المحامون في تونس يضغطون على السلطة القضائية
تونس - ينفذ المحامون في تونس بداية من الاثنين المقبل سلسلة من التحركات الاجتجاجية يحملون خلالها الشارات الحمراء مع تنظيم وقفات أمام المحاكم، بناء على قرار هيئتهم الوطنية التي بررت قرارها بما أسمته بـ"التضييقات الممارسة ضد المحامين"، فيما يبدو أنها معركة ليّ أذرع ضد السلطة القضائية رغم أن الرئيس قيس سعيد أكد مرارا على استقلالية القضاء نافيا الدخول في أي مواجهة مع المحامين.
وقالت الهيئة في بيان أصدرته اليوم الأربعاء إن "مجلسها قرر حمل الشارة الحمراء بداية من الاثنين القادم وإلى غاية يوم الجمعة احتجاجا على تضييقات مسلطة على المحامين أثناء أدائهم لمهامهم".
ويرمز ارتداء الشارة الحمراء في تونس إلى الاحتجاج على أمر معين ولكن دون التوقف عن العمل.
وأعلنت النقابة أنها "ستنظم وقفات احتجاجية أمام قصر العدالة بتونس وبمقار جميع المحاكم الابتدائية يوم 18 سبتمبر/أيلول الجاري بالإضافة إلى مقاطعة التساخير العدلية التي تخص المحامين المكلفين من قبل المحكمة للدفاع عن متهمين لمدة أسبوع بداية من الـ16 من الشهر الجاري وذلك للمطالبة بإصلاح مرفق العدالة والاستجابة للمطالب المهنية للمحاماة التونسية في أقرب الآجال".
ولفت مجلس النقابة إلى "معاينته لانتهاكات جسيمة مسلطة على المحامين أثناء أدائهم لمهامهم من حرمان البعض منهم من حق الاطلاع على الملفات القضائية، وحق الترافع وحق زيارة موكليهم، والتضييق عليهم وتعمد إهانتهم والاعتداء عليهم والمساس بكرامتهم أثناء قيامهم بمهامهم لدى الوحدات الأمنية والسجنية، وتهديد البعض الآخر بالملاحقات والعقوبات الجزائية بمناسبة ترافعهم في بعض القضايا".
وأشار إلى "استمرار نقل القضاة وتعيينهم في خطط وظيفية أخرى بمجرد مذكرات عمل من وزيرة العدل، يمس باستقلالية القضاء وسيادة القانون"، وفق نص البيان.
وأكّد على "أن احترام حق الدفاع ليس مجرد إجراء قانوني شكلي بل هو ركيزة أساسية من ركائز المحاكمة العادلة"، داعيا جميع الجهات المعنية المتداخلة في الشأن القضائي "إلى وجوب التقيد والالتزام باحترام حق الدفاع وإجراءات المحاكمة العادلة والنزيهة".
وحمّل المجلس وزارة العدل مسؤولية ما وصفه بـ"الوضع المتردي الذي آل إليه وضع القضاء والمحاماة نتيجة اعتماد المماطلة والتسويف بعدم الجدية في الاستجابة للمطالب المشروعة للمحاماة".
ودعا إلى إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية باعتبارها الضمان للتعديل بين السلطات والحقوق والحريات المضمونة دستوريا.
واشتكى محامون خلال الآونة الأخيرة من عدم تمكنهم من الدفاع عن موكليهم بحرية مطلقة، متهمين السلطات بعدم احترام الإجراءات القانونية، خاصة فيما يتعلق بقانون الاحتفاظ، وقالوا إن المتهمين فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة" لم يطلق سراحهم رغم مرور 14 شهرا على اعتقالهم.
ومنذ فبراير/شباط 2023، أوقفت السلطات قيادات سياسية بتهم بينها "التآمر على أمن الدولة"، وهو ما تنفي المعارضة صحته.
وسبق أن نفذ المحامون في تونس اضرابا عاما في 13 مايو/أيار الماضي احتجاجا على اقتحام فرقة أمنية لمقر هيئة المحامين التونسيين،نقابة المحامين، لتنفيذ مذكرة توقيف في حق المحامية والمعارضة سنية الدهماني لإدانتها بنشر "أخبار كاذبة" إثر تعليقات ساخرة انتقدت فيها حال البلاد، وفقا لمحاميها..
وقضت محكمة الاستئناف في تونس الأربعاء بتخفيف الحكم الصادر بالسجن سنة في حق الدهماني إلى 8 أشهر.
ويقول الرئيس التونسي إن منظومة القضاء مستقلة وإنه لا يتدخل في عملها، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021.
ومن بين هذه الإجراءات حلّ مجلسي القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى سياسية هذه الإجراءات "انقلابا على دستور الثورة وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
ورفض سعيد الرضوخ لكافة الضغوط التي مارستها المنظمات المحلية والأجنبية وشدد في عديد المناسبات على ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه في الإضرار بمصالح البلاد أيا كان منصبه.