الكويت تلاحق متهمين بالطعن في صلاحيات الأمير
الكويت - أعلنت النيابة العامة بالكويت عن حبس مواطن احتياطيا وحجز وضبط وإحضار آخرين لاتهامهم بنشر عبارات تضمنت "طعنا في حقوق وسلطات" أمير البلاد، بعد قراره الأخير بحل مجلس الأمة الذي لقي ترحيبا واسعا من عموم الكويتيين مقابل هجمة من التيار الإسلامي الذي يسيطر على المجلس.
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن النيابة العامة أفادت بأن الموقوفين "نشروا عبر حساباتهم بموقع التواصل الاجتماعي "أكس" عبارات تضمنت طعنا في حقوق وسلطات مقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد". وذكرت أن المتهمين "تعرضوا لشخص صاحب السمو بالنقد، والعيب في ذاته".
وتأتي هذه الخطوة بعد قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حل مجلس الأمة وتوليه مع الحكومة مهام السلطة التشريعية، وذلك بعد نحو شهر ونصف من الانتخابات البرلمانية، ويعتبر في خطوة تاريخية في الدولة التي تشهد أزمات سياسية متكررة.
ولقي القرار تأييدا كبيرا من الشعب الكويتي الذي عاني من الأزمة السياسية التي تسببت بها المعارك المستمرة بين البرلمان والحكومات والمتعاقبة، والتي عطلت الإصلاحات في البلاد على جميع الصعد، حيث يتطلع الكويتيون إلى قيادة جادة وحازمة لا تتهاون في أي حدث أو أمر يمكن أن يمس سيادة الدولة الكويتية أو يسمح باستغلالها في الخلافات والمصالح الشخصية.
وأكد الكثيرون على الشبكات الاجتماعية أنهم يراهنون على حكمة وحنكة الأمير مشعل في إدارة البلاد وقيادة المشهد بالعهد الجديد للكويت خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث ساخنة، وعلى رأسها العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
في المقابل أثار قرار الشيخ مشعل غضبا كبيرا في صفوف الإخوان الذين شنوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد أمير البلاد، وباتوا يروجون على حساباتهم لـ"انقلاب" أميري ضد "الديمقراطية"، وهو المصطلح المفضل لهم عند كل هزيمة سياسية أو إجراء قانوني في أي بلد.
وصدر أمر أميري بحل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات" إضافة إلى تولي "الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة".
وعزا الشيخ مشعل قراراته هذه إلى "تدخل" بعض النواب في صلاحيات الأمير وفرض البعض الآخر "شروطا" على تشكيل حكومة. وقال في خطاب بثه التلفزيون الرسمي "واجهنا من المصاعب والعراقيل ما لا يمكن تحمله والسكوت عنه" مضيفا "نجد البعض يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير واختياره لولي عهده متناسيا أن هذا حق دستوري صريح للأمير".
وأعربت الإمارات عن تضامنها مع الشيخ مشعل ودعمها لقراراته الهادفة للاصلاح والاستقرار السياسي،
وعلق مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش على اتصال رئيس البلاد الشيخ محمد بن زايد بأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بعد إعلانه حله مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور.
وقال على منصة إكس أن "اتصال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يؤكد بوضوح أن أمن واستقرار الكويت جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار الإمارات والخليج". وأضاف قرقاش "روابطنا أخوية ومصيرنا مشترك، وسنبقى مع الكويت قيادة وشعبا وتمنياتنا لها بالمزيد من التنمية والازدهار".
وأوقف الشيخ مشعل، حين كان وليا للعهد، قرارات التعيين والترقية والنقل والندب والإعارة في جميع أجهزة الدولة لثلاثة أشهر قابلة للتجديد، وذلك “لتحقيق المصلحة العامة”.
وكان الأمير مشعل قد انتقد بقوة في خطاب أداء اليمين الدستورية في العشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي الحكومة ومجلس الأمة. وأكد على ضرورة مراجعة واقع الكويت الحالي أمنيا واقتصاديا ومعيشيا، وذلك في أول تصريحات له بعد أدائه اليمين. وقال إن “الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف”.
وأعرب عن حزنه بسبب سكوت أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية عما وصفه بـ”العبث المبرمج” في هذه الملفات وإصباغ صفة الشرعية عليها “وكأن الأمر أصبح بهذا السكوت يمثل صفقة تبادل المصالح والمنافع بين السلطتين على حساب مصالح الوطن والمواطنين”.
وانتخبت الكويت برلمانا جديدا في الرابع من أبريل/نيسان ليصبح الرابع منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، وبعد ذلك بيومين استقالت حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح كخطوة إجرائية بعد الانتخابات.
وأسفرت الانتخابات عن تغيير محدود تمثل في دخول 11 نائبا جديدا من أصل 50 عضوا منتخبا في البرلمان، ما يشير إلى احتمال استمرار حالة الجمود السياسي بعد أول انتخابات في عهد أمير الكويت الجديد.
وبعد الانتخابات اعتذر الشيخ محمد صباح السالم الصباح عن تشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي أربك المشهد السياسي في ظل عزوف شخصيات أخرى من أسرة الصباح الحاكمة عن تولي المنصب، طبقا لوسائل إعلام محلية. ثم عين أمير الكويت رئيسا جديدا لمجلس الوزراء هو الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح في 15 أبريل/نيسان وطلب منه تشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم يتمكن من تشكيلها حتى الآن.
وفي الثامن من أبريل صدر مرسوم أميري بتأجيل اجتماع مجلس الأمة إلى 14 مايو/أيار بدلا من 17 أبريل/نيسان، مستندا إلى المادة 106 من الدستور التي تجيز للأمير تأجيل اجتماعات البرلمان لمدة لا تتجاوز شهرا، في تكرار لسيناريو مشابه لما حدث في 2022.