المدنيون الأتراك في الصومال ضحايا السياسات التوسعية لأردوغان

مقتل سبعة أشخاص كحصيلة أولية وإصابة عدد من المهندسين الأتراك وأفراد من الشرطة الصومالية بعد استهدافهم بسيارة مفخخة قرب العاصمة.

مقديشو - يتحمل المدنيون والمتعاقدون الأتراك مسؤولية تورط بلادهم في ملفات عديدة في منطقة الشرق الأوسط  مرورا بشمال إفريقيا ووصولا الى منطقة القرن الإفريقي وحتى منطقة الساحل والصحراء.
وفي هذا الإطار قالت الشرطة الصومالية إن سيارة ملغومة انفجرت مستهدفة مجموعة من المتعاقدين الأتراك في مدينة أفجوي شمال غربي العاصمة مقديشو السبت.

وأعلنت الحكومة الصومالية مقتل 7 أشخاص على الاقل وإصابة 20 آخرون بجروح في المنطقة التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن مقديشو في وقت متأخر أمس الجمعة وتم صدهم.

وصرح المتحدث باسم الحكومة أن حركة الشباب تقف وراء الهجوم بعد إعلانها مسؤوليتها عبر وسائل إعلام تابعة لها، مشيرا إلى أن حركة الشباب استهدفت بالقتل مواطينين أتراك يقومون بشق طريق بين مقديشو وأفجوي.
وقال الشرطي نور علي من أفجوي "سيارة ملغومة مسرعة اقتحمت مكانا أثناء تناول مهندسين أتراك وأفراد شرطة صوماليين الغداء".
وأضاف في وقت لاحق "حتى الآن نعرف أن ثلاثة مهندسين أتراكا ومترجمهم أصيبوا. وأصيب أيضا رجلا شرطة في الانفجار".
وقالت وكالة الأناضول للأنباء المملوكة للدولة في تركيا نقلا عن معلومات من السفارة التركية في مقديشو إن الأتراك الأربعة المصابين في الهجوم يعملون في شركة بناء وإنهم يتلقون العلاج في المستشفى.
وكانت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة قد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات سابقة في إطار حملتها لإسقاط حكومة الصومال المدعومة من الأمم المتحدة.
وقال فرح عبد الله، وهو صاحب متجر من أفجوي "سمعنا انفجارا ضخما وبسرعة ظهرت سحب من الدخان في الهواء. قبل الانفجار كان هناك عدد من المهندسين الأتراك ورتل للشرطة الصومالية في المكان".
وأضاف "نرى ضحايا يجري نقلهم لكننا لا نستطيع معرفة إن كانوا قتلى أم جرحي".
وكانت حركة الشباب الاسلامية الصومالية تبنت الشهر الماضي اعتداء بسيارة مفخخة استهدف نقطة تفتيش في مقديشو موقعا 81 قتيلا بينهم تركيان.
وقال الناطق باسم الحركة علي محمد في رسالة صوتية حينها "ان المجاهدين شنوا هجوما، مستهدفين موكبا للمرتزقة الاتراك والمسلحين المرتدين الذين كانوا يواكبونهم".

