الليرة اللبنانية تهوي لـ3000 مقابل الدولار لأول مرة

صندوق النقد الدولي يتوقع أن ينكمش النمو الاقتصادي في لبنان بنسبة 12 في المئة، محذرا من أن تكون التداعيات الاقتصادية لكورونا أخطر نظرا إلى أنها تعتمد على العوامل يصعب التنبؤ بها.

بيروت - سجل سعر الدولار الأميركي الشحيح في لبنان 3050 ليرة اليوم الثلاثاء للمرة الأولى في السوق الموازية في البلد الذي يعاني أزمة مالية محت نصف قيمة العملة المحلية.
وأصبحت السوق غير الرسمية مصدرا رئيسيا للحصول على العملة الصعبة لمعظم الناس منذ أن هوى لبنان إلى أزمة قبل حوالي ستة أشهر لتبتعد العملة عن سعر الربط الرسمي البالغ 1507.5 الساري منذ عقدين.
وهوت الليرة اللبنانية بشكل أكبر منذ أن أرغمت جائحة فيروس كورونا البلاد على فرض عزل عام في مارس/آذار ومع قيام البنوك بإغلاق صنبور الدولار.
وقال مكتبان للصرافة إن الدولار جرى تداوله اليوم عند 3050 ليرة، وهو ما قالا إنه يحدث للمرة الأولى، ارتفاعا من 2980 ليرة أمس الاثنين.
ووصفت محطة تلفزيون "ال بي سي" السعر بأنه "مستوى قياسي جديد" يتخطى حاجز 3000 ليرة عند بعض المتعاملين. وقال مستوردان إنهما عرض عليهما أسعار أعلى من 3000 ليرة للمرة الأولى.
وأرغمت قيود مصرفية معظم المستوردين، عدا مشتري القمح والأدوية والوقود، على الحصول على الدولارات من السوق غير الرسمية.
وقيًدت البنوك، التي تعاني نقصا في السيولة، سحب الدولارات وأوقفت التحويلات إلى الخارج منذ أكتوبر/تشرين الأول بعد أن نضبت تدفقات رؤوس الأموال إلى لبنان واندلاع احتجاجات مناهضة للنخبة الحاكمة.
وأثارت مسودة خطة قدمتها حكومة حسان دياب لمعالجة الأزمة المالية المقعدة التي يعيشها لبنان، خلافا بين الدائنين الدوليين والمحليين، حيث اعتبرها رئيس وزراء لبنان السابق سعد الحريري إنها "خطة انتحار اقتصادي".
وتشمل المسودة التي ظهرت الأسبوع الماضي اقتراحا "بمساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين" في إطار إجراءات للتعامل مع خسائر فادحة في النظام المالي، وذلك ضمن إجراءات أخرى صعبة.
وقال الحريري، أبرز زعيم سني في النظام الطائفي اللبناني، على تويتر "منذ تشكيل هذه الحكومة وهي تعد اللبنانيين والعالم بخطة إنقاذ اقتصادي... لكن يبدو أنها تتجه إلى خطة انتحار اقتصادي، مبنية على مصادرة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف".
وعبر خطاب من بنك الاستثمار هوليهان لوكي، مستشار جمعية مصارف لبنان، إلى بنك الاستثمار لازارد، مستشار الحكومة اللبنانية، عن بواعث قلق حيال الخطة وتأثيرها على النظام المصرفي ومقترحها تحميل المودعين عبئا ماليا.

لكن بعض الحائزين الدوليين لسندات لبنان الدولية التي تتجاوز 30 مليار دولار يدعمون بوجه عام المقترح، الذي يُقدر أن لبنان سيحتاج تمويلا خارجيا بين 10 مليارات و15 مليار دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، ويقولون إنه يمكن استخدامه كمخطط أساسي لطلب دعم مالي من صندوق النقد الدولي.

hg
القضم من الودائع يهدد بعودة اللبنانيين إلى الشارع

وُضعت الخطة، التي مازالت الحكومة تبحثها، في أعقاب تخلف لبنان الشهر الماضي عن سداد ديونه الضخمة بالعملة الصعبة.

