الكونغرس يبدأ جلسات علنية حاسمة تحدد مصير ترامب

لم يتعرض أي من رؤساء الولايات المتحدة لمساءلة سوى اثنين ولم يُعزل أي رئيس عن طريق إجراءات المساءلة.

التحقيق بشأن مساءلة ترامب بهدف عزله يدخل مرحلة حرجة
3 دبلوماسيين عبروا في جلسات مغلقة عن قلقهم من تعاملات ترامب مع أوكرانيا
ترامب يواجه حملة لعزله بحملات إعلانية مكثفة على فايسبوك


واشنطن - دخل التحقيق بشأن مساءلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهدف عزله مرحلة حرجة اليوم الأربعاء عندما بدأ المشرعون أولى جلساتهم العلنية التي يبثها التلفزيون، إيذانا ببدء مرحلة جديدة عالية المخاطر من الإجراءات التي قد تحدد مصير رئاسة ترامب المضطربة.

واستدعى الديمقراطيون الذين يقودون مجلس النواب ثلاثة دبلوماسيين أميركيين، عبروا كلهم خلال إفادات في جلسات مغلقة عن قلقهم من تعاملات ترامب مع أوكرانيا، لتقديم تفاصيل أكثر عن تلك المخاوف تحت تغطية إعلامية واسعة النطاق.

وفي ظل احتمال أن يتابع عشرات الملايين تلك الجلسات، يدلي شاهدان هما وليام تيلور الدبلوماسي الأميركي الكبير في أوكرانيا وجورج كنت نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية، بإفاداتهما أمام لجنة المخابرات التابعة لمجلس النواب اليوم الأربعاء بشأن إن كان ترامب ضغط على أوكرانيا لتحقيق منفعة سياسية شخصية.

وسبق أن شغل تيلور الدبلوماسي وضابط الجيش السابق، منصب سفير الولايات المتحدة لدى أوكرانيا وهو الآن القائم بأعمال السفارة في كييف. أما كنت فيشرف على السياسة بشأن أوكرانيا في وزارة الخارجية.

ووصل تيلور وكنت بشكل منفصل وتحت حراسة مشددة. وسبق أن أدلى كلاهما بإفادات أمام المشرعين في جلسات مغلقة وجلسا على طاولة الشهود وقد أحاط بهما المصورون والصحفيون.

جورج كنت ووليام تايلور يدليان بافادتهما في جلسات علنية بالكونغرس حول ضغوط ترامب على أوكرانيا
جورج كنت ووليام تايلور يدليان بافادتهما في جلسات علنية بالكونغرس حول ضغوط ترامب على أوكرانيا

ووضع الجمهوريون الذين ينتمي إليهم ترامب والذين سيتمكنون أيضا من استجواب الشهود، إستراتيجية دفاع ترتكز على أنه لم يرتكب خطأ عندما طلب من رئيس أوكرانيا الجديد التحقيق في أمر جو بايدن، نائب الرئيس السابق وأحد منافسيه الرئيسيين في انتخابات 2020 الرئاسية.

وقد تمهد جلسات هذا الأسبوع الطريق لأن يوافق مجلس النواب على توجيه اتهامات رسمية لترامب. وقد يؤدي هذا لمحاكمة في مجلس الشيوخ بشأن ما إذا كان ينبغي إدانة ترامب في هذه التهم وعزله من منصبه. ولم يبد الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ أي تأييد يذكر لعزل ترامب.

وسيحاول الجانبان استمالة الناخبين المنقسمين بشدة مع توغلهم في تحقيق عمره ستة أسابيع ألقى بظلاله على رئاسة ترامب ويهدد بعزله من منصبه حتى في الوقت الذي يخوض فيه حملة لانتخابه لفترة رئاسية ثانية.

ومضى عقدان على آخر مرة شهد فيها الأميركيون إجراءات لمساءلة رئيس وستكون هذه الإجراءات هي الأولى في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.

ووجه الجمهوريون الذين كانوا يسيطرون على مجلس النواب آنذاك، اتهامات تستوجب المساءلة ضد الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون في فضيحة شملت إقامة علاقة جنسية مع متدربة في البيت الأبيض. وصوت مجلس الشيوخ في نهاية الأمر لصالح إبقائه في منصبه.