هجوم سابق ادى الى مقتل تركيين
هجوم سابق ادى الى مقتل تركيين

وتُعدّ تركيا واحدة من المانحين والمستثمرين الرئيسيين في الصومال، وتقيم معه علاقات تاريخية. وتدير شركات تركية ميناء ومطار مقديشو.
وفي ايلول/سبتمبر 2017، افتتحت تركيا اكبر مركز تدريب عسكري اجنبي في الصومال. لكن هذا الحضور جعل مرارا من مصالحها ومواطنيها اهدافا لحركة الشباب.
ومنذ المجاعة التي وقعت في الصومال عام 2011، صارت تركيا مصدرا رئيسيا للمساعدات في وقت تسعى فيه أنقرة لزيادة نفوذها بالقرن الأفريقي في إطار منافسة مع دول اخرى لها نفوذ في المنطقة.
ويساعد المهندسون الأتراك في شق الطرق في الصومال. وكانت مجموعة من المهندسين من بين ضحايا انفجار وقع عند نقطة تفتيش في مقديشو في أواخر ديسمبر/كانون الأول مما أودى بحياة 90 شخصا على الأقل.
وأدانت وزارة الدفاع التركية بأشد العبارات، التفجير الإرهابي في الصومال حيث قالت الوزارة في بيان "ندين ونشجب بأشد العبارات التفجير الإرهابي الذي استهدف المدنيين الأبرياء في الصومال".
وشدد البيان على أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب أشقائها الصوماليين في مواجهة مصيبة الإرهاب.
وأعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجه، في تصريح، إصابة 6 أتراك و9 صوماليين في الهجوم وأن بين المصابين الأتراك اثنين في حالة حرجة، ويخضعان لعمليات جراحية.
وقال قوجه: "اثنان من مواطنينا و4 من الصوماليين المصابين جراء التفجير في حالة حرجة". 
وأضاف: "نحن على تواصل مع سفارتنا، وطائرة الإسعاف جاهزة للمغادرة إذا استدعت الحاجة".
ويسعى الاتراك الى دعم نفوذهم في القارة الإفريقية رغم الرفض المتصاعد من التدخلات التركية سواء في شمال افريقيا عبر الملف الليبي او بدعم تنظيمات ارهابية في منطقة الساحل.
وكانت الوكالة الفرنسية للأنباء كشفت الأربعاء عن تورط تركيا في إرسال أسلحة إلى تنظيم بوكو حرام في نيجيريا.

تركيا تورطت في دعم جماعات ارهابية في الساحل الافريقي
تركيا تورطت في دعم جماعات ارهابية في الساحل الافريقي

وأكدت "فرانس برس" في تقرير نشر الأربعاء أن فريق تقصّي صحّة الأخبار التابع لها تبيّن له أن ما ورد في فيديو تداوله بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا يوثق عملية ضبط أسلحة تركية مرسلة لبوكو حرام في نيجيريا.
ولأردوغان تاريخ طويل وحافل في دعم الإرهاب الذي بدأ بتنظيم الإخوان ووصل إلى التنظيمات الإسلامية المتشددة الأخرى والجهاديين، حيث حرص منذ بداية الحرب في سوريا على دعم وتسليح مجموعات وفصائل متشددة والترويج لها تحت مسمى "المعارضة السورية" لتعزيز النفوذ التركي في سوريا، ثم استخدم تلك المجموعات المسلحة في هجومه على الأكراد على الحدود التركية السورية في أكتوبر الماضي.
وبعد أن فشل في التدخل في السودان بعد سقوط نظام عمر البشير على اثر احتجاجات شعبية في 2019، توجهت أنظار أردوغان مؤخرا إلى ليبيا التي تشهد صراعا بين الجيش الوطني الليبي وميلشيات حكومة الوفاق التي دعمتها أنقرة سرا بالسلاح منذ سنوات.
وأواخر نوفمبر الماضي وقع أردوغان مذكرة تفاهم أمنية وعسكرية بين تركيا وحكومة الوفاق برئاسة السراج، تتعلق بالحدود البحرية أثارت غضب دول المنطقة التي حذرت من الأطماع التركية وتهديدها لأمن المتوسط.
ولتثبيت التواجد العسكري التركي في منطقة شمال إفريقيا والمتوسط حيث يدور سباق للتنقيب عن الغاز بعد اكتشافات ضخمة في السنوات الأخيرة، أعلن أردوغان في 5 كانون الأول/ديسمبر بدء نشر جنود أتراك في ليبيا، استناداً إلى الضوء الأخضر الذي منحه البرلمان التركي قبل ذلك أيام وإلى طلب حكومة الوفاق تدخل تركيا عسكريا لإنقاذ نفوذها في طرابلس.
وفي ديسمبر الماضي، كشفت تقارير إعلامية عن بداية تسفير مجموعات من المقاتلين التابعين "للمعارضة السورية" الذين كانت تدعمهم أنقرة في سوريا، إلى ليبيا عبر رحلات سرية من مطار إسطنبول.
ويرى مراقبون ان اردوغان يسعى الى نشر الفوضى في افريقيا لدعم نفوذ انقرة وذلك باستخدام الجماعات المتطرفة لكن يبدو ان المدنيين الأتراك يتعرضون بدورهم لتبعات تلك السياسات.