ويسلط تباين الآراء حول الخطة المقترحة الضوء على الصعوبات التي تواجهها حكومة دياب التي تشكلت بدعم من جماعة حزب الله الشيعية، التي تساندها إيران، وحليفتها الشيعية حركة أمل والتيار الوطني الحر المسيحي بزعامة الرئيس ميشال عون- وهي تسعى لمعالجة أزمة ناجمة عن عقود من الفساد والهدر.

ويعارض رئيس البرلمان نبيه بري، زعيم حركة أمل، أيضا وبقوة أي خصم من الودائع المصرفية واصفا إياها بأنها "مقدسة".

أما الزعيم الدرزي وليد جنبلاط فقد اعتبر أن خطة الحكومة تستهدف "مصادرة أموال الناس".

من جهته قال سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية المسيحي إن المساس بالودائع غير مقبول بالمرة.

وتتوقع مسودة البرنامج الحكومي خسائر قدرها 83.2 مليار دولار في القطاع المصرفي نتيجة انخفاض قيمة الأصول التي في حيازة المصرف المركزي وانخفاض قيمة محفظة القروض المصرفية وإعادة هيكلة الدين الحكومي.

وتقول أيضا إن إعادة هيكلة على مراحل لميزانيات البنوك التجارية العمومية ستتضمن عملية إنقاذ كاملة من المساهمين الحاليين تتمثل في شطب رؤوس أموال بقيمة 20.8 مليار دولار، في حين تجري تغطية الباقي البالغ 62.4 مليار دولار من خلال "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين".

وتقول كذلك إن صندوقا خاصا سيعوض خسائر المودعين من المبالغ القادمة من برنامج سيرصد ويستعيد أصولا مكتسبة بشكل غير مشروع.

الشعب اللبناني يدف
المواطن اللبناني يدفع ثمن الفشل الحكومي 

ومع تفاقم أزمة كورونا يرى أغلب اللبنانيين أن الحكومة تسعى لاستغلال الوضع الطارئ الذي تمر به جميع بلدان العالم فبدل تنفيذ وعودها باسترجاع الأموال المنهوبة ومحاسبة المسؤولين الفاسدين أولاّ، تسعى للالتفاف على أموال الشعب والبحث عن تمويلات خارجية تبقى صعبة في ظل سيطرة حزب الله المفروض عليه عقوبات دولية أصلا على الحكومة.

وتوقع صندوق النقد الدولي الثلاثاء أن ينكمش النمو الاقتصادي في لبنان بنسبة 12 في المئة، محذرا من أن تكون التداعيات الاقتصادية لوباء فيروس كورونا أخطر نظرا إلى أنها تعتمد على العوامل يصعب التنبؤ بها، بما في ذلك مسارات المرض وإجراءات احتوائه.

واليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية تسجيل وفاة بالفيروس التاجي المستجد ما يرفع الإجمالي إلى 21 فيما تم تسجيل 9 إصابات جديدة لتبلغ حصيلة الإصابات 641.

وأفادت وكالة الانباء اللبنانية الرسمية الثلاثاء عن اتحاد المستشفيات العربية قوله إنه "برز في اليومين الأخيرين انفجار أزمة القطاع الاستشفائي في لبنان المهدد بالإقفال والإفلاس بسبب عدم سداد الدولة مستحقاتها للمستشفيات الخاصة والتي وصلت إلى 2000 مليار ليرة لم تدفع لها".
وأضاف أن ذلك يأتي في "أكثر المراحل دقة وخطورة وأشدها حاجة للطاقة القصوى للمستشفيات الخاصة إلى جانب الحكومية لمواجهة أزمة كورونا".
وأبدى الاتحاد "قلقه الشديد إزاء الوضع الذي وصل إليه قطاع الصحة مناشدا الدولة "للتحرك بسرعة لمد القطاع ببعض السيولة، والشروع في سداد مستحقات مالية متراكمة على مدى سنوات".
من جهته  قال ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش عبر صفحته على تويتر أنه "أطلع الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريس على المجالات ذات الأولوية التي يحتاج لبنان فيها للمساعدة الدولية الطارئة لمحاربة فيروس كورونا وتداعياته، بما في ذلك دعم اللبنانيين الأكثر احتياجا ودور الأمم المتحدة في تسهيل نشاطات مساعدة اللاجئين السوريين والفلسطينيين".