المشاورات تؤجل إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة في السودان

رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يؤكد تمسكه بتمثيل عادل للنساء في الحكومة الانتقالية مع اختيار أعضاء من التكنوقراط حسب الكفائة.

الخرطوم – قالت وسائل إعلام سودانية، اليوم الأربعاء، إن الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية الذي كان من المقرر أن يتم اليوم قد تأجل.

وذكرت صحيفة "الانتباهة" السودانية عن "مصادر رفيعة" أن إعلان تشكيل الحكومة الانتقالية تم تأجيله لمزيد من التشاور واستيفاء الخطوات القانونية الواردة في الوثيقة السياسية.

وأكد ذات المصدر أن سبب التأجيل يعود لعدم عرض قوى إعلان الحرية والتغيير قائمة الوزراء المقترحة على العسكريين في مجلس السيادة والتشاور معه، حيث تم تسليمها مباشرة إلى رئيس الوزراء وهو ما يخالف ما نصت عليه الوثيقة الدستورية الموقع عليها بين الطرفين.

وأوضح المصدر أن العسكريين في مجلس السيادة تلقوا الترشيحات مساء الثلاثاء وسيعكفون على دراستها اليوم ثم تسليمها للحرية والتغيير التي من المفترض أن تسلم رئيس الوزراء قائمة نهائية متفق عليها بين الطرفين.

ومن المتوقع أن تأخذ هذه الإجراءات بعض الوقت لإستيفاء الشروط بما في ذلك تقديم رئيس الوزراء لقائمته النهائية لمجلس السيادة لاعتمادها حسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية ثم اعلان تشكيل الحكومة.

وكان السودانيون ينتظرون الإعلان عن تشكيلة الحكومة الأولى بعد سقوط الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لمدة ثلاثين عاما، اليوم الأربعاء وهو ما يضع البلاد والمسؤولين أمام تحديات كبرى تتعلق بإنعاش اقتصاد منهار وإنهاء نزاعات داخلية.

ومنذ أسبوع تم تنصيب المجلس السيادي الذي تشكل بعد أشهر من حركة احتجاجية غير مسبوقة ونتيجة مفاوضات شاقة وبعد توترات واضطرابات أوقعت العديد من القتلى والجرحى.

وبموجب برنامج زمني اتفقت عليه أطراف الاتفاق التاريخي الموقع بين المجلس العسكري والحركة الاحتجاجية في 17 آب/أغسطس حول الانتقال في السودان بعد ثلاثة عقود من الحكم العسكري، يفترض أن تعلن تشكيلة الحكومة هذا الأسبوع.

ويفترض أن يختار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي سماه المجلس السيادي في 21 آب/أغسطس، أعضاء حكومته من الأسماء التي اقترحتها قوى الحرية والتغيير، رأس حربة الحركة الاحتجاجية.

وقال حمدوك “تسلمت الثلاثاء أسماء المرشحين المقترحين من قوى الحرية والتغيير”، موضحا أن لديه 49 اسما لـ14 وزارة. وأكد تمسكه “بتمثيل عادل للنساء”.

ويقود المجلس السيادي عسكري، ويتوزع أعضاؤه بين ستة مدنيين وخمسة عسكريين، ويفترض أن يحكم لثلاث سنوات ونيف في مرحلة انتقالية يفترض أن تؤدي إلى سلطة مدنية منتخبة.

سودان

وأكد حمدوك السبت إنه سيختار للحكومة أعضاء من التكنوقراط حسب “كفاءاتهم”. وقال “نريد فريقا متجانسا على مستوى التحديات”.

ويفترض أن تتألف الحكومة من عشرين عضوا على الأكثر يختارهم حمدوك، باستثناء وزيري الداخلية والدفاع اللذين سيعينهما العسكريون في المجلس السيادي.

ومن المقرر أن يعقد أول اجتماع للحكومة والمجلس في الأول من أيلول/سبتمبر.

ويقول المحلل السوداني عثمان الميرغني، رئيس تحرير صحيفة “التيار” المستقلة، إن “الحكومة ستتمتع بدعم شعبي كبير”.

ويضيف أن على الحكومة أن تركز على التوصل إلى اتفاقات سلام مع المجموعات المتمردة في المناطق التي تشهد نزاعات، وخصوصا تلك التي رفضت الاتفاق الانتقالي.

ويتضمن هذا الاتفاق الموقع من قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد إقالة البشير وتوقيفه في 11 نيسان/ابريل، الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية ويؤكد ضرورة التوصل إلى سلام مع المتمردين خلال ستة أشهر.

ووعد حمدوك “بوقف الحرب وبناء سلام دائم”.

وقاتلت مجموعات متمردة عدة في ولايات مهمشة وخصوصا دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، قوات عمر البشير لسنوات.

وقتل مئات الآلاف من الأشخاص في النزاعات الثلاثة ونزح ملايين. وما زال مئات الآلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات.

وتراجعت حدة نزاع دارفور الذي اندلع في 2003 لكن المتمردين ما زالوا ناشطين في مناطق أخرى.

التحدي الآخر الذي ستواجهه الحكومة هو الاقتصاد الذي انهار منذ انفصال الجنوب في 2011 ما أدّى إلى حرمان الشمال من ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية.

وأدى عقدان من العقوبات الأميركية بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان التي رفعت في 2017 إلى تفاقم الوضع، ويواجه البلد تضخما متزايدا ونقصا حادا في المواد الأساسية وكذلك في القطع الأجنبي.

وكان الوضع الاقتصادي السبب الرئيسي لبدء التظاهرات في كانون الأول/ديسمبر 2018 بعد قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.

وتحولت التظاهرات بسرعة إلى حركة احتجاج ضد البشير. وخلال الأشهر الثمانية لهذه التظاهرات قتل أكثر من 250 شخصا في عمليات قمع واستخدام القوة، حسب لجنة الأطباء المركزية القريبة من المحتجين.

وبقيت الاستثمارات الأجنبية ضعيفة بسبب إبقاء السودان على اللائحة السوداء للدول المتهمة بدعم الإرهاب. لكن حمدوك قال إن مناقشات تجري مع مسؤولين أميركيين لمعالجة الوضع.

وينتظر السودانيون الحكومة الجديدة بتفاؤل حذر.

وقال محمد أمين (32 عاما) الموظف في شركة خاصة “إنني أكثر تفاؤلا منذ أن قال رئيس الوزراء إنه سيختار وزراءه حسب كفاءاتهم”. وأضاف “سيتم امتحانهم عندما يعالجون هذه التحديات”.

ورأى المزارع محمد بابكر (65 عاما) أن إنعاش الاقتصاد سيكون مرتبطا بقدرة الحكومة على الاستفادة من موارد البلاد وخصوصا الزراعة.

وقال “إذا نجحوا في ذلك فسيكون الأمر مفيدا جدا من أجل استقرار البلاد”.