الكويت تنفتح على استثمارات ضخمة في مصر تساعدها على التعافي
الكويت – أفادت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن الكويت تُجري مناقشات متقدمة لتحويل 4 مليارات دولار من الودائع في البنك المركزي المصري إلى استثمارات في البلاد، وهو ما يُمثل دفعة قوية لأكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان في ظل تعافيها من أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
وأفادت مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها نظرًا لحساسية الأمر، بأن الجانبين اتفقا مبدئيًا على التحويل، وقد تستثمر الكويت نصف المبلغ على الأقل بنهاية هذا العام، موزعًا على عدة قطاعات وأصول، وأضافوا أنه لم يُتخذ قرار نهائي بشأن أهداف محددة.
وستُلغي هذه الخطوة التزامًا على مصر بقيمة 4 مليارات دولار من ميزانيتها، وتُشير في الوقت نفسه إلى زيادة إقبال المستثمرين. كما تُمثل هذه الخطوة أحدث مؤشر على الدعم من دول الخليج العربي، التي سعى بعضها إلى مساعدة مصر على التعافي من نقص حاد في العملات الأجنبية.
وقدمت الإمارات 35 مليار دولار من الاستثمارات والتمويل العام الماضي، والتي اقترنت بحزم من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي وجهات أخرى، لمنح مصر دفعة مالية قدرها 57 مليار دولار.
وتُعد مصر من بين الوجهات الاستثمارية للكويت في الشرق الأوسط، نظرًا لما تمثله من ثقل سكاني واستراتيجي، فضلًا عن مساعي الحكومة المصرية لتهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين، وقد صرحت الرئاسة المصرية في وقت سابق من هذا الشهر بأن الكويت قد تستثمر في قطاعات الطاقة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والبنوك والأدوية، وذلك عقب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للدولة الخليجية كما زار قطر.
الكويت ستستثمر في قطاعات الطاقة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والبنوك والأدوية
ووجّه الرئيس المصري الدعوة للمستثمرين الكويتيين لاستكشاف الفرص المتاحة، والاستفادة من الحوافز والتسهيلات التي تقدمها الدولة المصرية، وكذلك تطوير التعاون الصناعي، من خلال العمل على إقامة شراكات صناعية بين الشركات المصرية والكويتية، والتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.
وأوضح بيان للرئاسة المصرية، أن هذه الدعوة أتت في أثناء استقبال الرئيس المصري الخميس، وفدًا استثماريًا كويتيًا برئاسة محمد جاسم الصقر رئيس الجانب الكويتي في مجلس التعاون المصري الكويتي، وناقش خلال اللقاء الفرص المتاحة في عدد من القطاعات الواعدة للتعاون الاستثماري.
وأكد الوفد الكويتي على الشراكة الاستراتيجية القائمة بين مصر والكويت، موضحين أن حجم الاستثمارات الكويتية في مصر قد تجاوز العشرين مليار دولار موزعة على مختلف القطاعات والأنشطة وعلى أكثر من ألف شركة كويتية تعمل في مصر، وأن أكثر من 25 بالمئة من مشروعات الصندوق الكويتي للتنمية موجودة في مصر، معبرين عن التطلع إلى تكثيف وتعميق الاستثمارات الكويتية في مصر، ولأن يكون للكويت دور فاعل في "المنتدى الاستثماري المصري الخليجي"، الذي ستستضيفه القاهرة هذا العام، خاصة مع النهضة التنموية غير المسبوقة التي تشهدها مصر.
وشدد الصقر أن "مهمة الوفد الزائر البناء على الشراكة الإستراتيجية القائمة بين الكويت ومصر على كل صعيد وفي كل مجال، وتوجيه اهتمام أكبر إلى المحور التجاري في التعاون الاقتصادي بين البلدين، والبناء على التجربة الاستثمارية الكويتية المصرية وتعميقها ومعالجة أي عوائق أو انسدادات تعرقل مسيرتها".
ولفت الصقر إلى أن "العالم يعيش فترة تحول جوهري وشامل وحاسم، يضعنا أمام ملامح نظام اقتصادي دولي جديد"، مشدداً على أن "الاقتصادات العربية لا تملك مخرجاً إلا بالتعاون والتنسيق بينها، والتحرك الجاد والسريع للاحتفاظ بموقع على خارطة التقدم يعكس قدراتها وطموحاتها".
وتابع "بكل صراحة وقناعة وموضوعية، مثل هذا التعاون والتنسيق والتحرك السريع، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال منظومة اقتصادية عربية مبادرة، تأخذ من مصر الثقل البشري اللازم، وتأخذ من دول مجلس التعاون الخليجي الثقل المالي الكافي، وتترك أبوابها مشرعة أمام كل الدول العربية الأخرى، وعاملة على اجتذابها".
وأضاف "نثق كل الثقة أن الاستثمار الكويتي في مصر هو استثمار في أمن الكويت وأمانها وحمايتها، ولن نجد شريكاً أوفى عهداً وأصدق التزاماً".
بدوره، أفاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في تصريح لوكالة بلومبيرغ الأسبوع الماضي، بتشكيل لجنة اقتصادية، وستضع قريبًا قائمة بالمشاريع المحتملة التي يمكن للكويت الاستثمار فيها.
وأضافت بعض المصادر أن الكويت تدرس أيضًا استثمار أموال من شركة إكويتي القابضة – وهي وحدة تابعة لصندوق الثروة السيادي المسؤول عن إدارة الاستثمارات المباشرة في مصر – بالإضافة إلى الودائع المحولة البالغة 4 مليارات دولار.
وخفضت مصر أسعار الفائدة في وقت سابق من هذا الشهر لأول مرة منذ ما يقرب من خمس سنوات، مما قد يحفز المزيد من الاستثمار، وكانت أسعار الفائدة عند مستوى قياسي مرتفع منذ مارس 2024، عندما خفضت البلاد قيمة عملتها للمساعدة في تأمين خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.
وبحسب وكالة بلومبيرغ، حققت الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، التي تدير أكثر من 800 مليار دولار من الأموال، ارتفاعًا في العوائد السنوية للصندوق السيادي الكويتي بأكثر من 10 بالمئة، وأسهم ارتفاع مؤشرات سوق الأسهم الأميركية في تعزيز عائدات هيئة الاستثمار الكويتية، العام الماضي.
وكشفت بيانات نشرتها صحيفة "الأنباء" الكويتية، أن دخل استثمارات الكويت، خلال فترة الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، شهدت نموًا بنسبة 2.6 بالمئة لتسجل 7.8 مليارات دينار، مقارنة بـ7.5 مليارات دينار، خلال الفترة المقارنة من 2023.
وأظهرت البيانات التي استندت إلى أرقام من بنك الكويت المركزي، أن دخل استثمارات الكويت هو الإيرادات التي تحققها الدولة من أصولها واستثماراتها الخارجية في مختلف المجالات، ويشمل ذلك العوائد المالية الناتجة عن الاستثمار في الأسهم، السندات، العقارات، الشركات الأجنبية، والأصول الأخرى التي تدار من قبل جهات حكومية مثل الهيئة العامة للاستثمار، التي تدير صندوق الأجيال القادمة وصندوق الاحتياطي العام.
وقالت البيانات إن دخل استثمارات الكويت بلغ 2.2 مليار دينار في الربع الأول من 2024، ليصعد إلى مستوى 2.74 مليار دينار في الربع الثاني من 2024، ثم إلى مستوى 2.8 مليار دينار في الربع الثالث من العام، مع توقعات بأن يحافظ على ذلك المستوى في الربع الرابع والأخير من العام الماضي.