'الكليكة في سويسرا' كوميديا وراء القضبان

المخرج والممثل المغربي زكرياء لحلو يحكي في هذا الحوار عن أهمية المسرح في تحقيق المتعة الفنية والجمالية والقدرة على خلق زمن احتفالي ينصهر فيه الجمهور مع الفنانين.

الرباط - تجدد مسرحية "الكليكا في سوسرا" لقاءها بالجمهور المغربي، من خلال مجموعة من العروض، التي تنطلق يوم 29 فبراير/شباط الجاري من الدار البيضاء، لتشمل مدن مغربية أخرى مثل فاس ومراكش والرباط.

وتدور أحداث مسرحية "الكليكة في سويسرا" ذات التأليف الجماعي للمخرج اسماعيل الفلاحي داخل أسوار السجن، حيث نتعرف على مجموعة من السجناء الشباب، منهم المسجلين في جرائم ثقيلة ومنهم المعتقلين قيد التحقيق، إذ تجمع السجناء علاقة متوترة مع الإدارة وسلطة المدير المتجبر، فأين تبدأ الحقوق وأين تنتهي؟ هل فعلا هناك استبداد من المدير أم أن النظام والأخلاق والمصلحة العامة تتطلب الإنضباط واحترام القواعد الجاري بها العمل في المؤسسة ليسود الأمن؟ لكن هناك حدث جلل سيجعل السجن محل أنظار العالم بأسره، فكيف سيغير مجرى الأحداث الاخرى وكيف سيؤثر في العلاقات بين السجناء والإدارة؟ حيث يتم كل ذلك في قالب كوميدي ساخر، مليء بالمفاجئات والمقالب والمواقف المثيرة والمشوقة والمضحكة.

والمسرحية من إنتاج شركة "كليك إيفنت"، ويشارك في التمثيل كل من سيمو سدراتي، وزهير زائر، وأيوب أبو النصر، وزكرياء لحلو.

وفي هذا السياق قامت "ميدل إيست أونلاين" بحوار مع الممثل والمخرج المسرحي وأستاذ التعليم العالي الفني زكرياء لحلو حول مسرحية  "الكليكة في سويسرا"، وفيما يلي نص الحوار:

ما الرسالة الجماعية التي تحاول المسرحية توصيلها حول مفهوم الحقوق والحريات داخل السجن؟

أظن أن الرسالة الحقيقية للمسرح هي تحقيق المتعة الفنية والجمالية، فهي القدرة على خلق زمن احتفالي ينصهر فيه الجمهور مع الفنانين، زمن موازي يخرج فيه المتفرج من روتين الحياة ومن وضغوطاتها وعلاقاتها النفعية إلى زمن آخر متخيل، ممتع وشاعري، كل ذلك بغض النظر على الموضوع المطروح أو القصة المحكية.

كيف يمكن للكوميديا والسخرية أن تسلط الضوء على قضايا جدية مثل القمع والاستبداد داخل بيئة السجن؟

الكوميديا كانت دائما وستبقى وسيلة للتعبير عن قضايا جدية ومهمة وذات قيمة في المجتمع، فهي تستخدم السخرية والرمزية وتقوم على المفارقات والتناقضات وتقف عند العيوب الفردية والجماعية وتجعل منها مادة خصبة للإبداع الفني، وفي كثير من الأحيان نصل إلى حد الكاريكاتير لطرح المواضيع حتى نخلق المسافة الكافية، ونتناولها بنوع من الإبتسامة والسلاسة بعيدا عن أي تشنج.

ما العوائق التي تواجه المؤلف والمخرج المسرحي في عملية تصور بيئة السجن بشكل كوميدي دون التساهل في تجسيد القضايا الاجتماعية الهامة؟

مسرحية "الكليكة فسويسرا" من إنتاج عبد اللطيف بوزوبع عن شركة "كليك ايفنت"، ومن اخراج إسماعيل الفلاحي، هي إبداع جماعي لمجموعة من الفنانين المتمرسين، نحن الآن بصدد القيام بجولة بعدة مدن مغربية تحت اشراف فني لزهير علوان، أما بخصوص تناول القضايا الاجتماعية فأظن أننا في المسرحية لا نتطرق لسجن بعينه أو لمؤسسة بعينها وإنما حاولنا التطرق لفكرة السجين وعلاقته بالسجان، إذ تناولنا العلاقة مع السلطة كذريعة فقط لخلق مجموعة من المواقف الساخرة والكوميديا والتي تصل الى حد العبث، لا ندعي في هذه المسرحية معالجة أي شيء نحن فقط نضحك من أنفسنا ومن بعض الأعطاب التي نعيشها في علاقاتنا الإنسانية عموما.

كيف يمكن للمسرحية أن تحفز الجمهور على التفكير في مفاهيم مثل العدالة والإنسانية داخل بيئة مليئة بالمفاجآت والمواقف الكوميدية؟

المجتمع المتحضر هو من يستطيع أن يضحك على عيوبه ويسخر منها، كأفراد وجماعات ومؤسسات قادر على رؤية العيوب دون أي عقدة نقص أو تشنج أو رفض، فالمصالحة مع الذات تبدأ من الوقوف على النواقص والبوح بها والسخرية منها.

أما معالجة الإستبداد والدفاع عن حقوق الإنسان والإنتصار لها، هو مسؤولية البرلمان والمؤسسات الدستورية التي تسير الدولة، فهي التي تمتلك السلطة على التأثير المباشر في الواقع، والمسرح انعكاس لتلك القضايا، حيث يصارحنا بها، فهو مساحة للبوح الجميل لا أقل ولا أكثر، كما ينشر الوعي بين الناس وينتصر للقيم الكبرى بأشكاله التعبيرية المتنوعة، فممارسة المسرح في حد ذاته تمرين ديموقراطي وحق الولوج إليه هو شكل من أشكال العدالة  الاجتماعية.