ولم يتعرض من رؤساء الولايات المتحدة لمساءلة سوى اثنين ولم يُعزل أي رئيس عن طريق إجراءات المساءلة.

ويركز التحقيق على مكالمة هاتفية بتاريخ 25 يوليو/تموز طلب فيها ترامب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فتح تحقيق فساد مع بايدن وابنه هنتر وفي أمر نظرية لا تستند إلى أساس بأن أوكرانيا وليست روسيا، هي التي تدخلت في الانتخابات الأميركية عام 2016. وعمل هنتر بايدن في مجلس إدارة شركة بوريسما الأوكرانية.

ويحقق الديمقراطيون أيضا في ما إذا كان ترامب أساء استغلال سلطات منصبه بحجب مساعدات أمنية لأوكرانيا، الحليفة التي تواجه ضغوطا من روسيا، بقيمة 391 مليون دولار كوسيلة للضغط عليها لإجراء التحقيقات التي تصب في صالحه.

وقدمت الأموال لكييف في وقت لاحق. وكان الكونغرس قد أقر المبلغ لمساعدة أوكرانيا على محاربة الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا في الجزء الشرقي من البلاد.

ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفة ووبخ بعضا من المسؤولين السابقين والحاليين الذين مثلوا أمام اللجان ووصفهم بأنهم من "حثالة البشر" ووصف التحقيق بأنه ملاحقة سياسية تهدف لتقويض فرص إعادة انتخابه.

وندد نائب جمهوري بإجراءات عزل الرئيس، معتبرا أنها "حملة افتراءات تدار بدقة في وسائل الإعلام" وذلك خلال افتتاح الجلسات العلنية التاريخية من نوعها في الكونغرس الأربعاء.

وقال ديفن نونيس متحدثا باسم الجمهوريين في اللجنة القضائية بمجلس النواب، إن تلك الإجراءات هي جزء من "عملية يجريها الديمقراطيون منذ ثلاث سنوات ووسائل إعلام فاسدة وبيروقراطيون محازبون يريدون إلغاء نتيجة انتخابات 2016".

وفي مواجهة هذه الضغوط، يكثف الرئيس الأميركي حملة إعلانية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) لمحاربة جهود مساءلته في الكونغرس، حيث اشترت حملته الانتخابية إعلانات حول هذا الموضوع في الأسابيع الأخيرة أكثر من كل المرشحين الديمقراطيين في السباق للبيت الأبيض مجتمعين.

ويوحي هذا التباين بين حملة إعادة انتخاب الرئيس والديمقراطيين بأن ترامب يراهن على أن التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون في الكونغرس والذي يدخل مرحلة جديدة بعقد جلسات علنية اليوم الأربعاء، يمكن أن يصبح مساعدا له في الفوز بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020.

وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أن تأييد المساءلة إنما يتركز بين الديمقراطيين. ويوم الجمعة الماضي وحده، أرسل الرئيس أكثر من 400 إعلان على فيسبوك يطلب فيها تبرعات يحصل مقابلها المتبرعون على مكافأة شخصية عبارة عن "بطاقة عضوية للدفاع ضد المساءلة".

وقال فورد أوكونيل، وهو خبير استراتيجي جمهوري، إن الإعلانات تهدف لتحفيز مؤيدي ترامب وتشجيعهم على الخروج للتصويت في انتخابات العام المقبل ومساعدته على استمالة المستقلين المتشككين في عملية المساءلة الرامية للعزل.

وقال أوكونيل الذي شارك في الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري للرئاسة جون مكين عام 2008 "الديمقراطيون متحمسون بغض النظر عن السبب. وعليه التأكد من أن بوسعه أن يتعادل في القوة مع الديمقراطيين ويتفوق عليهم".

ويتحد المرشحون الديمقراطيون عادة لعرض إعلانات أكثر من الرئيس كل يوم، لكن حملة ترامب ومؤيديها بثوا أكثر من 2900 إعلان على فيسبوك في الأسبوعين الماضيين وحتى يوم الجمعة يذكرون فيها "المساءلة"، وفقا لتحليل بيانات إعلانات فيسبوك.

ويقارن ذلك مع أكثر بقليل من 200 إعلان للمرشحين الديمقراطيين الخمسة عشر خلال نفس الفترة، وفق بيانات جمعها باحثون لدى كلية تاندون للهندسة بجامعة نيويورك.