسباب القوة حتى حولوها الى دولة داخل دولة تنصب من تشاء في مواقع حساسة وتهيمن على البرلمان والمؤسسات التنفيذية المهمة، ومهما قيل عن خلفية رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي المهنية المحترمة كشخص تكنوقراط مستقل، فانه مرشح تسوية للاحزاب والميليشيات الشيعية المعروفة بنوازعها الطائفية، وهي تسعى الى فرض رئيس هيئة الحشد الشعبي التي تضم فيها ميليشيات متفرقة فالح الفياض وزيرا للداخلية وليس امام عبدالمهدي في النهاية الا الرضوخ للامر الواقع.

الاوضاع في ظل حكومة عبدالمهدي و‌مَن ورائها ستتدهور اكثر وتتجه الى التفاقم والانفجار وتتصاعد حدة النزاع الطائفي والعرقي وتترسخ اركان الفساد والمفسدين ولن يستطيع عبدالمهدي رغم علاقاته الممتازة مع المكونين السنة والكرد ان يصلح العلاقة الخربانة بينهما وبين الشيعة الحاكمة التي استعملت الحديد والنار لاخضاعهما لهيمنتها.

من سوء حظ الاكراد انهم عاشوا المرحلتين من الحكم العروبي الشوفيني والحكم الشيعي الطائفي وعانوا كثيرا من قمعهما وعنجهيتهما الفارغة حتى تلخبطت حياتهم وتعقدت حالتهم النفسية ولم يعدوا قادرين على اتخاذ قرار حاسم ينقذهم من حالتهم المبعثرة. وعندما ارادوا ان يخرجوا من هذه الدوامة التعيسة ويستقلوا بانفسهم في دولة، وقف العالم جميعا ضدهم وحجروا على حرياتهم واختيارهم واعادوهم الى جحيم الحكم القمعي العراقي.

ولم تكن تجربة الحياة في ظل الخضوع لاجندات مختلفة وصادمة، سهلة عليهم ابدا، فكانوا امام خيارين صعبين؛ اما ان يسايروا هذه اجندة هؤلاء ويستسلموا لافكارهم الشوفينية واما ان يتعرضوا الى القتل والتعريب والتهجير والتجويع، فاختاروا الطريق الثاني الاصعب دون تردد او تفكير وفضلوا الكرامة على العبودية والموت على الخضوع للمجانين وادعياء الدين والقومية.