المحور القطري التركي يتهاوى في السودان وليبيا

نفوذ الدوحة وأنقرة ينهار بعد سقوط حكم البشير في السودان وقرب انتهاء حكم الميليشيات في طرابلس.
قطر تتابع بصمت معبر انهيار نفوذها في السودان
الرياض وأبوظبي تدعمان الشعب السوداني لاعادة الاستقرار
الامارات تدعم عودة الاستقرار في ليبيا وانهاء فوضى السلاح

أبوظبي - يرى محللون أن محور قطر تركيا يواجه خطر فقدان النفوذ في دول تشهد أزمات حاليا وتدخلات إقليمية، مثل السودان وليبيا.

وتراقب الدوحة، حليفة الخرطوم منذ زمن طويل، بصمت معبّر تطورات الأوضاع في السودان حيث يخوض الجيش الذي يتولى السلطة منذ إطاحته بالرئيس عمر البشير في 11 نيسان/أبريل مفاوضات شاقّة مع قادة الاحتجاج الشعبي.

وتلقى البشير الذي تولّى السلطة في 1989 إثر انقلاب دعمه الإسلاميون، لمدة طويلة مساعدات اقتصادية من قطر. بينما شكل السودان خلال حكم البشير نقطة انطلاق لتركيا للسعي لتعزيز وجودها في القارة الإفريقية.

ويقول الأستاذ في جامعة كينغز كولدج في لندن أندرياس كريغ إنّ "الدوحة فقدت إثر الثورة نفوذها في السودان".

الدوحة فقدت إثر الثورة نفوذها في السودان

ويضيف أنّ الرجل القوي الجديد في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، "تربطه علاقات وثيقة بأبو ظبي أكثر من الدوحة".

ووصل إلى جدة مساء الخميس نائب رئيس المجلس الانتقالي السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو، بحسب ما ذكر المجلس، من دون ان يعرف بعد هدف الزيارة.

وكانت الإمارات والسعودية أعلنتا في 21 نيسان/أبريل، بعد عشرة ايام على الإطاحة بالبشير، تقديم دعم مالي قيمته ثلاثة مليارات دولار للسودان.

وفي السنوات الأخيرة حصل تقارب بين أبوظبي والرياض، أكبر منافستين للدوحة، والقادة العسكريين السودانيين.

وأرسلت الخرطوم مئات الجنود للانضمام إلى قوات التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن منذ 2015 لدعم القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

نائب رئيس المجلس الانتقالي السوداني يلتقي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان
تقارب سعودي سوداني ينهي النفوذ القطري

ساحة معركة

وتخشى الرياض وأبوظبي من أن يؤثر انعدام الاستقرار في الخرطوم على الاستقرار في المنطقة المقبلة على كثير من التطورات والتداعيات.

ويشكل دعم الحركات الإسلامية المتطرفة، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين، أحد أبرز أسباب الخلاف بين قطر وجارتيها الخليجيتين.

وفي حزيران/يونيو 2017، قطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر علاقاتها مع الدولة الصغيرة الغنية بالغاز، متّهمة إياها بدعم الجماعات المتطرفة ونشر الفوضى في المنطقة.

متنفّس دبلوماسي

في طرابلس أيضا، يواجه النفوذ القطري التركي خطر الانهيار.

وتدعم الدوحة وأنقرة حكومة الوفاق الوطني المتهمة بربط علاقات مع جماعات ارهابية والتي تتخذ من طرابلس مقراً، بينما تدعم الرياض وأبو ظبي الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر الذي يشن هجوماً منذ مطلع نيسان/أبريل للسيطرة على طرابلس ودحر الميليشيات.

وبعد أن كانت الأمور تتجه في ليبيا الى عقد "الملتقى الوطني" في 14 نيسان/أبريل للبحث في "خارطة طريق" شن المشير خليفة حفتر هجوما لا يزال مستمرا في اتجاه طرابلس، ما أطاح بالمؤتمر وذلك لتحقيق حسم عسكري ينهي فوضى السلاح في ليبيا ويعيد الاستقرار لهذا البلد الذي مزقته الحرب.

وقال موفد الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة الأربعاء من نيويورك إن "ما بين ست إلى عشر دول تتدخل بشكل دائم في المشكلة الليبية" وتقوم بإدخال السلاح والمال وتقدم المشورة العسكرية لهذا البلد.

وتأتي تصريحات سلامة على خلفية قيام أنقرة بنشر حكومة طرابلس صورا لعشرات العربات المصفحة التركية الصنع التي قالت على صفحتها على فيسبوك أنها شحنات جديدة لمقاتليها.

وكانت الحكومة التركية قد فندت في وقت سابق إرسالها أي أسلحة للميليشيات المنضوية تحت حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج كما نفت الأخيرة أيضا ذلك.

لكن "لواء الصمود" الليبي، التابع إلى حكومة الوفاق، الذي يقوده القيادي العسكري المعاقب دوليا، صلاح بادي، نشر صورا عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، تظهر لحظة إنزال السفينة لشحنتها من المدرعات البالغ عددها تقريبا، بحسب المقاطع، من 30 إلى 40 قطعة، فيما توعد بالقتال بها وإحداث فرق على الأرض.

وتضمّنت هذه الشحنة من العتاد الحربي مدرعات من نوع "بي.أم.سي كيربي" التركية الصنع، وكمية من الصواريخ المضادة للدبابات، بالإضافة إلى بنادق قنص ورشاشات هجومية، وكميات من الذخائر والمتفجرات وقطع الغيار.

وأسفرت المعارك الدائرة بين قوات حكومة الوفاق وقوات حفتر عن مقتل 510 أشخاص على الأقل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وقال سلامة إنّ ليبيا المترامية المساحة والغنية بالنفط هي "مثال على التدخّل الأجنبي في نزاعات محلية".

ويرى الخبير في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في باريس كريم بيطار أنّ ليبيا والسودان أمّنتا لقطر "متنفّساً دبلوماسياً".

غير أنّ غيدير يعتبر أنّ "انخراط المملكة العربية السعودية والإمارات في ليبيا، وتقاربهما مع السودان، قد يحدّان من نفوذ قطر ويزيدان من عزلتها" في المنطقة.