المصرف المركزي الليبي يتأهّب لتقييم مالي حاسم

الجمعية العامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستحدد مدى التزام ليبيا بعديد المعايير التي تشمل غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

طرابلس - لا يزال مصرف ليبيا المركزي يواجه تحديات صعبة في ظل تفشي الفساد المالي وغياب الشفافية، بينما ينتظر إصدار تقرير للفرع الإقليمي لفريق العمل المالي حول غسيل الأموال وتقييم مدى الالتزام المالي للبنك الليبي.
وأشار تقرير لموقع "أفريكا انتلجنس" الاستخباراتي الفرنسي إلى أن مستوى الفساد في ليبيا ما زال يثير القلق ولا تزال إدارة السلطات غير شفافة.
ووفق التقرير، ستقيّم الجمعية العامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقرير وحدة المعلومات المالية التابعة لمصرف ليبيا المركزي، لتحديد مدى التزام البلاد بالمعايير الأساسية المطلوبة من قبل الهيئة الحكومية الدولية، والتي تشمل غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتنفيذ العقوبات المالية المستهدفة إلى جانب الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة.
ويعتبر المصرف المركزي الليبي رأي مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية بالغ الأهمية، إذ يعوّل محافظ المصرف الصديق الكبير على أن يُسمح لليبيا بالانضمام إلى المجموعة إلى جانب دول مثل فلسطين وسوريا واليمن والسودان رغم أن الأمر يبقى مستبعدا بسبب الوضع السياسي والأمني الراهن في المنطقة.
ويُراقب تقييم مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال عن كثب من قبل الأسواق المالية، حيث كانت ليبيا تأمل منذ سبع سنوات في تغيير هذا الوضع والانضمام إلى مجموعة التقييم المتبادل، وقد تقدمت بطلب خلال اجتماع عام في عام 2017 لكن تم رفضه.
واعتبرت مجموعة العمل أن التقييمات كانت في ذلك الوقت لا تزال صعبة للغاية، كما أن المخاطر التي ينطوي عليها الأمر عالية بالنسبة لمصرف ليبيا المركزي.
ورغم بعض المؤشرات على مدى نجاح المصرف الليبي في تطبيق قواعد الامتثال إلا أن صندوق النقد الدولي سبق أن أشار إلى أن الجهود المبذولة محدودة من حيث الشفافية وتطبيق قواعد حسن السلوك، في ظل استمرار الانقسام السياسي بين حكومتين متنافستين في البلاد.
ويعمل المصرف المركزي على تعزيز الإطار الإشرافي من خلال إصدار توجيهات تسمح للبنوك بزيادة رأس مالها وتعزيز وحدة المعلومات المالية والشمول المالي من خلال تحسين المدفوعات الإلكترونية.

كما أطلق في أوائل عام 2022 عملية لإعادة توحيد المؤسسة المصرفية وتم الإعلان عن إنهاء الانقسام في أغسطس/آب 2023.

في المقابل لا تزال إدارة البنوك في الشرق الليبي، وهي تحت سيطرة قائد الجيش خليفة حفتر غامضة، حيث تواصل طباعة الأوراق النقدية دون موافقة مجلس إدارة المصرف المركزي مما يمثل خطراً كبيرًا من الاختلاس ويصعب تحديد أصلها.
وقد وصلت هذه الأوراق النقدية الجديدة إلى السوق الليبية بالإضافة إلى تلك التي طلبها البنك المركزي الشرقي، الذي وافق على طباعة 18 مليار دينار ليبي (حوالي 3.7 مليار دولار) حتى عام 2020، وفقاً لمجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة.
وانعكست الانقسامات في المؤسسات السيادية في ليبيا على الوضع الاقتصادي في البلد الغني بالنفط والذي يعاني من صراعات مسلحة وسياسية منذ الإطاحة بحكم نظام معمر القذافي في عام 2011.
وأحد أهم تلك المؤسسات التي أضر انقسامها بالاقتصاد هي المصرف المركزي الذي انقسم في 2014 وتولى شخصان منصب المحافظ أحدهما مارس مهامه من العاصمة طرابلس (غرب) والثاني في البيضاء (شرق). ليتم إعادة توحيده وإعلانه كمؤسسة سيادية واحدة بعد مرور 9 سنوات في 20 أغسطس/ آب 2023.
وأظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي الأخيرة انخفاضا ملحوظا في استخدامات النقد الأجنبي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت قيمة التراجع أكثر من 684 مليون دولار، بنسبة 7.8 بالمئة، كما أنه تصدر قائمة المصارف الأكثر بيعا للنقد الأجنبي بنسبة 16.6 بالمئة، بقيمة تخطت 1.33 مليار دولار.
وأعلن المصرف  تحصيل 7.6 مليار دينار من الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي، الذي جرى تطبيقه رسميا في مارس/آذار الماضي.